( كتاب الصيام ) مصدر صام كالصوم ( وهو ) لغة الإمساك ، ومنه {
إني نذرت للرحمن صوما } وقول الشاعر :
خيل صيام وخيل غير صائمة تحت العجاج وأخرى تعلك
اللجما يقال للفرس : صائم إذا أمسك عن العلف ، مع القيام ، أو عن الصهيل في موضعه ، ويقال : صامت الريح ، إذا أمسكت عن الهبوب و ( شرعا إمساك عن أشياء مخصوصة ) هي مفسداته الآتية في الباب بعده ( بنية في زمن معين ) ، وهو من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ، ( من شخص مخصوص ) وهو المسلم العاقل غير الحائض والنفساء .
( صوم شهر رمضان ) من كل عام ( أحد أركان الإسلام وفروضه ) المشار إليها في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر المتفق عليه بقوله : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16430بني الإسلام على خمس } الحديث ( فرض في السنة الثانية من الهجرة ) إجماعا ( فصام النبي صلى الله عليه وسلم
[ ص: 300 ] تسع رمضانات ) إجماعا .
( والمستحب قول : شهر رمضان ) كما قال تعالى {
شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } ( ولا يكره قول رمضان بإسقاط شهر ) لظاهر حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13439الموفق أنه يكره إلا مع قرينة الشهر ، وذكر الشيخ
تقي الدين وجها : يكره .
وفي المنتخب : لا يجوز ، لخبر
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30527لا تقولوا جاء رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله تعالى } وقد ضعف وقال
ابن الجوزي : هو موضوع وسمي رمضان لحر جوف الصائم فيه ورمضه ، والرمضة شدة الحر ، وقيل : لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة وافق شدة الحر وقيل : لأنه يحرق الذنوب وقيل : موضوع لغير معنى كبقية الشهور ، وجمعه : رمضانات وأرمضة ، ورماضين وأرمض ورماض ورماضي وأراميض .
( ويستحب للناس ليلة الثلاثين من شعبان أن يتراءوا هلال رمضان
ويجب صومه ) أي شهر رمضان ( برؤية هلاله ) لقوله تعالى {
كتب عليكم الصيام } - إلى قوله - {
فمن شهد منكم الشهر فليصمه } وقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21241صوموا لرؤيته } والإجماع منعقد على وجوبه إذن ( فإن لم ير ) الهلال ليلة الثلاثين من شعبان ( مع الصحو كملوا عدة شعبان ثلاثين يوما ثم صاموا ) بغير خلاف وصلوا التراويح كما لو رأوه قاله في المبدع .
ويستحب ترائي الهلال احتياطا للصوم وحذارا من الاختلاف وعن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=27399كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحفظ في شعبان ما لا يتحفظ في غيره ثم يصوم لرؤية رمضان } رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني بإسناد صحيح وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=593أحصوا هلال شعبان لرمضان } رواه
الترمذي وإذا رأى الهلال كبر ثلاثا وقال " اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والأمن والأمان ربي وربك الله " ويقول ثلاث مرات : هلال خير ورشد ، ويقول : " آمنت بالذي خلقك " ثم يقول : " الحمد لله الذي أذهب بشهر كذا وجاء بشهر كذا " قاله في الآداب الكبرى وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم {
إذا رأى الهلال قال : الله أكبر اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان ، والسلامة والإسلام ، والتوفيق لما تحب وترضى ، ربي وربك الله } .
( وإن حال دون منظره ) أي مطلع الهلال
[ ص: 301 ] ( غيم أو قتر أو غيرهما ) كالدخان ، والقتر والقترة محركتين : الغبرة ( ليلة الثلاثين من شعبان لم يجب صومه قبل رؤية هلاله أو إكمال شعبان ثلاثين ) يوما ( نصا ، ولا تثبت بقية توابعه ) كصلاة التراويح ووجوب الإمساك على من أصبح مفطرا ، ( واختاره
الشيخ وأصحابه وجمع ) منهم
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل ذكره في الفائق وصاحب التبصرة وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=13168ابن رزين في شرحه قال الشيخ
تقي الدين : هذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد المنصوص الصريح عنه ، وقال : لا أصل للوجوب في كلام الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ولا في كلام أحد من الصحابة ورد صاحب الفروع جميع ما احتج به الأصحاب للوجوب وقال : لم أجد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد كلاما صريحا بالوجوب ولا أمر به فلا يتوجه إضافته إليه انتهى .
لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة مرفوعا {
nindex.php?page=hadith&LINKID=21241 : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما } متفق عليه ; ولأنه يوم شك وهو منهي عنه ، والأصل بقاء الشهر ، فلا ينتقل عنه بالشك ( والمذهب : يجب صومه ) أي
صوم يوم الثلاثين من شعبان إن حال دون مطلعه غيم أو قتر ونحوهما ( بنية رمضان حكما ظنيا بوجوبه احتياطا لا يقينا ) ، اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي وأكثر شيوخ أصحابنا ونصوص
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عليه ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وابنه
nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية وعائشة وأسماء بنتي أبي بكر ، وقاله جمع من التابعين لما روى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مرفوعا قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=10043إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا ، فإن غم عليكم فاقدروا له } متفق عليه ، ومعنى " فاقدروا له " أي : ضيقوا لقوله تعالى {
: ومن قدر عليه رزقه } أي : ضيق وهو أن يجعل شعبان تسعا وعشرين يوما ، ويجوز أن يكون معناه : اقدروا زمانا يطلع في مثله الهلال ، وهذا الزمان يصح وجوده فيه أو يكون معناه : فاعلموا من طريق الحكم أنه تحت الغيم كقوله تعالى : {
إلا امرأته قدرناها من الغابرين } أي : علمناها .
مع أن بعض المحققين قالوا : الشهر أصله تسع وعشرون يؤيده ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12425إسماعيل عن
أيوب عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع قال : " كان
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر إذا مضى من شعبان تسع وعشرون يوما بعث من ينظر له فإن رآه فذاك وإن لم يره ولم يحل دون منظره سحاب
[ ص: 302 ] ولا قتر أصبح مفطرا ، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائما " ، ولا شك أنه راوي الخبر وأعلم بمعناه فتعين المصير إليه كما رجع إليه في تفسير خيار المتبايعين يؤكده قول
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة وعائشة : " لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلي من أن أفطر يوما من رمضان " ; ولأنه يحتاط له ، ويجب بخبر الواحد ، وأجيب عن الأول بأن خبر
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة يرويه
محمد بن زياد وقد خالفه
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب فرواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23695 : فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين } وروايته أولى ; لإمامته واشتهار عدالته وثقته وموافقته لرأي
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
وقال
الإسماعيلي : ذكر شعبان فيه من تفسير
ابن أبي إياس ، وليس هو بيوم شك كما يأتي ( ويجزئه ) صوم يوم الثلاثين حينئذ ( إن بان منه ) أي : من رمضان بأن ثبتت رؤيته بمكان آخر ; لأن صيامه وقع بنية رمضان قيل للقاضي : لا يصح إلا بنية ومع الشك فيها لا يجزم بها فقال : لا يمنع التردد فيها للحاجة كالأسير وصلاة من خمس .
( ويصلي التراويح ليلته ) إذن ( احتياطا للسنة ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد : القيام قبل الصيام ( وتثبت بقية توابعه ) أي : الصوم ( من وجوب كفارة بوطء فيه ونحوه ) كوجوب الإمساك على من لم يبيت النية ، ونحوه لتبعيتها للصوم ( ما لم يتحقق أنه من شعبان ) بأن لم يزمع الصحو هلال شوال بعد ثلاثين ليلة من الليلة التي غم فيها هلال رمضان فيتعين أنه لا كفارة بالوطء في ذلك اليوم ( ولا تثبت بقية الأحكام من حلول الآجال ووقوع المعلقات ) من طلاق أو عتق .
( وغيرها ) كانقضاء العدة ومدة الإيلاء عملا بالأصل خولف للنص ، واحتياطا للعبادة عامة .
" تتمة " قال
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل : البعد مانع كالغيم فيجب على كل حنبلي يصوم مع الغيم أن يصوم مع البعد لاحتماله انتهى قال
ابن قندس : المراد بالبعد البعد الذي يحول بينه وبين رؤية الهلال كالمطمور والمسجون ومن بينه وبين المطلع شيء يحول ، كالجبل ونحوه " .