المأسـاة الواقعة اثنا عشر سنتا أمريكيا؛ أي ما يعادل -نصف ليرة لبنانية تقريبا- تكفي لشراء كمية فيتامين (أ) تقي طفلا من هـذا المرض لمدة عام كامل، ولا حاجة لشراء هـذا الفيتامين إذا كان في طعام الأولاد اليومي بعض
[ ص: 87 ]
- صورة لمصابين بالمرض
نشرت مجلة (صحة العالم) هـذه الصورة في كانون الثاني (يناير) ،1981م، وكتبت تحتها: (اثنان من ضحايا مرض عمى الأنهار في غربي أفريقيا يرتلان آيات من القرآن الكريم)
[ ص: 88 ] الخضراوات ذات الأوراق الخضراء. فإذا أردنا وقاية كل أطفال وأولاد إقليم الشرق الأوسط المسلم المصابين بنقص التغذية -وهم حوالي ستين مليونا- بإعطائهم كلهم فيتامين (أ) لما احتجنا لأكثر من دولار لكل عشرة منهم؛ أي ما مجموعه ستة ملايين دولار أمريكي، فهل هـذا كثير لوقاية المسلمين من العمى؟
بعض أثريا المسلمين ينفقون على بعض الأمور والهوايات التافهة ما يكفي لإنقاذ أطفال المسلمين من العمى وزيادة.
ويمكن مكافحة أمراض العين الالتهابية -بما فيها التراخوما- وشفاؤها بكلفة أقل من دولار أمريكي واحد للفرد، وإذا كانت هـذه تسبب العمى لتسعة ملايين شخص في العالم كله، وإذا بالغنا وافترضنا أن خمسة ملايين منهم من المسلمين يكفينا خمسة ملايين دولار، لو صرفت في حينها لأنقذنا الملايين الخمسة من العمى.
ولقد نقلت الأخبار أن مصاريف إقامة وعلاج المرضى العرب في عاصمة أوروبية كان في السبعينيات (800) مليون دولار في العام، وتتوقع السلطات هـناك أن يتضاعف هـذا الرقم في أوائل الثمانينيات
>[1] .
فإذا صرف عدد قليل من المرضى العرب الأغنياء (لا يتعدى عددهم المائات أو حتى اللوف) ثمانمائة مليون دولار في العام ربما لتخسيس الوزن، ومداواة السمنة، والإفراط في حياتهم الخاصة؛ أكلا وشربا وتناسلا ورفاهية وتخمة، أقول: إذا صرف هـؤلاء العرب أو
[ ص: 89 ] صرفت عليهم حكوماتهم هـذا المبلغ الهائل ألا يستطيعون -أو تستطيع حكوماتهم- صرف عدة ملايين من الدولارات لمداواة عشرات الملايين من المسلمين المصابين بأمراض العمى الثلاثة؛ لنقي أولا إخوتنا في الله العمى وضعف البصر؟ لا بد أن يكون جواب أي مسلم عاقل على هـذا التساؤل: نعم يستطيعون هـم، ويستطيع رعاتهم، فأين الذين يخافون الله أن يسألهم، إن نفقت شاة من العطش في العراق، حاسبهم يوم القيامة؟
اللهم إن هـذا ظلم يحيق بملايين الفقراء من عبادك فمتى يتذكر ذوو السعة
( الحديث القدسي: قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم : يقول الله عز وجل: وعزتي وجلالي لأنتقمن من الظالم في عاجله وآجله، ولأنتقمن ممن رأى مظلوما يقدر أن ينصره فلا يفعل ) >[2] .
ذكر (
بيريز دي كويلار ) السكرتير العام للأمم المتحدة أن العالم سينفق عام 1983م
>[3] على السلاح ثمانمائة ألف مليون دولار (800.000.000.000) فقط لا غير.
[ ص: 90 ] (وكانت حصة الشرق الأوسط من الأسلحة التقليدية فقط عام 1982م أكثر من نصف مبيعات الدول المصدرة. ولقد ذكر التقرير السنوي الرابع عشر الذي أصدره معهد أبحاث السلام (سبيري) : إن إجمالي الصادرات العالمية من الأسلحة قدر بـ: 8448 مليار دولار عام 1982م، دفع الشرق الأوسط منها (4584) مليار دولار (أسعار عام 1975م) ، وكانت دول الشرق الأوسط قد اشترت عام 1981م بـ (4287) مليار دولار من إجمالي (8917) مليار، وفي عام 1980م اشترت بـ (4926) مليارا من إجمالي (9542) مليار؛ وتصدرت الدول العربية الدول المستوردة للأسلحة في الشرق الأوسط؛ حيث بلغ إجمالي نفقات التسلح في هـذه المنطقة في العام الماضي (53.3) مليار دولار.
فإذا صرف الشرق الأوسط
>[4] -باستثناء إسرائيل- أكثر من خمسين ألف مليار دولار على التسلح، أما كان باستطاعته صرف (5 - 6 ملايين دولار) فقط لوقاية ستين مليون طفل مسلم من العمى؟
الأمر المؤسف حقا هـو أن ميزانية وزارة الصحة في كل دول العالم الثالث تقريبا ليست من الأولويات، لذا فهي في ذيل القائمة من حيث المخصصات مقارنة ببقية الوزارات.
[ ص: 91 ]