الفصـل الرابـع : من أسباب انحسار خلق تبني هـموم الناس
واقع الأمة المعاصر، نتاج ترسبات كثيفة، عقيدية، وتصورية، وتربوية، واجتماعية، وسياسية... تمت عبر أزمنة تاريخية، يمكن تشبيهها بالأزمنة الجيولوجية، التي تتم خلالها الترسبات الجيولوجية على سطح الأرض.. وفهم واقعنا المعاصـر، لا يمـكن بالتـالي، أن يتـم، إلا بقراءة هـذه الترسبات، والوقوف على تفرعاتها، واستجلاء أسبابها، حتى يصبح تجاوزها ممكنا، عبر معالجة لها دقيقة، في تجزئ، ضمن شمول وتكامل.
لقد دلفت أمتنا، إلى واقع القصعة، الذي أنذرناه رسول الله صلى الله عليه وسلم
>[1] عبر حقب متتالية، وبفعل عوامل متعددة، لعل من أهمها : انحسار خلق، تبني هـموم الناس من الأمة.. ومن هـنا، فإن بحث هـذه المشكلة، ينبغي أن يؤطره، وعي قوي، بأن ثمة عوامل أخرى، أدت إلى اضمحلال قوى الأمة، وترهل بنيتها، حتى لا نسقط في أحادية المدخل، التي من
[ ص: 87 ] أقل سلبياتها : اختزال مشاكل الأمة، في مشكل واحد.. وبناء على هـذا، فإن هـدف هـذا الفصل، هـو محاولة قراءة الترسبات، التي أدت إلى انحسار التكافل، والتآزر، والتعاون، والشفاعة الحسنة، والتضحية في سبيل الله، والمستضعفين من واقعنا، وذلك عن طريق عرض أهم الأسباب، التي أدت إلى ذلك، وتتبع آثارها.