محاولات تنظيمية خارج منطقة الأندلس
تعد "
الجماعة الإسلامية في أسبانيا "
بشارع أوخنيو كاشس بمجريط ، أقدم جمعية إسلامية اسبانية خارج
الأندلس ، وقد سجلت في وزارة العدل في 17 / 12/1979م من طرف
البارو ما تشوردوم كوتر (أمين عام) ،
وخابير نيكولاس كوبيوس نييطو ،
وطوماس باريو غبريال (الرئيس) ، وكلهم من سكان مجريط. ويعد أحمد عبد الله ما تشوردوم كومينز، أمينها العام، مؤسسها الأساس، وهو كاتب وصحافي أصله من بلنسية كتب عددا من المقالات في الجرائد الاسبانية يدافع فيها عن الإسلام وقضاياه، كما كتب كتابا حول سيرة سيدنا
محمد صلى الله عليه وسلم ، وله علاقة وثيقة بوزارة الخارجية الاسبانية كمستشار في الشئون الإسلامية، كما له علاقات طيبة مع السفارات العربية بمجريط.
ويحدد نظام هـذه الجمعية الأساس أن هـدفها هـو: " نشر الإسلام كما جاء في القرآن والسنة، بين جميع مسلمي
أسبانيا ، والتعريف به لدى جميع الأشخاص الذين يودون الحصول على معلومات عنه؛ وتأسيس فروع (الجماعة الإسلامية في أسبانيا) في كل مناطق المساحة الوطنية؛ وتشجيع تعليم اللغة العربية، لغة القرآن ولغة 21 دولة تربطنا معها علاقات قوية من الصداقة التاريخية؛ وربط العلاقات الأخوية في جميع المجالات بين الشعوب الإسلامية والشعب الاسبانين؛ وإعانة جميع المسلمين الاسبان على بناء شخصية إسلامية حقيقية باتباع أركان الإسلام وقراءة القرآن وفهمه والاقتناع بتعاليمه، الخ... " .
وفي 26-28 / 12/1989م، أقامت الجمعية أول مؤتمر للمسلمين الأسبان
بفندق براغا بمجريط. ويحتوي مركز الجمعية بمجريط على مسجد ومكاتب، ولها به نشاط محدود.
وفي سنة 1980م، توصلت الجمعية إلى اتفاق مع بلدية
قرطبة حول مسجد
[ ص: 109 ] "
المرابطو " الذي بناه
فرانكو بقرطبة في ساحة
حديقة " المرسد " بقرطبة للجنود المغربة. وقد سلمت البلدية المسجد لهذه الجمعية تحت الشروط التالية:
1) يستمعل البناء للعبادات الإسلامية فقط؛
2) تكون كل أعمال الترميم أو التغيير على حساب الجمعية بموافقة البلدية المسبقة؛
3) يدوم استعمال المركز لخمس سنوات؛
4) على الجمعية الحفاظ على المسجد بحالة جيدة؛
5) يرجع البناء وكل الاصلاحات التي أجريت عليه للبلدية بعد فترة الخمس سنوات دون تعويض للجمعية.. وبعد انتهاء المدة، استرجعت البلدية البناء وسلمته في شهر مارس سنة 1986م إلى سفير
المملكة العربية السعودية بمجريط >[1]
الذي سلمه بدوره إلى جمعية " المركز الإسلامي في أسبانيا " وبهذا أصبح المسجد الصغير فرعا لتلك الجمعية في قرطبة.
لـ "
الجماعة الإسلامية في أسبانيا " حوالي مائة عضو في
إسبانيا كلها، ويقول مسئولها أن لهم أتباعا في
المرية وبلنسية وبرشلونة . وللجمعية فرع في
مدينة سبتة يرأسه
أحمد الزبير ، رئيس الجماعة الحالي. وبصفة عامة، فتأثير هـذه الجماعة محدود اليوم على مركزها في مجريط وبنشاطها بسبتة وأمينها العام بمجريط بالكتابة والنشر والدفاع عن الإسلام في الصحافة. وليس لهذه الجماعة تأثير في
منطقة الأندلس ، خاصة بعد إعادتها لـ "
المرابطو " إلى بلدية قرطبة.
