الفصل الخامس: وسيلة الاجتهاد الجماعي (المجمع الفقهي)
أدرك الكثير من علماء الإسلام المعاصرين التآمر المحدق بالشريعة الإسلامية وإقصائها عن أن تكون هـي التشريع الرسمي في البلدان الإسلامية، وأدركوا أيضا كثرة الحوادث المستجدة التي لم يسبق فيها رأي ولا اجتهاد، ولها أهمية كبرى في حياة الناس، وتحمل في طياتها الكثير من التعقيد والملابسات والتداخل مع قضايا وعلوم أخرى، حتى يكاد لا يوجد لها شبه في كتب التراث الفقهي، لهذا رأى العلماء ضرورة إحياء الاجتهاد الجماعي، باعتباره الوسيلة المثلى للاجتهاد، لما يتسم به من العمق العلمي، والشمول المعرفي، كما سبق بيان ذلك في فصل أهمية الاجتهاد الجماعي.. والوسيلة المثلى التي يمكن للعلماء أن ينظموا بها تجمعهم ومواصلتهم لأعمالهم الاجتهادية، هـي المجمع
>[1] .
الفقهي (المجمع الاجتهادي) . لهذا فقد دعا كثير من العلماء
>[2] في هـذا العصر إلى إنشاء
[ ص: 125 ] مجمع فقهي على نسق المجامع العلمية الأخرى، تحقيقا للهدف العام الذي يشعر المسلمون بالحاجة إليه في تجديد الفقه الإسلامي وتطوره، وليكون هـذا المجمع وسيلة للاستنارة برأي الجماعة في الاستنباط، بما يغني عن الاجتهاد الفردي
>[3] .
وإذا كان من الصعب أن نتناول بالتفصيل كل ما ينبغي أن يسير عليه تكوين المجمع وتسييره لعمله، فإننا سنكتفي بذكر مجموعة من النقاط التي تمثل معالم في تكوين المجمع وسيره، تاركين التفصيل لمن يقوم بتكوين المجمع وتسييره، لأن تنفيذهم العملي يجعل رؤيتهم واضحة فيما يجب أن يكون عليه المجمع، وما ينبغي أن يقوم به من أعمال، ووضع المقترحات اللازمة لتجاوز الصعاب، على ضوء ما يتطلبه واقع التجربة.