25 - وطبق
عمرو مبدأ: الأمور الإدارية، فمهما تكن خطة العمليات سليمة، ومرنة، ومتكاملة، وقابلة للتطبيق بنجاح، إلا أنها لا يمكن أن تؤتي ثمارها المتوقعة، إلا إذا كانت مستندة على خطة إدارية سليمة، ومرنة، ومتكاملة، وقابلة للتطبيق أيضا.
إن خطة العمليات والخطة الإدارية متكاملتان، بل هـما خطة واحدة لا تختلفان إلا بالاسمين فقط، فلا قيمة لخطة حركات بدون خطة إدارية، ولا قيمة لخطة إدارية بدون خطة حركات.
وقد كان
عمرو ، يهتم بالخطة الإدارية، اهتمامه بخطة الحركات; الإعاشة، الإرواء، التجهيز، التسليح، الطبابة، الفعلة، النقل، البريد، العطاء.
لقد كان أغنياء المسلمين، يؤمنون إعاشتهم، وإعاشة الفقراء من المسلمين، وكان المجاهدون يحملون زادهم معهم ما استطاعوا، ويتزودون محليا أيضا، وكان المقاتلون يستفيدون من المغانم في إعاشتهم، وكانت نساء المسلمين المرافقات لأزواجهن، يعملن في إعداد الطعام والتموين لذويهن، ولغيرهم أيضا، أما الذي لا ترافقه امرأة،
[ ص: 74 ] ولا تعاونه امرأة في إعداد طعامه، فإنه يعد طعامه بنفسه، فقد كان الطعام بسيطا، وإعداده سهلا.
وقد اكتفى عمرو في فتوح الشام بتزويد رجاله بالأرزاق محليا، أما في فتح مصر فلم يقتصر عمرو على الاكتفاء المحلي بالأرزاق، بل زادت أرزاقه على حاجة رجاله بعد فتح مصر، فأرسل قسما منها إلى مكة المكرمة، والمدينة المنورة، كما ذكرنا.
كما استطاع تزويد رجاله بالأرزاق في فتح ليبيا من الإنتاج الليبي، وكانت ليبيا غنية بالحبوب بخاصة.
أما العلف، فقد كان متيسرا محليا في
بلاد الشام ،
ومصر ،
وليبيا ، فلم يكن علف حيوانات الركوب والنقل بالنسبة لعمرو، يشكل مشكلة إدارية في مرحلة الفتوح، وربما عانى بعض الصعوبات في تأمين العلف محليا في حرب الردة، لأنها كانت في منطقة صحراوية.
ولا نعلم أن رجال عمرو عانوا من نقص في الأرزاق، ولا عانت حيواناتهم من نقص في العلف، مما يدل على أن أمور الإعاشة كانت تجري بدون مشاكل تذكر.
كما أن الإرواء كان ميسورا في مرحلة الفتوح الشامية والمصرية، ومن المحتمل أن جيش عمرو عانى صعوبات في الإرواء في قسم من مناطق ليبيا الصحراوية.
[ ص: 75 ]
وكانت النساء ينهضن بواجب الإرواء. فهو واجب من واجباتهن في الحرب، كن يمارسنه قبل الإسلام، واستمروا على ممارسته بعد الإسلام أيضا.
وكان تجهيز المقاتلين بالألبسة، يقع على القادرين منهم على الإنفاق، الذين يكسون أنفسهم، ويكسون الفقراء منهم، وكانت الغنائم توزع على الذين شهدوا القتال، ومن هـذه الغنائم صنوف الأقمشة، والتجهيزات، والملابس، وعدة الحيوانات، وكان عمرو يفرض في شروط الصلح بعض الألبسة للمقاتلين، كما فعل عندما فتح حصن بابليون : (فرض عليهم عمرو -على أهل الحصن وما حوله- لكل رجل من أصحابه دينارا، وجبة وبرنسا، وعمامة، وخفين، وسألوه أن يأذن لهم أن يهيئوا له ولأصحابه -أي لعمرو وأصحابه- صنيعا -أي طعاما- ففعل)
>[1] .