وفي 23/7/1983م، تأسست "
جماعة بلنسية الإسلامية " من طرف
عبد الرحمن عباد أبالوس (رئيس) ،
وفرنسسكو مرين رودريخز (أمين عام) ،
ويوسف عباد أبالوس ( أمين الصندوق) . وحدد نظام الجمعية أهدافها بالدعوة إلى الإسلام حسب القرآن الكريم وسنة سيدنا
محمد صلى الله عليه وسلم . وفي شهر فبراير سنة 1984م فتحت الجمعية مركزا لها في شقة كبيرة،
بشارع سان مارتين ببلنسية >[2] [ ص: 110 ] وكان
عبد الرحمن عباد أبالوس ، مؤسس الجمعية، صحافيا يعمل في
برشلونه ثم سكن
مالقة ، مسقط رأسه. وقد عمل في الجيش الاسباني
بتطوان في الحقبة 1953-1954م، وتعرف لأول مرة هـناك على المجتمع الإسلامي. وبعد عودته من تطوان أخذ يقرأ عن الإسلام، فاعتنقه سرا سنة 1959م بعد اقتناع، ولم يشهره إلا سنة 1977م، وسلم بإسلامه جميع أهله. وفي سنة 1978م، زار
القاهرة حيث التقى بعدد من المفكرين المسلمين. ثم رجع إلى مالقة حيث عمل صحفيا بجريدة " سور " ( الجنوب) . وانضم عبد الرحمن عباد إلى "
جمعية عودة الإسلام إلى اسبانيا " ثم انفصل عنها وأسس الجمعية المذكورة.
وظلت هـذه الجمعية ذات نشاط محدود لصعوبات مالية عانتها منذ البداية، فلم يزد عدد أفرادها على العشرة. واساء السيرة الامام المغربي الذي أتت به الجمعية لتعليم أفرادها أمور دينهم. ثم غيرت الجمعية مقرها إلى مكان آخر، ومنذ سنة 1989م ظلت بدون مقر.
تأسس كذلك
بمجريط سنة 1982م " المعهد الغربي الإسلامي للثقافة "
كمؤسسة ثقافية برئاسة
الدكتور المغربي عبد الرحمن جاه الشريف . ينتمي لهذا المعهد عدد من المفكرين الأسبان المسلمين، وله مركز ثقافي
بشارع فرانسسكو رتي . ويقوم المعهد بمجهود مشكور في التعريف بالحضارة الإسلامية خارج
منطقة الأندلس باسبانيا . ومن أهم نشاطاته تحضيره لمؤتمرين ثقافيين مهمين، أحدهما سنة1987م
بطليطلة (عاصمة
قشتالة مانشا ) تحت اسم " الأندلس الإسلامية، تاريخ ثمانية قرون " ، والثاني في 22- 25 / 9/1988م
بطرويل بأراغون تحت اسم " أراغون تستعيد تاريخها " . ركز المؤتمر الأول على دراسة الإسلام في قشتالة، والثاني على دراسته في أراغون. وينوي المعهد انجاز دراسات وبحوث حول الثقافة الإسلامية في اسبانيا في مجالات التاريخ والفنون الإسلامية، وربطها بالواقع الأسباني المعاصر، ونشر نتائجها وتوزيعها.
ويلخص رئيس المعهد فلسفته فيما يلي: " ان العلاقة القائمة بين اهتمامنا الثقافي والواقع الأسباني تتحدد من خلال الوعي بأسس الحضارة الإسلامية في هـذا البلد
[ ص: 111 ] ونشر حقائق الإسلام في الأوساط الأسبانية؛ لأن الثقافة الإسلامية تمثل ثقافة الشعب الأسباني كذلك رغم أن الظروف التاريخية التي مر بها تجعله يجهل هـذه الثقافة "
>[3]
أما الجمعية الإسلامية الموجوة في
مرسية فهي تابعة "
للجماعة الإسلامية في الأندلس " التي تعد منطقة مرسية تابعة للأندلس الطبيعة، رغم أنها ليست تابعة
لمنطقة الأندلس ذات الحكم الذاتي، بل هـي تكون منطقة ذات حكم ذاتي قائمة بنفسها. وسندرس نشاط هـذه الجماعة مع " الجماعة الإسلامية في الأنلس " في الفصل القادم.
