التعسف في التفسير الإسلامي والتعصب الحزبي
وقد يكون السبب: الخطأ في الأصل: التسليم بعصمة الأشخاص أو في مشكلة الولاء للأشخاص، التي لا بد لها من فلسفة ومبررات ملازمة لاعتقاد عصمتهم عن الخطأ، فيصبح غاية الجهد إيجاد المبررات ونفي الأخطاء، أمرا لازما للصورة، فلا بد من الحفاظ عليهم، أحسنوا أم أساءوا، الأمر الذي يكرس الخطأ، ويوقف المناصحة، ويستبدل بالناصحين غيرهم ممن لا يزالون في مرحلة التمييز ودون سن الرشد.
وقد يكون السبب هـو التعسف في التفسير الإسلامي، ذلك أن بعض الجماعات والأشخاص قد تعرض لهم ظروف خاصة في أزمان خاصة فيحاولون تفسير الإسلام وإسقاط مدلول آياته وأحاديثه على ظروفهم والقطع بما ذهبوا إليه، وعدم الاكتفاء بذلك وإنما تعميم هـذا التفسير على عالم المسلمين وعالم العاملين للإسلام بشكل عام والذي لا يرى تفسيرهم هـذا يمكن أن يكون خارجا عن الطاعة ومفارقا للجماعة التي نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنه، إلى درجة قد تستبيح دمه.. [ ص: 50 ]
وبالمناسبة يجب أن لا يغيب عن بالنا أنه من العلل الكبيرة التي أصابت أصحاب الأديان السابقة، لتكون لنا وسائل إيضاح وتجربة، فلا نقع بما وقعوا فيه، إنما كانت بممارسة الإرهاب الديني والتحكم بمصائر الناس، ومطاردة الأفكار المخالفة وتحريق كتبها، وإن أمكن قتل أصحابها، إلى درجة غيبت الحقيقة وأظهرت الخرافة..
وقد يكون من أسباب تكريس الخطأ: وقوع بعض النماذج في العمل الإسلامي في حمأة التعصب الحزبي نتيجة لضغط المجتمعات وردود الأفعال، وتحويل الآراء الاجتهادية إلى مذاهب سياسية، والتجمعات الإسلامية إلى طوائف حزبية.. أو بمعنى آخر الارتكاس في مدلول المناصرة والعودة إلى المفهوم الجاهلي بسبب من غفلة وغياب للبعد الديني الإيماني، وبذلك يكرس الظلم ويكرس الخطأ، وينتصر بعضنا ويتحزب لمن يواليه مظلوما أو ظالما بدل أن يأخذ على يديه.
وقد أشرنا سابقا أنه من الخطأ العقيدي والتاريخي والثقافي والحضاري، والدعوي، إن صح التعبير، ربط الإسلام بجنس أو لون أو عرق أو جماعة أو جيل أو زمان معين، وإنما لا بد من التأكيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم وحده هـو محل الأسوة والقدوة الذي تربى على عين الله عز وجل وتسديد وحيه؛ وأن القيم هـي المقياس وليس الأشخاص، والسبيل إلى الصواب والتصويب أن نعرف الحق لنعرف رجاله، وأن يبقى ميزاننا الحق وليس الرجال..
[جمادى الآخرة: 1404هـ - آذار (مارس) : 1984م] [ ص: 51 ]
التالي
السابق