3 - الكرامة .. والكرامة كالمعجزة من حيث إنها أمر خارق للعادة، خارج عن مألوف البشر، إلا أنها غير مقترنة بدعوى النبوة، وغير مرتبطة بزمن النبوات، فهي خوارق يجريها الله عز وجل على أيدي بعض عباده وأوليائه الصالحين تكريما لهم، وبشارة على تقواهم وصلاحهم.. ونذكر من الكرامات التي حكاها
[ ص: 99 ] القرآن الكريم، أمر
السيدة مريم عليها السلام التي نذرتها أمها لخدمة
بيت المقدس ( فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هـذا قالت هـو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ) (آل عمران: 37) والكرامة هـنا هـي ما خص الله عز وجل به
السيدة مريم عليها السلام، بأن كان يرسل إليها الرزق الوافر، وهي في خلوتها، حتى أن
سيدنا زكريا عليه السلام كان يستغرب وجود ذلك الرزق عندها، وهو يعلم أنه لا أحد يدخل عليها غيره.
وقد أورد
الإمام النووي رحمه الله في كتابه ( رياض الصالحين) أحاديث عديدة عن الكرامات في ( باب كرامات الأولياء الصالحين وفضلهم ) ختمه بقوله: ( وفي الباب أحاديث كثيرة صحيحة سبقت في مواضعها من هـذا الكتاب، منها حديث الغلام، الذي يأتي الساحر والراهب، ومنها حديث جريج، وحديث أصحاب الغار، الذين أطبقت عليهم الصخرة، وحديث الرجل الذي سمع صوتا في السحاب يقول: اسق حديقة فلان، وغير ذلك، والدلائل في الباب كثيرة مشهورة ) .
وهذه كلها دلائل على أن الله عز وجل قد يخرق السنة كرامة لأوليائه، وهذا الخرق غير مرتبط بزمان ولا مكان، وغير مرتبط كذلك بإرادة العبد الصالح نفسه، وإنما هـو مرتبط أولا وأخيرا بإرادة الله ومشيئته وحكمته.