ثانيا: الثراء والتنوع والتطور
تتميز الدعوة الإسلامية بالثراء في مادتها، والتنوع في أساليبها، والتطور في معالجاتها، ويأتي ثراء هـذه الدعوة من النظرة الشمولية للدين الإسلامي، الذي جاء جامعا لحياة المسلمين في شتى المجالات، فلم يترك صغيرة ولا كبيرة في حياتهم إلا وتطرق إليها، ابتداء من وضع أصول الحياة الأسرية، إلى إعداد الجيوش ومقاومة الأعداء، وتنظيم اقتصاديات المسلمين،
ويأتي ذلك مصداقا لقول الحق جل وعلا:
( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ) (النحل:89) .
ومن ثم فإن الإعلام الدعوي لن يقف حائرا أمام أي مشكلة من مشكلات الحياة، في أي زمان وأي مكان، لأنه سوف يجد في دستور المسلمين الحلول العادلة لكافة المشكلات والقضايا.
كما تتميز الدعوة الإسلامية بالتنوع في الأساليب، والتعدد في الطـرق، مـع ثبـات الأهـداف، فالدعـوة قد تحتـاج إلى أسلـوب القـوة كما تحتاج إلى أسلوب اللين، وقد تحتاج إلى أسلوب المواجهة للخطأ، أو أسلوب التعميم وعدم المواجهة، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أحيانا عند الإنكار:
( ما بال أقوام يقولون كذا، أو يفعلون كذا ) >[1] وكان يواجه أحيانا صاحب الخطأ فيقـول له:
( ما بـال مقالـة بلغتني عنكم ) >[2] [ ص: 170 ]
وهنا يأتي دور الداعية الحصيف في قدرته على استخدام الأسلوب المناسب في الموقف المناسب والوقت المناسب، لأن دائرة الاختيار بين مختلف الأساليب واسعة ومتنوعة ومتعددة.
والدعوة الإسلامية تختلف في وسائلها وأساليبها من وقت إلى آخر، ومن حال إلى حال، بحسب المقتضيات والأزمان، فقد يصلح أسلوب دعوي مع شخص أو جماعة أو شريحة عمرية معينة، ولا يصلح في غير ذلك من المجالات، وهنا يجب على الداعية أن يغير من أساليبه بما يتناسب مع حال المتلقين، فقد يتطور الأسلوب الواحد من ترغيب إلى ترهيب، وقد يتطور الموقف مع العدو من أسلوب المهادنة والصلح إلى أسلوب المواجهة والقتال أو العكس، لأن الأصل أن الأساليب الدعوية اجتهادية ومتطورة، يمكن للدعاة أن يطوروا فيها بحسب مقتضيات عصرهم
>[3]