وبالتأمل فيما ذهب إليه الأصوليون من أقوال في حجية رأي الأكثرية، يمكننا القول: إن العلماء قد اختلفوا في حجية الاجتهاد الجماعي إلى اتجاهات متعددة، نعرض لذلك بالتفصيل، ثم نذكر ما نميل إليه، وذلك على النحو الآتي:
الاتجـاه الأول
ذهب كثير من العلماء
>[1] إلى أنه ليس بإجماع، لأنه لا ينعقد الإجماع إلا باتفاق جميع المجتهدين وعدم وجود المخالف، وفي حالة رأي الأكثرية يقابله رأي الأقلية، فيكون رأي الأكثرية ليس إجماعا، لأن الأدلة على الحجية وعصمة الأمة من الخطأ إنما كانت في حالة الإجماع من كل المجتهدين، باعتبار أنه لا يمكن اجتماعهم على ضلالة، أما في حالة اتفاق الأكثرية ومخالفة الأقلية، فلا يتحقق فيه إجماع الأمة وعصمتها، حتى يكون حجة ملزمة للآخرين يحرم عليهم مخالفته، ويؤكد هـذا المعنى فعل الصحابة، حيث إنه روي أن
ابن عباس قد خالف رأي الأكثرية في مسألة العول ، وربا الفضل ، والمتعة ، ولو كان رأي الأكثرية حجة كالإجماع لبادروا بالإنكار عليه وتخطئته، ولم ينقل ذلك عنهم، وإنما نقل عنهم مناظرته فقط.
[ ص: 94 ]