جماعة المسلمين
من الخطأ العقيدي والتاريخي والحضاري الاعتقاد بأن الإسلام حكرا على جماعة بعينها إلى درجة تعلن معها أنها جماعة المسلمين أو أنها تمتلك الحق المحض وغيرها يعيش على الباطل المحض. ومن هـنا يبدأ الانحراف وتتسع
[ ص: 40 ] زاويته ويبدأ التعسف في إصدار الأحكام على الناس إلى درجة قد تصل إلى تكفير من لا ينسلك في طريقها ولا يرى رأيها، كما أن الإسلام ليس حكرا على طائفة أو حزب أو جنس بشري وإنما هـو دين الله الخاتم ورسالته الخالدة للبشرية جميعا وأن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هـو وحده محل القدوة والأسوة ومصدر التلقي.
قال تعالى:
( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) (الأحزاب: 21) وأن أي إنسان أو جماعة أو طائفة أو جنس بشري لا يمتلك ذلك، مهما علا شأنه، فإنه يبقى متبعا وليس بمبتدع، ويبقى الإسلام هـو الحاكم على سلوكه ولا يجوز بحال من الأحوال أن يكون سلوكه هـو المنهج والمقياس، وأن نصيب المسلمين أفرادا وجماعات من نصرة الإسلام متفاوت بمقدار ما يقدم كل منهم للدعوة وبمقدار ما يقترب بسلوكه من المثل الأعلى محمد صلى الله عليه وسلم .
والإسلام دين جماهير الأمة وأمل الجماهير وهدفها والله تعالى يقول:
( إنما المؤمنون إخوة ) (الحجرات: 10) والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:
( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ) من هـنا يمكن القول:
إن الجماعات والجمعيات التي تدعو للإسلام ليست مراكز احتكارات له بعيدة عن جماهير الأمة ومنفصلة عن جسمها وهدفها، وإنما هـي مجموعات ترجو أن تكون أكثر كسبا للقضية الإسلامية وأشد اهتماما بها، يجب أن تكون مراكز متقدمة تتمثل الإسلام وتعطي أنموذجا عمليا للحياة الإسلامية، وتدرب على المعاني الإسلامية، وتمثل الإسلام بصورة عملية لتغري بسلوكها الجاهلين بحقيقة هـذا الدين وتكون لهم دليلا ومرشدا ولا تحتكر الخير وتنتهي إلى تشكل غريب في جسم الأمة بعيد عن حمل أهداف الجماهير المسلمة والدفاع عنها، والتحمل في سبيلها متمثلة قوله تعالى:
( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هـم المفلحون ) (آل عمران: 104) .
[جمادى الأولى: 1404هـ - شباط (فبراير) : 1984م]
[ ص: 41 ]