الخاتمة
حين تناولت هـذه الدراسة المنهج المعرفي الغربي، وكشفت عن أهم عناصر التحيز، التي تجلت في بعض دراساته المتعلقة بالإنسان والمجتمع في
أفريقيا المسلمة، فيجب القول: بأن ذلك التناول لم يتعرض إلى علوم وحقول معرفية أخرى سارت على المنهج ذاته، كالتربية والسكان والجماليات وغيرها، مما تناول أفريقيا المسلمة.
كما لا ننسى أن نشير إلى أن النقد الموجه إلى المنهج المعرفي الغربي وهو يتناول أفريقيا المسلمة، يمكن سحبه وإلى حد كبير على المنهج نفسه وهو يتناول الإنسان والمجتمع في
آسيا ، أو في غيرها من مناطق العالم لإسلامي، ذلك أن ثنائية الذات و (الآخر) وهي راسخة في العقل الغربي، تعمل على الحيلولة دون تحرر هـذا العقل من منطلقاته المسبقة وأفكاره القبلية، أيا كانت الساحات التي يخوض فيها.
وقد سبق
للدكتور هـشام شرابي أن قدم دراسة بعنوان «الذات في صورة الآخر» ضمن كتابه «النقد الحضاري للمجتمع العربي» (بيروت،1990م) التي من خلالها ألقى الضوء على ظاهرة الخلط بين الآيديولوجيا والعلم في بعض الدراسات الغربية المتعلقة بالمسلمين بوجه عام، وذلك عبر تتبعه لعدد من البحوث
[ ص: 162 ] والدراسات المختلفة
>[1] .
ثم إنه بقدر ما تمثله هـذه الدراسة من منحى نقدي للمنهج المعرفي المذكور وهو يدرس (الآخر) ، فإنها تمثل في الوقت نفسه بحثا في موضوع «تحرير المعرفة» الذي يندرج ضمن الاتجاهات العامة «لإسلامية المعرفة» مع اهتمام نوعي بالمعرفة «النسبية» - المغفلة كثيرا - والتي يفرضها المجال الأفريقي، موضع الدراسة.
وأخيرا، لا بد أن نقر بأن هـذه المحاولة المتواضعة لا تقف إلا على الشواطىء، ولنا الأمل في أن يركب غيرنا بحر الموضوع، ويخوض فيه على نحو أكثر سعة وعمقا.
ونسأل الله التوفيق.
[ ص: 163 ]