من مرحلة المبادئ إلى مرحلة البرنامج
إن الخطورة كل الخطورة تكمن في عملية التوقف عند حدود هـذه الخطوة، خطوة الاكتفاء بالإيمان بالإسلام مبادئ ومثلا ثم الاسترخاء وخداع النفس بالأماني والاستسلام لنوم عميق، وعدم القدرة على تجاوز هـذه الخطوة إلى مرحلة ترجمة المبادئ إلى برنامج، أو بعبارة أخرى: الانتقال بالدعوة الإسلامية من مرحلة المبادئ إلى مرحلة البرنامج، الانتقال من مرحلة الخطب وزعامة المنابر إلى مرحلة الخطط ودراسة الاحتمالات ووضع الحسابات الدقيقة لكل حركة، أي: وضع الخطط المرحلية على ضوء رؤية شاملة للظروف المحيطة والإمكانات المتاحة، وإعطاء الزمن الكافي لإنضاج كل مرحلة وعدم استعجال الثمرة، ولا يتحقق هـذا إلا بالإدراك الكامل لمفهوم الوسع في التكليف القرآني
( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) (البقرة: 286) حيث لا يجوز أن نكلف أنفسنا بما لا يكلفنا الله به، فنقع في إحباطات وارتكاسات تعيق نمو العمل وتقوده إلى المهالك وتقتل الأمل في نفوس الجماهير المسلمة.
لا بد من الالتزام بمصلحة وحركة هـذه الجماهير التي آمنت بمبادئ الإسلام، والاعتراف بأنها مرحلة الاختبار الصعب، ذلك أن المبادئ أثبتت مصداقيتها تاريخيا، وكان دورنا تجديد ذاكرة المسلمين تجاهها، لكن يبقى اختبارنا الصعب هـو ترجمة هـذه المبادئ إلى برامج، والآراء إلى مواقف وهو الوجه الآخر للقضية.
[ ص: 56 ]