القرن العشرون وسيطرة العبثية
أما في القرن العشرين فقد سيطرت العبثية وفقد اليقين الديني، ونجحت جهود حركة الإحياء الأوروبية في عزل الأجيال الصاعدة عن النصرانية، حتى قال "
أندريه مالرو " في كتابه: (إغراء الغرب ) عام 1925م: " في اللب من الإنسان الأوروبي ثمة عبثية جوهرية تسيطر على اللحظات الكبرى في حياته. "
>[1] .
[ ص: 33 ]
وقد عبرت مسرحيات اللامعقول مثل: (أسطورة سيزيفوس - 1942م ) لـ "
كامي " عن خيبة الأمل وضياع اليقين، والتي تظهر انعدام المعنى وضياع المثل التي تميز هـذه المرحلة من تاريخ الحضارة الغربية (النصف الأول من القرن العشرين )
>[2] .
وقد أثر المسرح الغربي كثيرا في مجال نقد القيم الدينية في القرن العشرين؛ حتى عبر عن هـدفه "
دبليو. أ. أرمسترونك " بقوله: ( ... إن كتاب المسرح قد جعلوا منه مركز تجمع لصراع الخيال البشري الدائم ضد القناعة الدينية، وعدم الاكتراث الخلقي والإمعية الاجتماعية )
>[3] .
فلا غرابة إذا ما عانت حضارة الغرب من الخواء الروحي والإفلاس القيمي؛ مما يعرضها للسقوط كما عبرت دراسات الناقد "
كولن ولسن " في (اللامنتمي ) و (سقوط الحضارة ) .
ولا تزال الآداب الأوروبية حتى الآن ملتصقة بالأساطير اليونانية التي حظيت بالتحليل النفسي والأشكال الفنية الحديثة؛ كما تظهر في مجموعات "
سارتر " و "
كامي " الأدبية، والأهم من ذلك أن قيم الحياة اليونانية والرومانية، وما تحمله من عنصرية وصراع وحب للقوة
[ ص: 34 ] وانغماس في المادة صارت نتيجة حركة الإحياء سمتا للحضارة الغربية المعاصرة، والتي لم تعد النصرانية تمثل فيها أكثر من صبغة باهتة أمام الألوان الفاقعة للمادية المهيمنة.