ثانيا: التطور التاريخي باتجاه حقوق الإنسان :
يمثل معظم تاريخ حقوق الإنسان حالة مظلمة من الذل، والهوان، وانعدام حقوق الإنسان، ففي الحضارات القديمة في مصر، وفارس، والهند، والصين، وبابل، وروما وغيرها كان الحاكم يعد من طبيعة إلهية، وكان الناس عبيدا له، وليس لهم في مواجهته أية حقوق أو حريات، فكانت سلطته مطلقة يفعل بهم ما يشاء، فهو لم يكن مفوضا من قبل الإله، بل هـو الإله نفسه بزعمهم، وقد حكى القرآن الكريم بعضا من هـذه الحال
قال تعالى حـكاية عن
فرعون :
( فقال أنا ربكم الأعلى ) (النازعات:24) ،
وأيضا:
( ما علمت لكم من إله غيري ) (القصص:38) ،
وقال تعالى حكاية عن
[ ص: 49 ] (
النمرود ) في جداله مع
إبراهيم عليه السلام :
( قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت قال أنا أحيي وأميت ) (البقرة:258) .
في مثل هـذا الجو لا كلام عن حقوق الإنسان، وهي حقبة طويلة مظلمة في تاريخ حقوق الإنسان.
ولما أشرق نور الإسلام في القرن السابع الميلادي، وأطـاح فيما بعد بالإمبراطورية الفارسية وأضاءها بنوره، وانتزع من الإمبراطورية الرومانية شعوبا كثيرة أضاءها بنوره أيضا، لم يكتب لأوروبا أن تستظل بنور الإسلام، فبقيت تنتقل من ظلام إلى ظلام لا تعرف شيئا اسمه: حقوق الإنسان.