المبحث الثالث: البنوك الإسلامية الخاضعة للقوانين المصرفية التقليدية
أولا: المصرف الإسلامي الدولي في الدانمرك
بتاريخ 12 / 10/1978م تم تأسيس المصرف الإسلامي الدولي (شركة قابضة) في لوكسمبورج بهدف تأسيس أول بنك إسلامي في الغرب؛ للعمل كمراسل للبنوك الإسلامية بالدرجة الأولى، ولخدمة الجاليات الإسلامية في الغرب بالدرجة الثانية.
وقد حاولت الشركة القابضة الحصول على ترخيص بتأسيس هـذا البنك من عدة دول غربية ولكن محاولاتها لم تؤد إلى نتيجة؛ بسبب حداثة العهد بنظم البنوك الإسلامية التي لم يكن قد مضى على أقدمها أكثر من عامين، ولعدم اقتناع السلطات المصرفية في هـذه الدول – شأنها شأن السلطات المصرفية في البلاد الإسلامية حينئذ – بإمكان نجاح هـذه البنوك.
وكان من ضمن الاتصالات التي بدأتها الشركة القابضة مبكرا منذ سنة 1979م، التعرف على إمكان إقامة هـذا البنك في الدنمارك ، وأمام ردود الفعل السلبية في البلدان الأخرى والظواهر المشجعة في الدانمرك قدم طلب الترخيص في 15/4/1981م، وصدر التصريح المبدئي في 10 / 9/1982م، وبعد استكمال الشروط الواردة به صدر التصريح النهائي في 17/2/1983م. وافتتح البنك بالفعل في 18/4/1983م. [ ص: 54 ]
وخلال الفترة منذ تقديم الطلب وحتى بدء النشاط الفعلي كانت الاتصالات والأبحاث مستمرة مع السلطات الحكومية ومع المستشارين المصرفيين والقانونيين والمحاسبين الذين استعانت بهم الشركة القابضة في هـذه المرحلة، ثم مع المدير العام للبنك بعد تعيينه في 18 / 11/1982م، وذلك بغية توضح الطريقة التي يمارس بها البنك نشاطه كبنك إسلامي في إطار القوانين المصرفية الدانمركية.
ويمكن تلخيص هـذه المفاوضات والترتيبات على النحو التالي:
في اجتماعي 22/3/1982م، 21/7/1982م في مقر رقابة البنوك، كان أساس التفاهم هـو التأكيد من جانب السلطات على عدم إمكان إعفاء البنك من القوانين المصرفية، السارية المفعول، والتأكيد من جانب الشركة القابضة على إمكان مباشرة العمل المصرفي الإسلامي ضمن إطار القوانين المصرفية السارية، وعلى أساس هـذا التفاهم الصريح اتفق على أن تقدم إدارة البنك النماذج التي تعدها إلى سلطات الرقابة لاعتمادها قبل البدء باستعمالها، وبذلك أصبحت مهمة الشركة القابضة وإدارة البنك هـي استحداث أدوات العمل المصرفي التي تتفق مع الشريعة الإسلامية ولا تخالف القوانين المصرفية وكانت أول مسألة حصلت على موافقة السلطات أثناء هـذه الاجتماعات هـي علاقة البنك بالمودعين؛ على أساس أن من حق المودع عدم أخذ فائدة على وديعته، ومن حق المساهمين (الشركة القابضة في هـذه الحالة) إشراك المودعين معه في الأرباح وفق صيغة يتفق عليها.
وقد اقتضى هـذا الترتيب بطبيعة الحال بعض الوقت والجهد للتوصل إلى الصيغ المناسبة لتسيير أعمال البنك ضمن إطاريه الإسلامي والمصرفي الدانمركي، وخلال هـذه الفترة كان يتم فصل الحسابات غير المتفقة مع الشريعة الإسلامية وفقا لصيغة مقررة، كما كان يتم تدقيق أعمال المصرف من الناحية الإسلامية لمعرفة مدى التقدم في أسلمة عملياته والتعرف إلى العقبات التي تصادف التطبيق لمحاولة إيجاد حلول لها. [ ص: 55 ]
وفيما يلي التطور الحادث من هـذه الناحية في نسبة العمليات المقبولة شرعا إلى مجموع عمليات البنك منذ بدء عملياته في 18/4/1983م
1983م 1984م 1985م في جانب الالتزامات %87.1 %99.2 %98.5 في جانب الأصول %66.7 %82% 87.4 في جانب الدخل %00.8 %53.6 %78.2
هذا وقد تم تكليف المستشار الشرعي للبنك القيام كذلك بوظيفة المدقق الشرعي ضمن إطار التدقيق الداخلي كما يسمح بذلك القانون الدانمركي، ووافقت السلطات على هـذا الإجراء الذي يتيح تسهيل تدقيق عمليات البنك من الناحية الشرعية، دون خرق القواعد السرية التي تحكم عملياته.
كما قاربت مجموع الصيغ المصرفية الإسلامية التي يستعملها البنك حاليا العشرين صيغة، وهي جميعا متفقة مع الشريعة الإسلامية، ومع القانون المصرفي الدانمركي.
ثانيا: البركة الدولية المحدودة
في 11/3/1981م أنشئت في المملكة المتحدة شركة مساهمة مقفلة باسم ((هارجريف سيكيوريتيز ليمتد)) برأس مال قدره مائة جنيه إسترليني.
وبعد حصول الشركة على ترخيص تلقي الودائع من البنك المركزي الإنجليزي، بيعت أسهم الشركة إلى السيدين صالح عبد الله كامل وحسين محسن الحارثي أصحاب شركة البركة للاستثمار والتنمية في جدة.
وبتاريخ 12 / 10/1981م. قررت الجمعية العمومية رفع رأس المال من مائة جنيه إلى 10 ملايين جنيه. [ ص: 56 ]
وبتاريخ 2 / 11/1982م. قررت الجمعية العمومية:
1 – رفع رأس المال المصرح به مرة أخرى إلى 100 مليون جنيه إسترليني.
2 – تغيير اسم الشركة إلى ((البركة الدولية المحدودة)).
3 – تعديل النظام الأساسي فيما يخص أغراض الشركة؛ بحيث تشمل كافة العمليات المصرفية والمالية والاستثمارية والتجارية والعقارية... إلخ وتضمنت فقرة خاصة من هـذه المادة (3) أن الشركة تباشر جميع أنشطتها وفقا للشريعة الإسلامية وبما لا يتعارض مع القوانين أو اللوائح المحلية أو أي طلبات من أي سلطة مختصة بتنظيم أو رقابة عمل الشركة.
ووفقا لميزانية 31/3/1984م فلم يكن البنك المركزي قد صرح للشركة بتنفيذ زيادة رأس مالها إلى أكثر من 5 ملايين جنيه.
كما أن سياسة البنك المركزي البريطاني الفعلية والمعلنة لم تسمح حتى الآن بأي أنشطة مصرفية إسلامية للمؤسسات الحاصلة على ترخيص البنوك، أو مؤسسات تلقي الودائع، إذ إن النشاط الذي تقوم به البنوك الإسلامية يقع تحت نظم استثمارية ومالية أخرى خلاف النظام المصرفي في إنجلترا . (تصريح محافظ البنك المركزي أمام جمعية المصرفيين العرب في 2 / 10/1984م). [ ص: 57 ]
التالي
السابق