إمكان الصياغة الإسلامية لعلم الاجتماع
أولا: أهداف الصياغة الإسلامية
إن القيم الإسلامية تثبت بالدليل العقلي -المقبول عند الجميع- أنها الحقيقة، الوحيدة التي يجب على الجميع اتباعها:
( إن الدين عند الله الإسلام ) [آل عمران:19]. ومن هـنا فإن المسلمين بالذات يتحملون العبء الكامل في إيصال هـذه الحقيقة إلى كافة البشر
( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) [آل عمران:104]. والحق، أنه من خيانة الأمانة أن توجه العلوم وجهة مضادة أو مناوئة، أو حتى محايدة لهذه الحقيقة. وإذا عرفنا أن المنطلقات التي ينطلق منها علم الاجتماع هـي منطلقات معادية للدين، عرفنا إلى أي درجة يبتعد المسلمون عن امتثال الأمر السابق.
إن المسلم إذا أراد صياغة علم الاجتماع صياغة إسلامية، فإن عليه أن يبدأ من المنطلقات الأساسية، والمحور الأساس في الإسلام، وأعني به العقيدة، أو نظرة الإسلام للكون والحياة والإنسان؛ لأن عدم البدء من هـذا المنطلق، يعني وجود نوع من التلفيق، وذلك " بأن نستخدم المفاهيم الغربية نفسها، مع تغيير المصطلحات الدالة عليها، أو مع محاولة متعنتة
[ ص: 103 ] لإثبات أن كل مفهوم من هـذه المفاهيم له أصل في الإسلام، يبرر الأخذ به. إن هـذا المنهج يؤدي - بطبيعة الحال - إلى العودة لاستخدام الأنساق الغربية الكلية، وإن تغيرت المصطلحات والأسماء، أو حيثيات القبول. والخطر من التلفيقية، يعني أن نضيف إلى ترسانة المفاهيم والأنساق الغربية، مفاهيم تتعلق بالإيمان بالله مثلا، أو بالأسرة، أو بعض القيم، ونتصور أننا قد حللنا بهذا الإشكالية الصعبة، ناسين أن المفاهيم الدنيوية تتولد عنها في الأنساق الفكرية الغربية، مفاهيم فرعية في كل مناحي المعرفة الاجتماعية، تتعارض تماما مع المفاهيم الفرعية المتولدة عن الإيمان بالله تعالى
>[1] .