ويستحسن أن نعطي الآن موجزا عن الوجود الإسلامي المعاصر في
البرتغال ، حيث أنها كانت قسما من بلاد الأندلس. كما أن التأثير الإسلامي لا زال واضحا في المنطقة الواقعة جنوب
الأشبونة ، في مقاطعات
شنتمرية الغرب ( فارو اليوم )
وباجة ،
ويابورة .
يوجد بالبرتغال حوالي عشرون ألف مسلم (سنة 1990م) ، هـاجر إليها معظمهم من المستعمرات البرتغالية التي حصلت على استقلاها بعد سنة 1974م. ولمعظمهم الجنسية البرتغالية، ولهم بذلك كامل حقوق المواطنة.
ويمكن تصنيف مسلمي البرتغال إلى خمس فئات:
1) الأفارقة المتأصلون من
موزبيق ؛
2) الآسيويون المتأصلون من
شبه الجزيرة الهندية والقادمون من
غوا ومكاو وتيمور ؛
3) الأفارقة المتأصلون من
غينيا بيساو ؛
4) العرب، خاصة المغاربة والجزائريون والمصريون؛
5) والبرتغاليون الراجعون إلى الإسلام حديثا.
تأسست سنة 1968م "
جماعة الأشبونة الإسلامية " ، أول جمعية إسلامية في البرتغال، وسجلت رسميا في 28/3/1969م. ونعتت الجمعية نفسها أنها دينية ثقافية غير سياسية. وحددت أهدافها في بناء جماعة إسلامية برتغالية
[ ص: 112 ] متكاملة، وتأسيس أول مسجد في البلاد، والدفاع عن الإسلام ونشر تعاليمه باللغة البرتغالية، ونشر تعليم اللغة العربية والمبادئ الإسلامية في
البرتغال . ومؤسس الجمعية ورئيسها إلى اليوم هـو
الدكتور سليمان ولي محمدي ، وهو من أصل موزمبيقي، ذو نشاط كبير، وهو مؤسس جمعية الصداقة العربية البرتغالية كذلك. أما أعضاء مجلس الادارة الآخرون فهم:
الدكتور ادريس محمد وكيل (أمين سر) ،
وعبد الستار داوود جمال (أمين الصندوق) ،
وفاروق علي جادت ،
ومحمد حسين موسى .
وفي يوليو سنة 1978م، نشرت الجمعية، لأول مرة، ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة البرتغالية في مجلدين، ونشرت طبعة ثانية للترجمة في سبتمبر سنة 1979, ومنذ سنة 1982م، أخذت تنشر مجلة إسلامية باللغة البرتغالية اسمها " الإسلام " . وقامت الجمعية بنشر سلسلة من الكتب الإسلامية باللغة البرتغالية منها: " من أجل فهم الإسلام " ، و " السلام تحت الضوء " ، و " القرآن المعجزة الأخيرة " لأحمد ديدات، و " الإسلام في البرتغال اليوم " ، و " فلسطين مأساة العصر " ، و " الفكر الإسلامي " ، و " القرآن والثقافة البرتغالية " ، و " الإسلام في العالم " ، و " الزواج في الإسلام " ، و " النهضة في العالم الإسلامي " ، و " علاقات البرتغال بالعالم العربي " ، الخ... معظمها من تأليف
الدكتور سليمان ولي محمدي ، رئيس الجمعية. وفي 22/6/1979م، حصلت الجمعية من الحكومة البرتغالية على مسجد مؤقت. وهو عبارة عن قصر قديم في وسط
مدينة الأشبونة . وعملت الجمعية بالتعاون مع السفارات الإسلامية في
البرتغال على تأسيس مركز إسلامي في أرض بالقرب من
ساحة اسبانيا ، بتكاليف قدرت بحوالي أربعة ملايين دولار أمريكي، وتأسس من أجل انجازه مجلس للسفراء المسلمين المقيمين في الأشبونة. ولم ينته بعد بناء المركز
>[4] [ ص: 113 ]
للجمعية هـيئة إدارية، وجمعية عمومية، وهيئة المراقبة، كما تتبعها لجان مختلفة لتدبير شئون المسجد المؤقت، والشئون الاجتماعية، والرياضة، والمقبرة الإسلامية. وللجمعية إمامان، أحداهما مبعوث من رئاسة إدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد
بالمملكة العربية السعودية ، والثاني من
الهند . وتقوم الجمعية على إحياء الشعائر الإسلامية من صلاة الأوقات الخمس والجمع والأعياد والاحتفال بالمناسبات الإسلامية.
