عوامل الجودة في تصميم الإعلان الإسلامي
تشترك جملة من العوامل والفاعليات الفنية الأخرى في جودة الإعلان الإسلامي وجودة تصميمه فنيا، وحسن تقديمه للجمهور المستقبل، بحيث يؤثر فيهم تأثيرا فاعلا وإيجابيا. فالاهتمام، والقدرة
[ ص: 179 ] على الإقناع، والحفز على الحركة، وترك الأثر النفسي العميق، تعتبر عوامل فعالة -لو وجدت معلنا ومصمما وفنانا إسلاميا واعيا، وموهوبا، ومتميزا، ليخرج الإعلان إخراجا فنيا جيدا- تساهم في نجاح الإعلان فنيا من جهة، وفي قبوله نفسيا من قبل جمهور المستقبلين من جهة ثانية.
وعوامل الجودة في الإعلان عديدة، من أهمها:
1- إثارة الاهتمام
ثمة فرق تأثيري كبير بين قراءة ومشاهدة وسماع الرسالة الإعلانية لدى جمهور المستقبلين، وبين الشعور والإحساس بوجود الإعلان واقعيا، وبين التأثر بجودته نفسيا وواقعيا.
وحتى يصل الإعلان إلى درجة الجودة العالية، لا بد أن تتوفر في تصميمه بعض العوامل الفنية التي تجذب الانتباه نحوه، وتثير الاهتمام بمحتوياته.. وهذه العوامل هي التي يعتمد عليها كثيرا ظهوره وبروزه، وقدرته على التأثير النفسي، ومناسبته للمألوف أو الخروج عنه، حسب الحدود الشرعية الضابطة.
فكثيرة هي المنتجات والسلع الجيدة، والخدمات والمنشآت النموذجية في حقيقتها وواقعها، ولكنها بفعل الإخراج الفني الرديء للإعلان، وافتقاره عوامل الجودة الفنية، ونقصه من النواحي التقنية الإخراجية، ينفر جمهور المستقبلين عنها، فهي إنما عرضت عليهم
[ ص: 180 ] بشكل مشوه يختلف عما هي عليه في الواقع.
وكثيرة هي المنتجات والخدمات والمنشآت والشركات والمؤسسات الضعيفة والرديئة والوهمية في حقيقتها وواقعها، ولكنها بفعل الإخراج الفني الجيد للإعلان، وبفعل توظيف عوامل الجودة الفنية فيه، وبفعل التكثيف الساحر للنواحي التقنية الإخراجية، ينجذب جمهور المستقبلين إليها، فهي إنما قدمت إليهم بشكل جيد يختلف عما هي عليه في الواقع.
وعليه، فإن الإعلان مهم في تزيين المعروضات من جهة، وفي تفعيل عملية الاهتمام والانتباه لدى جمهور المستقبلين من جهة أخرى، ولا يتم له هذان الأمران إلا بالإخراج الفني والتقني الجيد.. ولتحقيق عنصر التزيين وإثارة الاهتمام لدى جمهور المستقبلين، لا بد أن يحتوي الإعلان على العناصر التالية:
أ- البروز
المقصود بالبروز، ظهور الإعلان بشكل بارز وملفت للنظر، أو أن يكون منبها للأسماع، أو أن يحوز على اهتمام المستقبلين.
ب- القدرة على التأثير
وقدرة الإعلان على إثارة الاهتمام، تقاس بما فيه من قوى تدفع القراء أو السامعين أو المشاهدين نحوه، فينجذبون إليه.
[ ص: 181 ] جـ- الخروج عن المألوف:
ونعني بالخروج عن المألوف، محاولة تقديم بعض الصور والفنيات الإبداعيـة الجديـدة، التي لم يسبـق لجمهـور المستقـبلين أن تعود على رؤيتها أو مشاهدتها أو قراءتها أو سماعها.
د- سهولة الفهم
ونعني بسهولة الفهم، وضوح المحتويات والمضامين التي يحملها الإعلان لجمهور المستقبلين.
2 - القدرة على الإقناع
والقدرة على الإقناع، هي العامل الثاني الذي يقوي ويدعم عوامل الجودة في الإعلان الإسلامي، بحيث تقوم الرسالة الإعلانية مقام الرسول الذي يبعث به المنتج أو المتعامل أو الموزع إلى عامة المستهلكين، فيبلغهم رسالة بيعية أو فكرة لها أهميتها عند كل من المتعامل والبائع والمستهلك.. وعلى إثر قراءة أو سماع أو مشاهدة تلك الرسالة، يقرر المستهلك شراء السلعة، أو الإقبال على الخدمة، أو الامتناع عنهما.
وكلما كان هذا الرسول لبقا في حديثه، منطقيا في أسلوبه وطريقة عرضه، فاهما لحقيقة ما يروج له، دارسا لشخصية الجمهور المستقبل، يكون إعلانه ناجحا ومؤثرا في الجمهور. وإذا أراد المعلن أن ينجح في إقناع الجمهور، وجب عليه ما يلي:
[ ص: 182 ]
أ- البحث عن تقنيات عالية الأداء لمقاومة غريزة الحرص المتأصلة في النفس البشرية، بحيث لا ينفق الفرد ماله إلا إذا وجد المنفعة الحقيقية التي ستعود عليه بالفائدة.
ب- اختيار أفضل التقنيات والفنيات الإخراجية التأثيرية الدائمة لغرس عادة الإقبال والاستهلاك والشراء عن طريق الإعلانات لدى الجمهور المستقبل، الذي اعتاد الشراء عن غير طريق الإعلانات.
3- الحفز على الحركة
والحفز على الحركة هو العامل الثالث الذي يقوي ويدعم عوامل الجودة في الإعلان الإسلامي، بحيث تحتوي الرسالة الإعلانية على معطيات وفنيات وفوائد عديدة تدفع الجمهور المستقبل بقوة نحوها.. ومن بين الأسـاليب المحفزة على الحركة، الإيحاء الضمني للجمـهور، أو الإيحاء الرفيق بهم، أو الإيحاء المباشر، أو الإيحاء العاطفي المشبع بالأمنيات والتطلعات المشروعة.. وقس على ذلك.
وإذا ما اجتمعت عوامل الجودة الثلاثة هاته في الإعلان الإسلامي، فإنه يصل إلى الجمهور المستقبل ويؤثر فيه، ويحمله باقتناع وبتعاطف للتعامل مع ما يعلن عنه. وهو الذي يمارسه الإعلان الإسلامي مهتديا بالمعالم الشرعية التالية:
أ- الاهتداء بالنظرية الفنية الإسلامية، التي تعكس تصور الإسلام للرسم والخط واللون والشكل والزي والحركة والظل.
[ ص: 183 ]
ب- الاهتداء بالنظرية الإسلامية في النواحي الاجتماعية والثقافية والتربوية والتعليمية والإعلامية.
وهكذا تتشكل معالم الإعلان الإسلامي الأصيل، الذي سيمكن الإعلام الإسلامي في مرحلتي التغيير والبناء، من الدخول إلى أعماق الجمهور المسلم، أولا ليحقق فيه التوازن، ويعيد إليه الفطرة السليمة والحنيفية السمحة، التي أفسدت بفعل الفجور والتهتك والخلاعة الإعلامية والإعلانية الغربية الوثنية، ولينتقل بعدها نحو الجمهور العالمي، الذي ينتظر صوت الحق والهـدى المنبعث من مجالات ووسائل الإعلام والإعلان الإسلامي المستنير
بقول الله سبحانه وتعالى:
( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين ) (يوسف:108) .
[ ص: 184 ]