[1] المشكلة الاجتماعية
إن النذر بتهدم الأسرة الإسلامية التي عاشت أربعة عشر قرنا لم تعد تخفى على أحد من العقلاء والمفكرين.. وإن صور الحياة الغربية
[ ص: 45 ] أخذت تستهوي الكثيرين وخاصة بعض الدارسين في الجامعات الغربية أو العاملين في الغرب، ولا شك أن توعية الجماهير - وليس تنبيه المثقفين فقط والحوار معهم - بأهمية بقاء الأسرة وأخطار تمزقها يبدو ضروريا لتدعيم وجودنا الاجتماعي.
وقد بات من الضروري التأكيد على انتكاسة العلاقات الاجتماعية في ظل الحضارة الغربية بصورة خطيرة، خاصة في العقود الأخيرة من القرن العشرين، حيث صارت الحرية الجنسية تخترق حتى الأعراف والقيم التي اتفق عليها البشر على اختلاف أديانهم وبيئاتهم، مما يدل على أنها أصول فطرية، مثل: تحريم العلاقات الجنسية بين ذوي الأرحام القريبة... فقد أوصت لجنة من القضاة والمحامين الإنكليز بتعديل قانون المخالفات والجنايات الجنسية بالشكل الذي لا يحرم العلاقة بين الأشقاء إذا كان الطرفان فوق سن الواحدة والعشرين!
وجاء في تقرير اللجنة التي شكلتها الحكومة لمراجعة القانون قولها: " إن تقديم الكبار في مثل هـذه الحالات إلى المحاكمة ينطوي على قسوة لا ضرورة لها " .
ومن التوصيات الأخرى أن اللجنة تقترح محاكمة الزوج بجناية هـتك العرض - أو الاعتداء - إذا أصر على ممارسة حقه الزوجي مع زوجته (المنفصل عنها ) دون رضاها! وتوصي اللجنة بزيادة الحد الأقصى
[ ص: 46 ] لعقوبة هـتك العرض من سبع سنوات إلى السجن مدى الحياة
>[1] .
ولا شك أن سائر القرارات مبنية على مبدأ حرية الفرد بصرف النظر عن أية اعتبارات أخرى، وحتى لو تمثلت في العودة إلى حياة الغابة حيث تنزو الحيوانات بعضها على بعض دون قانون!
إن هـذه التوصيات لم تصدر عن رعاع يتسكعون في الطرقات، ولا عن دور بغاء محترفة.. بل عن قضاة ومحامين تشعب رءوسهم بالفلسفة المادية وأفكارها ومعطياتها؛ فارتكسوا إلى هـذا المستوى في التفكير والتصور للإنسان وعلاقاته.. وما ذاك إلا لبعدهم عن هـدى الله وانقيادهم للأهواء:
( ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما ) (النساء:27 ) .
وقد ظهرت نتائج هـذه الشجرة الخبيثة سريعا في مجتمعات الحضارة الغربية؛ فأحدث الإحصاءات تقول: إن أكثر من ثلث مواليد عام 1983م في نيويورك هـم " أطفال غير شرعيين " أي أنهم ولدوا خارج نطاق الزواج، وأكثرهم ولدوا لفتيات في التاسعة عشرة من العمر
[ ص: 47 ] وما دونها، وعددهم (112353 ) طفلا أي 37% من مجموع مواليد نيويورك!!
>[2] .