3- أزولد اشبنجلر
>[1]
عرف
أزولد اشبنجلر بمؤلفه (تدهور الحضارة ) ، فقد كان قويا في طرحه، جريئا في أفكاره، غير حذر ولامتحفظ، لذا رأينا مفكرا ومؤرخا مثل (توينبي ) يصرح بمخالفاته لاشبنجلر ومؤلفاته، فلقد شن عليه هـجوما كبيرا، وقد استفاد من ذلك كل من جاء بعده.
وقد تقدم إيمانه بدورة الحضارة، وتقسيمها إلى دور سابق، ودور الحضارة الفاعلة، ودور الحضارة المستنفذة.
وهو يكرر في كتابه (تدهور الحضارة ) أن حضارة اليوم وصلت إلى الدور الأخير، وهي سائرة إلى الانحلال، ومن هـنا جرى الهجوم الشديد عليه، وعلى رأيه في هـذه الحتمية، فصنف بأنه يؤمن بالجبر، وقد راح
[ ص: 190 ] (
توينبي ) يعيد ويكرر أنه لا يشارك
اشنبجلر آراءه في الجبر، بل يؤمن بالاختيار. كما هـوجم تشبيهه الحضارة بالإنسان على نحو الفصول الأربعة في دورانها، وهوجم كذلك قوله بأن كل الحضارات تظهر وتكتمل وتموت في أوقات معاصرة، وأن كل حضارة تمر بنفس الأدوار، التي مر بها من سبقها، وكذلك اكتمالها وظهور الإبداع فيها. بعض الذين هـاجموا اشبنجلر يرون أنه سقط في أخطاء تاريخية كذلك. وكل هـذا النقد الشديد أفاد منه من جاء بعده فراح يتبرأ من ذلك.
والذي أعتقده أن الإنسان العاقل لا يمكن أن يكون كل ما يطرحه خطأ، وإلا فليـس بعاقـل، ولا يمكن أن يكون كل ما يطـرحه صوابا، لأنه يجب أن يكون معصوما من الخطأ، ولا معصوم سوى الأنبياء، وفيما يبلغون عن الله تعالى، وخارج هـذه الدائرة لا معصومية، ومن يتصورون وجود معصوم -غير نبي- فأدلتهم هـزيلة، وتناقضاتهم كثيرة.