أما تسليح المقاتلين، فكان على الأغنياء، الذين يسلحون أنفسهم، ويسلحـون من يستطيعـون تسليحـه من المقاتلين، والذيـن لا سلاح لهم، يسلحون من مستودع السلاح التابع لبيت المال، كما أن الغنائم تكثف تسليح المسلمين المقاتلين في أعقاب كل نصر جديد.
وقد كان مع رجال عمرو في فتح مصر وليبيا، عدا الأسلحة التقليدية، وهي السيوف، والرماح، كان معهم المنجنيقات أيضا،
[ ص: 76 ] فقد ألح على حصن بابليون، ووضع عليه المنجنيق
>[2] . واستخدم المنجنيق في حصار الإسكندرية
>[3] ، واستخدمه في أماكن أخرى.
لقد كان تسليح رجال عمرو جيدا.
أما الطبابة، فقد كان مع الجيش أطباء من العرب، يرثون هـذه المهنة أبا عن جد، ويعالجون الأمراض الطارئة والجرحى، وكان للنساء في تمريض الجرحى أثر كبير، وكانت المرأة تختص بمهنة تمريض الجرحى، فينقل الجريح إلى خيام في الخلف، ويعالج، ويسهر النساء عليه حتى يشفى.
وكان مع جيش عمرو الفعلة، لتمهيد الطرق، ونصب الجسور، وتأمين العبور، وقد استعان عمرو برؤساء القبط في طريقه لفتح
الإسكندرية ، فأصلحوا له الطرق، وأقاموا له الجسور والأسواق
>[4] .
وكان
عمرو ، يعتمد الخيل والجمال، بالدرجة الأولى، والحمير والبغال، بالدرجة الثانية في تنقله من مرحلة إلى أخرى، وفي نقل مواده التموينية، وكان الموسرون من المسلمين يحملون أنفسهم، ويحملون من يقدرون على حمله ممن لا يجدون ما يحملون أنفسهم عليه، ويحمل الآخرون على إبل الصدقة، وخيل الصدقة، التي هـي تابعة
[ ص: 77 ] لبيت مال المسلمين. وقد حمل
عمرو كل رجل من رجاله لم يجد ما يحمل نفسه عليه، " فقد جاءه رجل حين خرج من
الشام إلى
مصر أصيب بجمل له، فأتى إلى عمرو يستحمله، فقال له عمرو: تحمل مع صحابك حتى نبلغ أوائل العامر، فلما بلغوا العريش جاءه، فأمر له بجملين "
>[5] .
وتتضاعف نقلية المسلمين بالغنائم، بعد كل معركة ينتصرون بها على عدوهم، فلا تبقى لديهم مشاكل في نقليتهم على النطاق الشخصي، لكل مقاتل من المقاتلين، وعلى النطاق الجماعي لكل جيش من جيوش المسلمين.
أما البريد، فكان بين عمرو والخليفة بصورة رئيسة في أيام حروب الردة ، والفتوح، وكان قبل أن يلتحق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلى، بين عمرو من جهة، والرسول القائد عليه الصلاة والسلام من جهة ثانية.
فقد بعث عمرو إلى النبي صلى الله عليه وسلم من سرية ذات السلاسل ، وقبل أن يشتبك
بقضاعة وبلي ، رسولا هـو
رافع بن مكيث الجهني ، يخبره أن للمشركين جمعا كثيرا، ويستمده، كما ذكرنا ذلك عند الحديث على غزوة ذات السلاسل.
" وبعث عمرو إلى
عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، بشيرا بفتح
[ ص: 78 ] الإسكندرية فلما قدم على عمر أخبره بفتح الإسكندرية ، فخر عمر ساجدا، وقال: الحمد لله "
>[6] .
