هـل تخضع مشكلاتنا للسنن؟ .. وما من شك أن حياة الإنسان زاخرة بالمسائل المعقدة، التي يتعذر في بعض الحالات إيجاد حلول مثالية لها، ولكن مع هـذا لا يصح التسليم بهذه الحقيقة وكأنها واقع مطلق لا يمكن تجاوزه؛ لأن مثل هـذا التسليم يدفع مشكلاتنا للدخول في متاهة واسعة مكتوب على بابها ( مستحيل ) ، وعندئذ سنجد أنفسنا مكتوفي الأيدي، عاجزين، لا رغبة عندنا في البحث عن حل.. أي حل وكان بإمكاننا أن نفعل شيئا أفضل من هـذا لو أننا آمنا بوجود حل للمشكلة، التي بين أيدينا، وآمنا بوجود سنن لهذه المشكلة يمكن كشفها وتسخيرها في سبيل إيجاد الحل.
ولقد ناقش الأستاذ (
جودت سعيد ) هـذه القضية بكثير من التفصيل في كتابه القيم (حتى يغيروا ما بأنفسهم) ومما قاله في ذلك: ( إن العقل البشري يتخذ أحد موقفين إزاء المشكلات، فهو إما أن يفترض أنها تخضع لقوانين، ومن ثم يمكن أن تخضع للسيطرة عليها وتسخيرها، وإما أن يفترض فيها أنها لا تخضع لقوانين، أو يمكن كشف قوانينها.. وبين هـذين الموقفين مواقف متعددة يتفاوت فيها القرب من أحدها والبعد عن الآخر.. وإن لكل من الفرضيتين نتائج عملية تظهر في مواقف البشر وسلوكهم بصورة متفاوتة، على حسب الخضوع لأحد الموقفين)
>[1] .
*** [ ص: 145 ]