كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
فصل ( ثم يغسل رجليه ) للآية الكريمة ( ثلاثا ) لحديث عثمان وغيره ( إلى الكعبين ) أي : كل رجل تغسل إلى الكعبين ولو أراد كعاب جميع الأرجل لذكره بلفظ الجمع كقوله { وأيديكم إلى المرافق } ; لأن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي توزيع الأفراد على الأفراد ، كقوله : ركب القوم دوابهم ونحوه ( وهما ) أي : الكعبان ( العظمات الناتئان في جانبي رجله ) قاله أبو عبيدة .

ويدل عليه حديث { النعمان بن بشير قال كان أحدنا يلصق كعبه بكعب صاحبه في الصلاة } رواه أحمد وأبو داود ولو كان مشط القدم لم يستقم ( ويجب إدخالهما في الغسل ) لما سبق ، ولقوله صلى الله عليه وسلم { ويل للأعقاب من النار } متفق عليه من حديث عبد الله بن عمر ( وإن كان أقطع وجب غسل ما بقي من محل الفرض ) لقوله صلى الله عليه وسلم { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } متفق عليه ، وسواء كان ( أصلا ) بأن قطعت يده من دون المرفق ، أو رجله من دون الكعب ( أو تبعا كرأس عضد ) يد قطعت عن مفصل المرفق .

( و ) رأس ( ساق ) قطعت من مفصل كعب ( وكذا يتيمم ) إذا قطعت يده ، وجب مسح ما بقي من محل الفرض أصلا أو تبعا ( فإن لم يبق شيء ) من محل الفرض بأن قطعت اليد من فوق المرفق أو الرجل من فوق الكعب ( سقط ) ذلك الفرض لفوات محله ( لكن يستحب أن يمسح محل القطع بالماء ) لئلا يخلو العضو عن طهارة [ ص: 102 ]

وظاهره : أنه لو قطعت اليد من فوق الكوع لم يستحب مسح محل القطع بالتراب ( وإذا وجد الأقطع ونحوه ) كالأشل والمريض الذي لا يقدر أن يوضئ نفسه ( من يوضئه ) أو يغسله ( بأجرة المثل وقدر عليها من غير إضرار ) بنفسه أو من تلزمه نفقته ( لزمه ذلك ) ; لأنه في معنى الصحيح .

( وإن وجد من ييممه ولم يجد من يوضئه لزمه ذلك ) كالصحيح يقدر على التيمم دون الوضوء ( فإن لم يجد ) من يوضئه ولا من ييممه ، بأن عجز عن الأجرة أو لم يقدر على من يستأجره ( صلى على حسب حاله ) قال في المغني : لا أعلم فيه خلافا وكذا إن لم يجده إلا بزيادة عن أجرة مثله إلا أن تكون يسيرة على ما يأتي في التيمم ( ولا إعادة عليه ) كفاقد لطهورين ( واستنجاء مثله ) أي : مثل الوضوء ، فكما تقدم .

( وإن تبرع أحد بتطهيره لزمه ذلك ) قال في الفروع : ويتوجه لا ويتيمم ( ويسن تخليل أصابع يديه وتخليل أصابع رجليه ) لما روى لقيط بن صبرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { وخلل بين الأصابع } رواه الخمسة وصححه الترمذي وهو في حال الرجلين آكد ، ذكره في الشرح ويخلل أصابع رجليه ( بخنصره ) لخبر المستورد رواه أحمد وغيره لكنه ضعيف اليسرى ; لأنها معدة لإزالة الوسخ والدرن من باطن رجليه ; لأنه أبلغ .

ذكره في المبدع وغيره ( فيبدأ بخنصر يمنى ) إلى إبهامها ( ويسرى بالعكس ) يبدأ من إبهامها إلى خنصرها ( للتيامن ) أي : ليحصل التيامن في تخليل الأصابع ويخلل أصابع يديه إحداهما بالأخرى فإن كانت أو بعضها ملتصقة سقط ( و ) يسن ( الغسل ثلاثا ثلاثا ) لما تقدم في موضعه ( ويجوز الاقتصار على ) الغسلة ( الواحدة ، و ) الغسلتان ( الثنتان أفضل ) من الواحدة .

( والثلاث أفضل ) من الثنتين ، ومن الواحدة بطريق الأولى ; لأنه صلى الله عليه وسلم { دعا بماء فتوضأ مرة مرة وقال هذا وظيفة الوضوء - أو قال هذا وضوء من لم يتوضأه لم يقبل الله له صلاة ، ثم توضأ مرتين مرتين ، وقال هذا وضوء من توضأه كان له كفلان من الأجر وتوضأ ثلاثا ثلاثا ، وقال هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي } رواه ابن ماجه .

وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده { أنه لما سئل عن الوضوء ، فأراه ثلاثا ثلاثا - فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وتعدى وظلم } رواه أبو داود وتكلم مسلم على قوله أو نقص وأوله البيهقي على نقصان العضو واستحسنه الذهبي .

( وإن غسل بعض أعضائه أكثر من بعض ) بأن غسل عضوا مرة أو مرتين وآخر ثلاثا ( لم يكره ) كما لو غسل الكل متساويا [ ص: 103 ] ( ويعمل في عددها ) أي : الغسلات ( إذا شك ) فيه ( بالأقل ) كركعات الصلاة ، إذ الأصل عدم الإتيان بالمشكوك فيه ( وتكره الزيادة عليها ) أي : على الثلاث لحديث عمرو المتقدم .

( و ) يكره ( الإسراف في الماء ) ولو على نهر جار لما يأتي في الغسل ( ويسن مجاوزة موضع الفرض ) بالغسل ، لما روى نعيم المجمر أنه رأى أبا هريرة يتوضأ ، فغسل وجهه ويده ، حتى كاد يبلغ المنكبين ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين ، ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل } متفق عليه ولمسلم عنه سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول { تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء } .

التالي السابق


الخدمات العلمية