وأنقل هـنا حديث لقاء
معاوية بن حديج بعمر بن الخطاب ، لطرافته، وفائدته، ولعله يكون عبرة لمن يعتبر من الحاكمين.
" قال معاوية بن حديج: بعثني
عمـرو بن العـاص إلى عمـر بن الخطاب، بفتح الإسكندرية، فقدمت المدينة في الظهيرة، فأنخت راحلتي
>[7] بباب المسجد، فبينما أنا قاعد فيه، إذ خرجت جارية من منزل عمر بن الخطاب، فرأتني شاحبا علي ثياب السفر، فأتتني، فقالت: من أنت؟ فقلت: أنا معاوية بن حديج، رسول عمرو بن العاص، فانصرفت عني، ثم أقبلت تشتد، أسمع حفيف إزارها على ساقها، حتى دنت مني فقالت: قم فأجب، أمير المؤمنين يدعوك! فتبعتها، فلما دخلت؛ فإذا بعمر بن الخطاب، يتناول رداءه بإحدى يديه، ويشد إزاره بالأخرى، فقال: ما عندك؟ قلت: خير يا أمير المؤمنين! فتح الله الإسكندرية. فخرج معي إلى المسجد، فقال: للمؤذن: أذن في الناس: الصلاة جامعة، فاجتمع الناس، ثم قال لي: قم فأخبر أصحابك! فقمت، فأخبرتهم. ثم صلى، ودخل منزله، واستقبل القبلة، فدعا بدعوات، ثم جلس، فقال: يا جارية! هـل من طعام؟ فأتت بخبز وزيت، فقال:
[ ص: 79 ] كل! فأكلت على حياء، ثم قال: يا جارية! هـل من تمر ؟ فأتت بتمر في طبق، فقال: كل، فأكلت على حياء! ثم قال: ماذا قلت يا معاوية حين أتيـت المسجـد ؟ قال: قلت: أميـر المؤمنين قائل
>[8] ، قـال: بئـس ما قلت -أو بئس ما ظننت- لئن نمت النهار لأضيعن الرعية، ولئن نمت الليل لأضيعن نفسي، فكيف بالنوم مع هـذين يا معاوية؟! "
>[9] .
ولا أريد أن أعلق على هـذا الكلام، لئلا أفسد ما فيه من معان سامية، وروحانية رفيعة، ولكن لا بأس من أن أتمنى أن يعتبر به الحكام، ففيه عبر كثيرة، لمن يريد أن يعتبر قبل فوات الأوان.
وكان البريد حينذاك بسيطا، غير معقد، وسيلته: البعير للمسافات البعيدة الشاسعة، والحصان للمسافات غير الشاسعة، وبخاصة التي تتسم بطابع أهمية السرعة في نقل الأخبار والمعلومات.
أما العطاء، فقد فرض
عمر بن الخطاب العطاء من بيت مال المسلمين، لكل مسلم، ومسلمة، وصبي، من المسلمين، وذلك سنة خمس عشرة الهجرية، فبدأ بالعباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم فرض
لأهل بدر خمسة آلاف، ثم فرض لمن بعد بدر إلى الحديبية أربعة آلاف، أربعة آلاف، ثم فرض لمن بعد الحديبية إلى أن أقلع أبو بكر عن أهل الردة، ثلاثة آلاف، ثلاثة آلاف، في ذلك من شهد الفتح،
[ ص: 80 ] وقاتل عن أبي بكر، ومن ولي الأيام قبل القادسية، كل هـؤلاء ثلاثة آلاف، ثلاثة آلاف، ثم فرض لأهل القادسية وأهل الشام ألفين ألفين، وفرض لأهل البلاء النازع منهم، ألفين وخمسمائة، ألفين وخمسمائة، وفرض لمن بعد القادسية واليرموك ، ألفا، ألفا، ثم جعل من بقي من المسلمين طبقات، ففرض لقسم منهم خمسمائة، خمسمائة، ومنهم ثلاثمائة، ثلاثمائة، ومنهم مائتين وخمسين، مائتين وخمسين، ومنهم مائتين، مائتين، وسوى كل طبقة في العطاء، قويهم وضعيفهم، وعربيهم وعجميهم.