وفي 27/1/1984م، تأسست "
جماعة جنوب التاجه الإسلامية " ، كما تأسست جمعيات إسلامية أخرى في
ضواحي الأشبونة :
كأوديبلاش ،
وبوبوا ،
وشنت أندريان ،
وشنت أنطونيو دوش كبليروش ، وكلينا دو سول،
وبوتيلا دو سكييم ،
وفوردت دي كاسا أي بيالونغا، وكذلك في الجنوب، خاصة في
مدينة يابورة . كما يوجد مسجد ثاني مؤقت في
بلدة المادا المجاورة
للأشبونة في منطقة
لانجيرو قرب طريرو (
مقاطعة ستوبال ) . ويوجد مسجد ثالث في
كلينا دو سول ، ومسجد رابع في
أديبلاش في بناء قدمته عائلة مسلمة للجماعة الإسلامية.
وفي سنة 1988م، تكونت في
بلدة لورش ، شمال
الأشبونة ، جمعية إسلامية، قدمت لها بلدية لورش أرضا لبناء مسجد، في منطقة شنت أنطونيو دوش كباليروش. وتنشر الجمعية مجلة مستقلة اسمها " الفرقان " يديرها
محمد يوسف آدمجي . وينتمي إلى هـذه الجمعية عدد من المسلمين من أصل آسيوي وكذلك بعض الراجعين إلى الإسلام من البرتغاليين، من بينهم
الدكتور محمد لويس مادوريرا ، وهو أستاذ رياضيات اعتنق الإسلام سنة 1983م.
تنتمي كل الجمعيات البرتغالية التي ذكرناها إلى المذهب السني، ومعظم مؤسسيها من الوافدين. وتوجد مجموعة من الإسماعيليين من أصول هـندية، ومن جهة أخرى أسس مركز الدرسات العربية في جامعة يابورة.
يظهر أن التنظيم الإسلامي في
البرتغال ، رغم أنه ابتدأ قبل
اسبانيا ، ظل متأخرا عليه، اذ لا زالت معظم التجمعات في يد الوافدين بينما بقي البرتغاليون الراجعون إلى الإسلام أفرادا في الجمعيات الإسلامية القائمة. غير أن هـناك إرادة، خاصة في الجنوب، لتأسيس جمعيات إسلامية بين الراجعين إلى الإسلام شبيهة بالتي أسست في
الأندلس .
[ ص: 114 ]
أما
جبل طارق فحوالي عشرة في المائة من سكانه الثلاثين ألف، مغاربة مسلمون، غير أنهم ليسوا مواطنين لجبل طارق، وبالتالي ليست لهم الحقوق كما أنهم يمتهنون أدنى المهن. ولهم مسجد في مقر سكناهم الذي هـو قشلة قديمة بوسط البلدة، وهو عبارة عن مخزن كبير رتب كمسجد تديره جماعة التبليغ.
ويظهر أن الوجود الإسلامي في جبل طارق قديم، إذ ذكر مولانا الجد
سيدي محمد الزمزمي الكتاني في مذكراته عند زيارته لجبل طارق سنة 1934م ما يلي: " وبهذا البلد اليوم من المسلمين جماعة قليلة، أجلهم الشرفاء
مولاي أحمد ومولاي الهادي أولاد ابن عجيبة الذين يتجرون هـناك في مصنوعات
المغرب الوطنية، والذين كنا في ضيافتهم، ثم
الشريف سيدي عبد السلام بن علال العمراني ، ونحو العشرين آخرين من
تطوان وطنجة وغيرهما، يبيعون البيض والخضر. وبها محل بدار القنصلية المغربية سابقا، يدعى مسجدا، وهو عبارة عن بيت صغير أمامه ميضة وبئر ومحل للوضوء، بقي بهذا الخال على ما كان عليه أيام المخزن والاستقلال المغربي، وأمامه أيضا غرفة قد جلس بها اليوم فقيه يعلم ولد العمراني السابق الذكر القرآن " .
ولا يظهر أن المسلمين تنظموا في جبل طارق حديثا رغم وجود المصلى المذكور، ولا أن عددا من مواطني جبل طارق عادوا إلى الإسلام.
[ ص: 115 ]