نتائج التحليل لنماذج البلقيني
أولا: بين أهمية معرفة أسباب ورود الحديث، وأنها تتساوى في تحقيق الأغراض العلمية مع معرفة أسباب نزول الآيات القرآنية الكريمة.
ثانيا: نظر إلى ما كتب قبل ذلك، فوجد نفسه أول من سيكتب في هـذا الموضوع، فله فضل السبق، ومعاناة المؤسس، وما سبق في ذلك إلا بشيء يسير.
ثالثا: استطاع أن ييسر لنا تقسيم الأسباب -وفق ما ورد في الأحاديث- إلى: أسباب تذكر في الحديث نفسه، وهذه لا تحتاج أكثر من حسن التدبر والتأمل، للربط بين الحديث وسببه، في الفهم والاستنباط.
وأسباب لا تذكر في الحديث نفسه، وإنما تأتي عن طرق أخرى، وخرجت في مصنفات أخرى.
وهذا القسم هـو الذي يتطلب جهدا علميا في تتبع هـذه الطرق، ويقتضي هـذا التتبع القراءة الواسعة الواعية في كتب السنة، وحسن الربط بين المعاني في الرواية. [ ص: 139 ]
رابعا: من خلال نماذجه، استطعنا أن نتعامل مع هـذه الأسباب، باعتبارها روايات، مستقلة يجري عليها ما يجري على الروايات من قواعد النقد الحديثي، في السند والمتن .
خامسا: قدم - لنا - نماذج لأسباب لا تتجاوز معنى سؤال السائل والإجابة من النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذا ما دعاني إلى القول: بأن مثل هـذه الأسباب في حاجة إلى مزيد من التتبع، لمعرفة أحوال السائل عند سؤاله، وطبيعة السؤال والبيئة التي قيل فيها، وغير ذلك من الملابسات والقرائن، التي تجعل للسؤال قيمة في معنى سبب الورود.
سادسا: قدم لنا أسبابا في صورة قصة للحديث، أو تفسير حالة كان من أجلها الحكم الوارد في الحديث، أو بيان موقف كان له أثر في هـذا الحكم، أو ملابسات اقترنت بهذا الحكم، أو خصوصية اقتضت هـذا الحكم، أو تفصيلات لا بد من معرفتها لإمضاء هـذا الحكم في الحديث.
سابعا: نبهنا إلى قيمة هـذا التتبع في مقارنة الطرق، وظهور العلل الخفية - أحيانا - عند هـذه المقارنة بين الأسانيد.
ثامنا: وجه الباحثين إلى موارد هـذه الأسباب في أبواب الشريعة، حيث الأحكام، وفي القصص حيث المواقف والملابسات والظروف، وغيرها من الأبواب، التي تطرق في تتبع هـذه الأسباب.
تاسعا: قدم لنا بهذا التتبع المصحوب الدراسة، كيف نجمع بين [ ص: 140 ] الروايات في الموضوع الواحد، وكيف نزيل ما يكون من تعارض أو اختلاف بينها.
عاشرا: قدم في نماذجه، كيف تعين الأسباب على معرفة الحكمة من التشريع، والناسخ والمنسوخ ، وحسن الفهم للمعاني، ومواجهة التعنت من المخالفين في الدين، وتعدد وجهات النظر في فهم الروايات، وطبيعة الصحابة في السماحة وحسن السمع والطاعة، والرجوع إلى السنة وما قضى به النبي صلى الله عليه وسلم ، على الفور، عند العلم بها.
ونستطيع بعد هـذا التقديم لعمل البلقيني ، أن نقول: إنه وفق في فتح الطريق أمام البسط والتتبع لأسباب ورود الحديث، فمن قدم لنا مبسوطا بعده؟؛ وما المنهج الذي سار عليه؟.
التالي
السابق