وألحق بأهل بدر أربعة من غير أهلها:
الحسن ،
والحسين ،
وأبا ذر الغفاري ،
وسلمان الفارسي ، وكان فرض للعباس خمسة وعشرين ألفا، وقيل: اثني عشر ألفا، وأعطى نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، عشرة آلاف، عشرة آلاف، وفضل
عائشة بألفين لمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها، فلم تأخذ، وجعل نساء أهل بدر في خمسمائة، خمسمائة، ونساء من بعدهم إلى الحديبية على أربعمائة، أربعمائة، ونساء من بعد ذلك إلى الأيام، ثلاثمائة، ثلاثمائة، ونساء أهل القادسية مائتين، مائتين،، ثم سوى بين النساء بعد ذلك، وجعل الصبيان سواء على مائة، مائة، " وقال عمر قبل موته: لقد هـممت أن أجعل العطاء أربعة آلاف، أربعة آلاف، ألفا يجعلها الرجل في أهله، وألفا يزودها معه، وألفا يتجهز بها، وألفا يترفق بها. " فمات قبل أن يفعل
>[10] .
[ ص: 81 ]
والمبالغ المذكورة بالدراهم، يوم كانت الشاة بنصف درهم، ويعطى العطاء سنويا من بيت المال.. ودون
عمر بن الخطاب الديوان
>[11] ، الذي يضم أسماء المستحقين للعطاء من المسلمين، ومقدار استحقاقهم، والجهة المسئولة عن دفع العطاء لهم، ومكان الدفع الذي يكون اعتياديا في البلد الذي يعيش فيه المسلم.
والعطاء هـو الراتب، كما يطلق عليه في العراق، والمرتب كما يطلق عليه في مصر، ولكن العطاء يدفع لمستحقه سنويا، والراتب أو المرتب يدفع لمستحقه شهريا.
وقد كان عمرو يدفع عطاء رجاله من بيت مال المسلمين، فيعيش به المقاتل، ويعيش به أهله، أسوة بالمسلمين جميعا.
ولكن المقاتل له مورد آخر غير العطاء، فهو يأخذ نصيبه من الغنائم: سهم للراجل، وسهمان للفرس، أي أن الراجل يتقاضى سهما واحدا، بينما يتقاضى الفارس ثلاثة أسهم، سهم له، وسهمان لفرسه.
وللمقاتل أيضا سلب من يقتله من الأعداء: سلاحه، وتجهيزاته، وركوبه، وكان الذين يقتلون رجـلا مـن الأعـداء يستحـوذون علـى ما خلفه في ساحة المعركة، ويتصرفون به بيعا وشراء.
وكان عمرو، يطبق تعاليم العطاء، والغنائم، والسلب،
[ ص: 82 ] وكانت موارد بيت مال المسلمين في مصر، تغطي تكاليف العطاء، وتفيض عنه، فيرسل عمرو ما يفيض من الأموال إلى عاصمة الدولة الإسلامية:
المدينة المنورة .
أما " عطاء
عمرو ، فقد جعله
عمر بن الخطاب مائتي دينار، كما ذكرنا، إذ كتب إلى عمرو: انظر من كان قبلك، ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة، فأتم له مائتي دينار، وأتم لنفسك بإمارتك مائتي دينار،
ولخارجة بن حذافة بشجاعته،
ولقيس بن العاص >[12] بضيافته "
>[13] .
وقد تكرر ذكر النساء في النهوض بالأمور الإدارية أيام الحرب، إذ يكون مجمل واجبهن في القتال: تموين المقاتلين، والعناية بالمرضى والجرحى، بعد نقلهم من الميدان إلى الخطوط الخلفية، والمشاركة بالقتال إن حزب الأمر، وأملت الضرورة القصوى ذلك.
