دور أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها :
ترجمتها وفضلها
هـي بنـت أبي سفيـان بن حـرب بن أميـة بـن عبـد شمـس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي
>[1] ، وهي من بنات عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، ليس في أزواجه من هـي أقرب نسبا إليه منها، كانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند عبيد الله بن جحش، وهاجر بها إلى الحبشة في الهجرة الثانية ، ثم تنصر هـناك ومات على النصرانية، وبقيت
أم حبيبة رضي الله عنها على دينها، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم من يخطبها له بالحبشة سنة ست للهجرة فتزوجها عليه الصلاة والسلام، زوجها إياه النجاشي
>[2] ، ومهرها أربعة آلاف، وبعث بها مع شرحبيل بن حسنه، وجهازها كله من عند النجاشي، فلا يوجد في نسائه صلى الله عليه وسلم من هـي أكثر صداقا منها، ولا من تزوج بها وهي نائية الدار أبعد منها.
" فلما بلغ
أبا سفيـان نكـاح النـبي صلى الله عليه وسلم ابنـته قال: ذاك الفحـل لا يقرع أنفه "
>[3] ، وقد كان لأم حبيبة حرمة، ولا سيما في دولة أخيها معاوية، ولمكانـه منـها قيـل له: خـال المؤمنـين، وكانت قدمت
[ ص: 77 ] دمشق تزوره
>[4] .
توفيت أم حبيبة رضي الله عنها سنة أربع وأربعين للهجرة
>[5] ، وكانت قد ولدت قبل البعثة بسبعة عشر عاما.. " وقبيل موتها دعت
عائشة رضي الله عنها ، فقالت: قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك.. فقالت عائشة: غفر الله لك ذلك كله وحللت من ذلك. فقالت: سررتني سرك الله، وأرسلت إلى
أم سلمة فقالت لها مثل ذلك "
>[6] .
مروياتها وتلاميذها رضي الله عنها
روت
أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث، جعلها بقي بن مخلد خمسة وستين حديثا
>[7] ولها في مجموع الكتب الستة تسعة وعشرون حديثا
>[8] ، اتفق لها البخاري ومسلم على حديثين
>[9] .
روى عنها أخوها
معاوية وعنبسة ،
وابن أخيها عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان ،
وعروة بن الزبير ،
شتير بن شكل ،
شهر بن حوشب ،
[ ص: 78 ] أبو سفيان بن سعيد بن الأخنس وهي خالته،
أبو صالح ذكوان السمان ،
صفية بنت شيبة ،
زينب بنت أبي سلمة ...
وحديثها رضي الله عنها مشهور في تحريم الربيبة وأخت المرأة
>[10] وأيضا حديثها في فضل السنن الراتبة قبل الفرائض وبعدهن مشهور، وقد رواه عنها معظم التلاميذ الذين ذكرناهم.
كما حوت مروياتها أحاديث في وجوب الإحداد للمرأة المتوفي عنها زوجها، وعدم جوازه لغير الزوج فوق ثلاثة أيام، والكحل للحادة.. وفي الحج، روت في استحباب دفع الضعفة من النساء وغيرهن من
المزدلفة إلى
منى في أواخر الليل قبل زحمة الناس.
وفي أبواب الطهارة: الوضوء مما مسته النار، وفي صلاة الرجل في الثوب الذي جامع فيه، وما يجوز للرجل من المرأة الحائض.. وفي أبواب الصوم: روت في جواز القبلة للصائم، وفي الدعاء بعد الآذان.. وروت في العير التي فيها الجرس لا تصحبها الملائكة، وغيرها.
هذه عموما مرويات أم حبيبة رضي الله عنها وما حوته من موضوعات، وهي أيضا كما يلاحظ وصف لأفعال النبي صلى الله عليه وسلم وفيها أيضا أقوال له في ذكر فضل السنن الرواتب...
والملاحظ أيضا أن معظم مروياتها هـي تقريبا الواردة في الكتـب السـتة، وقد أخـذنا المحـتوى من تحـفة الأشراف.. وتفسير الفرق بين
[ ص: 79 ] جميع ما روت وما وجد في الكتب الستة، هـو التكرار.. وللتأكد من هـذا، رجعت إلى الطبراني الكبير وإلى زوائد الهيثمي.