البعد الثقافي للإعلان الإسلامي
للثقافة تعاريف كثيرة جدا، يلتقي معظمها في أن الثقافة هي:
ذلك النتاج المعقد والمتشابك من القيم العقدية والروحية، ومن الأنساق الفكرية، والتصورات النظرية، والممارسات الأخلاقية، والسمات الفنية،
>[1] والأنمـاط الثقـافية والاجتماعية
>[2] من: عادات وتقاليد وأعراف وفنون وأزياء وإبداعات وابتكارات.. يتفاعل معها الإنسان روحيا وماديا في سياقه الاجتماعي.
>[3]
فالثقافة -إذن- رؤية شمولية للحياة والمجتمع والنظام والكون
[ ص: 144 ] والطبيعة والإنسان، تتجسد في أعماق الفكر الوجداني الذاتي والأخلاقي والذوقي والسلوكي للإنسان والمجتمع.. فهي نمط معين من أنماط الحياة، يسير وفقه الفرد والجماعة والمجتمع لمواجهة الحياة، والتعامل مع سائر مقتضياتها وظروفها وملابساتها. فهي -إذن- الأسلوب المستخدم في تناول مشكلات ومقتضيات الحياة، وهي السلوك المعتمد في مواجهتها والتكيف معها.
والثقـافة الإسلامية ثقافة نورانيـة سامية، تستـقي جـذورها من الأسس العقدية والروحية للدين الإسلامي الحنيـف، وتهتدي بنور الله الذي هو نـور السماوات والأرض،
يقـول تعـالى:
( الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية ) (النور:35) .
وهي ليست كالثقافة الغربية المادية الوثنية التي تأله الإنسان وتقدسه، وتتمحور حول النتاج العقلي والوجداني له فقط، دون أية صلة بالخالق عز وجل، الذي يشكل المصدر الأول للقيم والأصول الثقافية والاجتماعية.
هذه الثقافة النورانية التي تزود الفرد والمجتمع المسلم بالقيم والسمات والأنماط الثقافية الإسلامية، لتضفي على مختلف نشاطاته طابع التأصيل الثقافي الإسلامي، وتمنح الإعلان الإسلامي خصوصياته
[ ص: 145 ] ومميزاته الثقافية الإسلامية، فيغدو بذلك شكلا متميزا من الأشكال الرافدة للثقافة. وهو ما سنوضحه -إن شاء الله- في المطلبين التاليين: