المنهج في كتابات الغربيين
كنا نظن أننا فرغنا من هـذه القضية؛ قضية المستشرقين، ووضعنا أعمالهم وجهودهم في مكانها الطبيعي، ونفضنا أيدينا منهم، وانتهينا من اللجاجة في أمرهم. وأن أهل الفكر والرأي عندنا اتجهوا إلى قضايا أمتنا، يعالجونها من مركز الدائرة؛ دائرة العمق الحضاري لأمتهم، بما لهذه الحضارة من خصائص ومميزات، تفردت بها، وسمت على غيرها، ومن موقع ما تعنيه أمتنا من هـذا الشتات الثقافي، والضياع الفكري، والتمزق الاجتماعي.
نعم كنا نتوقع أن أهل الفكر والرأي عندنا أدركوا موقع أمتهم، وعرفوا قدرها، ومكانتها ومكانها، ولكن للأسف -بحكم المعايشة اليومية داخل الحصن الثقافي لأمتنا- ما زلنا نطلع على عجب عاجب، ما زلنا نرى من يقف في جمع حاشد من (الأكاديميين) ، ويصيح على رءوس الأشهاد: (إن المستشرقين هـم الذين أنقذوا أمتنا من جهالتها، وأخرجوها من ضلالتها) ، ثم اندفع مطالبا بنقل كل من ينقد المستشرقين، إلى مصحة للعلاج النفسي.
وما زال فينا من أهل الفكر والرأي من يخاطب جمهور المثقفين، قائلا: (إننا سائرون إلى حضارة عالمية واحدة، وإلى فكر عالمي واحد، وإلى ثقافة عالمية واحدة) .
ما زال فينا من هـؤلاء كثيرون، نعم، بكل أسف ما زالت (حصوننا مهددة من داخلها)
>[1] [ ص: 35 ]