الفصل الرابع
نصائح أبوية إلى شباب الإسلام
في دراستي السابقة التي نشرتها مجلة " الأمة " في رمضان سنة 1401هـ عن " صحوة الشباب الإسلامي " وما أخذ عليها من سلبيات بجوار مالها من إيجابيات أكدت في ختامها حقيقتين:
الأولى: أن هـذه الظاهرة ظاهرة صحية وطبيعية، ودلالتها واضحة، فهي عودة إلى الفطرة، ورجوع إلى الأصل، والأصل في ديارنا هـو الإسلام، مهما شرد عنه الشاردون، أو ضلل عنه المضللون، منه المبتدأ، وإليه المنتهى، وفي ساعة العسرة واشتداد الكربة، والتباس السبل، وغلبة اليأس، لا يجد الناس هـنا إلا دينهم، يهرعون إليه، ويلوذون به، يستمدون منه روح القوة، وقوة الروح، وحياة الأمل، وأمل الحياة، ونور الطريق، وطريق النور. [ ص: 201 ]
وقد جربت مجتمعاتنا الحلول المستوردة من الغرب والشرق، فلم تحقق أملها المنشود في تزكية الفرد، ورقي المجتمع، ولا في صلاح الدين، وعمارة الدنيا، ولم تجن من ورائها إلا النكسات والتمزق الذي تشهد آثاره اليوم.
فلا غرو أن يتجه الرأي العام في أقطار أمتنا إلى التنادي بحتمية الحل الإسلامي، وتطبيق الشريعة الإسلامية في كل مجالات الحياة، وأن يأخذ الشباب في هـذا المجال دورهم الذي يمثل القوة والاندفاع، ولا يؤمن بلين السياسة، ولا بسياسة اللين.
والأخرى: أن ظاهرة التشدد والصرامة عند هـؤلاء الشباب لا تعالج بالعنف، ولا تقابل بالتهديد، فالعنف لا يزيدهم إلا تشددا، والتهديد لا يزيدهم إلا إصرارا، كما لا تعالج بالتشكيك والاتهام، فإن أحدا لا يستطيع أن يشكك في إخلاص هـؤلاء الشباب و صدقهم مع ربهم، ومع أنفسهم.
وإنما تعالج حقا بالاقتراب منهم، وحسن التفهم لمواقفهم وأفكارهم، وحسن الظن بنواياهم ودوافعهم، والعمل على إزالة الفجوة بينهم وبين المجتمع الذي يعيشون فيه، وإجراء الحوار العلمي بالحسنى معهم، حتى تتضح المفاهيم، وتزول الشبهات، ويتحرر موضع النزاع، ويعرف المتفق عليه من المختلف فيه.
التالي
السابق