وفي صحيح البخاري، (باب غزو المرأة في البحر) ، أن
ابنة ملحان >[14] . تزوجت
عبادة بن الصامت ، فركبت البحر مع
بنت قرظة >[15] ..
[ ص: 83 ]
وانظر باب: (حمل الرجل امرأته في الغزو دون بعض نسائه) ، وفيه عن
عائشة أم المؤمنين، رضي الله عنها : (أن النبي صلى الله عليه وسلم ، كان إذا أراد أن يخرج، أقرع بين نسائه، فأيتهن يخرج سهمها، خرج بها النبي صلى الله عليه وسلم ، فأقرع بيننا في غزوة غزاها، فخرج فيها سهمي، فخرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما أنزل الحجاب) .
وانظر: (باب غزو النساء وقتالهن مع الرجال) ، وفيه " عن
أنس بن مالك ، رضي الله عنه ، قال: لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر،
وأم سليم ، وإنهما لمشمرتان، أرى خدم
>[16] سوقهما تنقزان
>[17] القرب
>[18] ) . " وقال غيره: " تنقلان القرب على متونهما، ثم تفرغانه في أفواه القوم " وانظر أيضا: (باب حمل النساء القراب إلى الغزو) .
وانظر: (باب مداوة النساء الجرحى في الغزو) ، وفيه عن
الربيع بنت معوذ >[19] ، " قالت: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، نسقي، ونداوي الجرحى، ونرد القتلى. "
[ ص: 84 ]
وانظر: (باب رد النساء الجرحى والقتلى) ، وفيه " عن
الربيـع بنت معوذ ، قالت: (كنا نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فنسقي القوم، ونخدمهم، ونرد القتلى والجرحى إلى المدينة. "
قال الفقهاء، رحمهم الله: إن الجهاد فرض كفاية ، ولا يجب على أصحاب الأعذار لأعذارهم، ولا يجب على المرأة، لأنها مشغولة بحق زوجها، وحق العبد مقدم على حق الله، ويدل هـذا على أن الزوج إذا أذن لامرأته أن تخرج مجاهدة، أو أخذها معه في الجهاد، لا يكون عليه ولا عليها من بأس في ذلك.. ويدل ذلك أيضا على أن المرأة، إذا لم تكن ذات زوج تشتغل بحقه، فهي والرجل في وجوب الجهاد سواء... وهذا كله إذا لم يهجم العدو، فإذا هـجم العدو، وجب على جميع الناس أن يخرجوا، للدفاع عن الحوزة
>[20] .
وكان
عمرو قد أخرج امرأته
ريطة أم عبد الله بن عمرو بن العاص في حركته من الفسطاط إلى
الإسكندرية ، لفتح الإسكندرية، وكانت معه في حصار الإسكندرية، فلما تحرج موقف المسلمين، وأصبح الموقف خطيرا، قال لعمرو أحد رجاله محذرا: (إن العدو قد غشوك، ونحن نخاف على رائطة) ، يريد امرأته ريطة. فقال عمرو: (إذن تجدون رياطا كثيرة)
>[21] ، يريد أنه سيثبت مهما يكلفه الأمر من تضحيات.
[ ص: 85 ]
وقبيل حصار الإسكندرية، خاض عمرو معركة الكريون التي مر ذكرها، وكان
عبد الله بن عمرو بن العاص على المقدمة، فأصابت عبد الله جراحات كثيرة، فصلى عمرو برجاله يومئذ صلاة الخوف: بكل طائفة ركعة وسجدتين
>[22] ، فلا بد أن
ريطة أم عبد الله مرضته، وداوت جروحه، ورعته حق رعايته.
ومن الواضح أن قسما من رجال عمرو رافقتهم نساؤهم، فنهضن بواجباتهن الإدارية، كما نهضت زوج القائد عمرو بتلك الواجبات.