دور أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها في رواية الحديث:
ترجمتها وفضلها
وهي هـند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشية المخزومية
>[1] ، أبوها أحد أبناء
قريش المعدودين وأجوادهم المشهورين، قد ذهب في الدهر بلقب (زاد الراكب)
>[2] . كانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند
أبي سلـمة عبد الله بن عبـد الأسد بن هـلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، الصحابي ذو الهجرتين، ابن عمة المصطفى صلى الله عليه وسلم برة بنت عبد المطلب) وأخوه من الرضاعة، أرضعتهما ثويبة مولاة أبي لهب. كان لأبي سلمة ولزوجه هـند إلى جانب هـذا النسب العريق، ماض مجيد في الإسلام، فقد كانا من بين السابقين الأولين، وهاجرا مع
[ ص: 67 ] العشرة الأولين إلى
الحبشة ، حيث ولد ابنهما (سلمة) . ثم هـاجرا إلى
المدينة بعد قدومهما
مكة بعد بيعة العقبة ، فكانت قصة خروجهما مأساة عنيفة الإثارة أليمة الوقع، وأم سلمة هـي التي تروي هـذه المأساة لتبقى صفحة خالدة على جهادها وسبقها
>[3] ، فكانت أم سلمة رضي الله عنها بهذا أول ظعينة دخلت المدينة، وفي المدينة عكفت رضي الله عنها على تربية صغارها، وعكف زوجها على الجهاد، فشهد بدرا وأحدا وأبلى فيها بلاءا مشهـودا، ورمي بسهم في عضـده، ثم انتـكأ هـذا الجرح فظل به حتى مات سنة أربع للهجرة (4هـ) ، وكان من دعاء أبي سلمة: اللهم اخلفني في أهلي بخير، فأخلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم على زوجته أم سلمة، فصارت أما للمؤمنين، وعلى بنيه: سلمة، وعمر، وزينب، فصاروا ربائب في حجره المبارك صلى الله عليه وسلم ، وذلك سنة أربع للهجرة (4هـ) . وكانت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها ، آخر من مات من أمهات المؤمنين، عمرت حتى بلغها مقتل الحسين، لم تلبث بعده إلا يسيرا، وانتقلت إلى الله تعالى سنة (62هـ) ، وكانت قد عاشت نحوا من تسعين سنة
>[4] . كانت رضي الله عنها ، توصف بالعقل والدين، وكان رسول الله
[ ص: 68 ] يقدر رأيها ويأخذ به أحيانا
>[5] .
كما كانت تعد من فقهـاء الصحـابة ممن كان يفـتي، إذ عـدها
ابن حزم ضمن الدرجة الثانية، أي متوسطي الفتوى بين الصحابة رضوان الله عليهم، حيث قال: المتوسطون فيما روي عنهم مـن الفتـوى:
عثمـان ،
أبوهـريرة ،
عبـد الـله بـن عـمرو ،
أنـس ،
أم سلمة إلى أن عدهم ثلاثة عشر، ثم قال: ويمكن أن يجمع من فتيا كل واحد منهم جزء صغير.
>[6] .
مروياتها رضي الله عنها وتلاميذها:
روت
أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها الكثير الطيب، إذ تعد ثاني راوية للحديث بعد
أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، إذ لها جملة أحاديث قدرت حسب كتاب بقي بن مخلد ثلاثمائة وثمانية وسبعين حديثا (378) .
اتفق لها البخاري ومسلم على ثلاثة عشر حديثا، وانفرد البخاري بثلاثة، ومسلم بثلاثة عشر
>[7] .
ومجموع مروياتها حسب ما ورد في تحفة الأشراف مائة وثمانية وخمسون حديثا (158)
>[8] .
[ ص: 69 ]