ما جاء في الدعاء في لغة التنزيل
قال تعالى:
( ألا بعدا لعاد قوم هـود ) (هود:60)
( ألا بعدا لثمود ) (هود:68) .
( ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود ) (هود:95) .
والبعد هـنا الهلاك، وقوله: بعدت ثمود أي هـلكت، قال
مالك ابن [ ص: 84 ] الريب يقولون: لاتبعد، وهم يدفنونني وأين مكان البعد إلا مكانيا
وقد فرق في الفعل بين البعد بمعنى الابتعاد، فقيل في الأولى (بعد) مثل (فرح) وفي الثانية: (بعد) مثل (كرم) وهذا شيء من لطائف هـذه اللغة الكريمة. وقال
المتنبي :
أبعد بعدت بياضا لا بياض له لأنت أسود في عيني من الظلم
ومن الدعاء قوله تعالى:
( تبت يدا أبي لهب ) (المسد:1) أي ضلتا وخسرتا، وقال
اخسر بها من صفقة لم تستقل تبت يدا صافقها ماذا فعل
ومن الدعاء أيضا، قوله تعالى:
( فتعسا لهم وأضل أعمالهم ) (محمد:8) . أي هـلاكا لهم.
ومن الدعاء أيضا قوله تعالى:
( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) (يونس:10) .
ولا تعدم الآية الأولى من (الفاتحة) أن تكون مفيدة للدعاء لدى من يتلوها: (الحمد لله رب العالمين) .
ومثل هـذا، دعاء الصلاة: (لك الحمد ملء السماوات والأرض) .
ومن الدعاء أيضا قوله تعالى:
( دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام ) (يونس:10) .
وقد يتوصل إلى الدعاء بالمصدر (حمدا) فيقال: حمدا لك اللهم.
ومن الدعاء في لغة التنزيل العزيز:
( فسحقا لأصحاب السعير ) (الملك:11) .
والسحق: البعد، فكأن المعنى: فبعدا لأصحاب السعير.
ومكان سحيق أي بعيد.
وفي التنزيل:
( أو تهوي به الريح في مكان سحيق ) (الحج:31) .
[ ص: 85 ]
وحديث (السلام) مستفيض في لغة التنزيل، وهو في آي كثير يراد به، الدعاء ومنه:
( وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم ) (الأنعام:54) .
( ونادوا أصحاب الجنة أن سلام عليكم ) (الأعراف:46) .
( وتحيتهم فيها سلام ) (يونس:10) .
( ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال سلام ) (هود:69) .
( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) (الرعد:24) .
( وسلام عليه يوم ولد ... ) (مريم:15) .
( والسلام علي يوم ولدت ... ) (مريم:23) .
( وسلام على المرسلين *
والحمد لله رب العالمين ) (الصافات:181) .
ومن الدعاء قوله تعالى:
( ربنا اطمس على أموالهم ) (يونس:88) .
أي غيرها. وقد ورد (الطمس) في لغة التنزيل ومنه قوله:
( ولو نشاء لطمسنا على أعينهم ) (يس:66) .
وقال تعالى:
( الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب ) (الرعد:29) .
ذهب سيبويه بالآية مذهب الدعاء.
ويحسن بنا أن نقف طويلا على كلمة (طوبى) التي أفادت الدعاء، لنقول فيها شيئا وذلك لخصوصيتها واختلاف الأقوال فيها.
[ ص: 86 ]
طوبى: فعلي من الطيب، وكأن الأصل (طيبى) فصير إلى الواو لمكان الضمة فيها.
ويقال: طوبى لك وطوباك.
قال
يعقوب : و تقل: طوبيك.
وجاء في (التهذيب) : إن العرب تقول طوبى لك، ولا تقول طوباك.
وهذا قول أكثر النحويين، إلا
الأخفش ، فإنه قال: من العرب من يضيفها فيقول: طوباك.
وقال
أبو بكر : طوباك إن فعلت كذا، قال: هـذا مما يلحن فيه العوام، والصواب: طوبى لك إن فعلت كذا وكذا.
وقالوا: طوبى: شجرة في الجنة.
وقرأ
ثعلبة : (طوبى لهم وحسن مآب) فجعل (طوبى) مصدرا كقولك:
سقيا له. ونظيره من المصدر الرجعي، واستدل على أن موضعه نصب بقوله: (وحسن مآب) .
وهو خلاف ما ذهب سيبويه، إلى أن موضع (طوبى) الرفع عطف عليه بقوله
(وحسن مآب) مرفوعا.
قال
ابن جني : وحكى
أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني في كتابه الكبير في القراءات، قال: قرأ علي أعرابي بالحرم: (طيبى لهم) فأعدت فقلت: (طوبى) ، فقال: (طيبى) ، فأعدت فقلت: (طوبى) ، فقال: (طيبى) ، فلما طال علي قلت: طو طو، فقال طي طي.
قال
الزجاج : جاء في تفسير عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن (طوبى) شجرة في الجنة. وقيل: طوبى لهم، حسنى لهم، وقيل: خير لهم، وقيل: خيرة لهم.
[ ص: 87 ]
وقيل: طوبى اسم الجنة بالهندية، وقيل بالحبشية
>[1] وقال قتادة: طوبى كلمة عربية، تقول العرب: طوبى لك إن فعلت كذا وكذا، وأنشد:
طوبى لمن يستبدل الطود بالقرى ورسلا بيقطين العراق وفومها.
أقول: ومن قال: طوبى عربية فقد أدرك الصواب، وذلك لأن أصل (ط و ب، ط ي ب) من الأصول العربية القديمة في العربية وسائر أخواتها من اللغات السامية.
ومن الدعاء قوله عز وجل:
قال:
( أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين ) (البقرة: 67) .
قالت:
( إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا ) (مريم:18) .
قال:
( معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي ) (يوسف:23) .
ومن الدعاء أيضا قوله تعالى:
( وهب لنا من لدنك رحمة ) (آل عمران:8) .
( والذين يقولون ربنا هـب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين ) (الفرقان:74) .
وقوله تعالى:
( قاتلهم الله أنى يؤفكون ) (المنافقون:4) .
[ ص: 88 ]
ونجتزي بهذا القدر مما ورد من الدعاء في لغة التنزيل العزيز.