كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
وكذا لو وقع كلب في ملاحة فصار ملحا ، أو في صبانة فصار صابونا ( إلا علقة خلق منها آدمي ) أو حيوان طاهر فإنها تصير طاهرة ، بعد أن كانت نجسة لأن نجاستها بصيرورتها علقة فإذا زال ذلك عادت إلى أصلها كالماء الكثير المتغير بالنجاسة ( و ) إلا ( خمرة انقلبت خلا بنفسها ) فإنها تطهر لأن نجاستها لشدتها المسكرة الحادثة لها .

وقد زال ذلك من غير نجاسة خلفتها ، فوجب أن تطهر ، كالماء الذي تنجس بالتغير إذا زال تغيره بنفسه ولا يلزم عليه سائر النجاسات ، لكونها لا تطهر بالاستحالة ; لأن نجاستها لعينها والخمرة نجاستها لأمر زال بالانقلاب ( أو ) انقلبت الخمرة خلا ( بنقلها ) من موضع إلى آخر ، أو من دن إلى آخر ( لغير قصد التخليل ) فتطهر ، كما لو انقلبت بنفسها .

( ويحرم تخليلها ) ولو كانت ليتيم لحديث مسلم عن أنس قال { سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر تتخذ خلا ؟ قال لا والنبيذ كالخمر } فيما تقدم ( فإن خللت ) أي : فعل بها شيء تصير به خلا ( ولو بنقلها لقصده ) أي : التخليل ( لم تطهر ) لما تقدم أنه يحرم تخليلها فلا تترتب عليه الطهارة ( ودنها ) أي : الخمر ( مثلها ، فيطهر بطهارتها ) تبعا لها ( ولو مما يلاقي الخل مما فوقه مما أصابه الخمر في غليانه ) فيطهر كالذي لاقاه الخل ( كمحتفر من الأرض طهر ماؤه بمكث ) أي : بزوال تغيره بنفسه ( أو بإضافة ) ماء كثير ، أو بنزح بقي بعده كثير .

ويدخل في ذلك ما بني في الأرض من الصهاريج والبحرات لأن ذلك يطهر بمكاثرته بالماء الطهور ، وهي حاصلة ( لا إناء طهر ماؤه بمكثه أو كوثر ماء نجس فيه بماء كثير طهور ، حتى صار ) ما فيه ( طهورا لم يطهر الإناء بدون انفصاله ) أي : الماء ( عنه فإذا انفصل ) الماء عنه ( حسبت غسلة واحدة ) ولو خضخضه مرات ( يبنى عليها ) ما بقي من الغسلات ( ويحرم على غير خلال إمساك خمر ليتخلل بنفسه ، بل يراق ) الخمر ( في الحال فإن خالف ) غير الخلال ( وأمسك ) الخمر ( فصار خلا بنفسه ) أو بنقله لا لقصد تخليل ( طهر ) لما تقدم .

وأما الخلال فلا يحرم عليه إمساك الخمر ليتخلل لئلا يضيع ماله وإذا تخللت بنفسها أو بنقل ، لا لقصد تخليل حلت وإلا فلا ( والخل المباح : أن يصب على العنب أو العصير خل قبل غليانه ) وقبل أن تمضي عليه ثلاثة أيام بلياليهن ( حتى لا يغلي ) قيل للإمام : فإن صب عليه خل فغلي قال يهراق ( والحشيشة المسكرة نجسة ) اختاره الشيخ تقي الدين والمراد بعد علاجها كما يدل عليه كلام الغزي في شرحه على منظومته وقيل : طاهرة قدمه في الرعاية [ ص: 188 ] الكبرى وحواشي صاحب الفروع على المقنع وهو ظاهر كلام كثير من الأصحاب وهو الصواب قاله في تصحيح الفروع والقول الثاني هو ظاهر ما قدمه في المبدع .

التالي السابق


الخدمات العلمية