خامسا: الإشارة باليد
21- عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال:
( كان رجل من الأنصار يجلس إلى النـبي فيسـمع من النـبي الحديـث فيعـجبه ولا يحفظه، فشكا ذلك إلى النبي فقال: يا رسول الله إني أسمع منك الحديث فيعجبني ولا أحفظه، فقال رسول الله: (استعن بيمينك ) ) وأومأ بيده للخط
>[1]
22- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
[ ص: 79 ] ( ألا أخبركم بخير دور الأنصار؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: بنو النجار، ثم الذين يلونهم بنو عبد الأشهل، ثم الذين يلونهم بنو عبد الحارث بن الخـزرج، ثم الذيـن يلونهم بنـو سـاعـدة (ثم قال بيده فقبض أصابعه ثم بسطهن كالرامي بيده) ثم قال: وفي كل دور الأنصار خير ) >[2]
23- عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي أنه قال:
( يقبـض العلـم ويـظـهر الجـهـل والفـتـن، ويكـثر الهرج، قيـل: يـا رسول الله وما الهرج؟ فقال: هكذا بيده فحرفها كأنه يريد القتل ) >[3]
نجد في هذا الحديث الشريف كيف أن الرسول، لم يقدم للسائل عن معنى الهرج إجابة شفوية، بل اكتفى بحركة من يده الشريفة بما يعني القتل، وفيها ما يغني ويفيد.
24-
( عـن ابـن أبي أوفـى رضي الله عنه قـال: كـنا مـع رسـول الله في سفر، فلما غابت الشمس قال لرجل: انزل [ ص: 80 ] فاجدح لنا، فقال: يا رسول الله لو أمسيت، قال: انزل فاجدح لنا، قال: إن علينا نهارا.. فنزل فجدح له فشرب، ثم قال: إذا رأيتم الليل قد أقبل من ههنا ( وأشار بيده نحو المشرق ) فقد أفطر الصائم ) >[4]
( جدح ) هو خلط الشيء بغيره، والمراد هنا خلط السويق بالماء وتحريكه حتى يستوي.
25-
( عن أبي مسعود رضي الله عنه قال: أشار النبي بيده نحو اليمن، فقال: ألا إن الإيمان ههنا، وإن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين، عند أصول أذناب الإبل، حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر ) .
( الفدادين ) جمع فداد، وهم الذين تعلو أصواتهم في إبلهم وخيلهم وحروثهم ونحو ذلك
>[5]
26-
( عن ابن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله يشير بيده نحو المشرق ويقول: ها إن الفتنة ههنا، ها إن الفتنة [ ص: 81 ] ههنا ( ثلاثا ) حيث يطلع قرنا الشيطان ) >[6]
27-
( قال يسير بن عمرو: قلت لسهل بن حنيف: هل سمعت النبي يقول في الخوارج شيئا؟ قال: سمعته يقول -وأهـوى بيـده قبـل العـراق - يخرج منـه قـوم يقـرأون القـرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية. ) >[7]
( تراقيـهم ) جـمع ترقـوة، وهي عظـم أعـلى الصـدر، والمراد أنه لا يصل إلى قلوبهم.
28-
( عـن كعـب بن مـالك رضـي اللـه عنـه، أنه كـان له على عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي رضي الله عنه مال، فلقيه فلزمه، حتى ارتفعت أصواتهما، فمر بهما النبي فقال: يا كعب -فأشار بيده كأنه يقول النصف - فأخذ نصف ما له عليه وترك نصفا ) >[8]
29-
( عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله، ذكر يوم الجمعة فقال: فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو يصلي يسأل [ ص: 82 ] الله شيئا إلا أعطاه إياه. زاد قتيبة في روايته: وأشار بيده يقللها ) >[9]
30-
( عـن أبـي ذر رضي الله عنه قـال: كنـت أمشي مـع النبي في حرة المدينة، فاستقبلنا أحد، فقال: يا أبا ذر، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: ما يسرني أن عندي مثل أحد هذا ذهبا، تمضي علي ثالثة وعندي منه دينار، إلا شيئا أرصده لدين، إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا -عن يمينه وعن شماله ومن خلفه - ثم مشى، ثم قال: إن الأكثرين هم الأقلون يوم القيامة، إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا -عن يمينه وعن شماله ومن خلفه - وقليل ما هم. ) >[10]
( أرصده لدين ) أحفظه وأعده لوفاء دين مستحق علي.
إن هذا الحديث الشريف تضمن -إلى جانب استخدام اليد كوسيلة تعليمية - مبدأ مهما من المبادئ التربوية النبوية، ألا وهو مبـدأ توظيـف الأحداث الجارية في التعليم. فقول الرسول صلى الله عليه وسلم
[ ص: 83 ] لأبي ذر رضي الله عنه وهو يعلمه الزهد في الدنيا:
( ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهبا.. ) حال مشاهدتهما لجبل أحد، لا شك أنه أشد وقعا، وأبقى أثرا، وأقوى إثارة لانتباهه، عما لو كان بعيدا عنه. وقديما قيل: ما جاء في وقته وقر. وكلنا يعلم أن أبا ذر رضي الله عنه أصبح من أشد الناس زهدا في الدنيا، وإعراضا عن زخارفها.
31- كما ورد أن الرسول وضع يده على رأس المخاطب للـدلالـة على القـرب الشـديد. فـقد أخـرج أبو داود
( عن عبد الله ابن حوالة الأزدي رضي الله عنه أنه قال: بعثنا رسول الله لنغنم على أقدامنا، فرجعنا فلم نغنم شيئا، وعرف الجهد في وجوهنا، فقال: اللهم لا تكلهم إلي فأضعف عنهم، ولا تكلهم إلى أنفسهم فيعجزوا عنها، ولا تكلهم إلى الناس فيستأثروا عليـهم -ثم وضـع يـده على رأسـي، أو قـال: على هامتي- ثم قال: يا ابن حوالة إذا رأيت الخلافة قد نزلت أرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب من الناس من يدي هذه من رأسك. ) >[11] [ ص: 84 ]