كشاف القناع عن متن الإقناع

البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

صفحة جزء
( وإذا أوصى إلى واحد ، و ) أوصي ( بعده إلى آخر ، فهما وصيان ) ولم يكن عزلا للأول لأن اللفظ لا يدل عليه مطابقة ولا تضمنا ، ولا يستلزمه فإن الجمع ممكن ( كما لو أوصى إليهما جميعا في حالة واحدة إلا أن يقول قد أخرجت الأول ) فإن قاله أو نحوه مما يدل عليه ، انعزل لحصول العزل ممن يملكه .

( وليس لأحدهما ) أي : الوصيين ( الانفراد بالتصرف ) لأن الموصي لم يرض إلا بتصرفهما ، وانفراد أحدهما يخالف ذلك ( إلا أن يجعله ) أي : التصرف ( الموصي لكل منهما ) فلكل منهما الانفراد حينئذ ، لرضا الموصي بذلك ( أو يجعله ) أي : التصرف ( لأحدهما ) واليد للآخر ( فيصح تصرفه منفردا ) عملا بالوصية .

( وإذا تصرفا ) أي : أرادا التصرف ( فالظاهر أن المراد ) باجتماعهما ليس معناه تلفظهما بصيغ العقود [ ص: 396 ] معا بل ( صدوره ) أي : التصرف ( عن رأيهما ) واجتهادهما ( ثم لا فرق بين أن يباشر أحدهما ) التصرف وحده ( أو ) يباشره ( الغير بإذنهما ولا يشترط توكيلهما ) أي : أن يوكل أحدهما الآخر ، وإن اختلفا في شيء وقف الأمر ، حتى يتفقا .

( وإن مات أحدهما أو جن ، أو غاب ، أو وجد منه ما يوجب عزله ) كسفه وعزله نفسه ( ولم يكن الموصي جعل لكل منهما الانفراد بالتصرف أقام الحاكم مقامه ) أي : الميت أو المجنون ونحوه ( أمينا ) ليتصرف مع الآخر ( وإن أراد الحاكم أن يكتفي بالباقي منهما ، لم يجز له ) الاكتفاء به ، لأن الموصي لم يكتف بأحدهما ، فلا يقتصر عليه إذ الوصية تقطع نظر الحاكم واجتهاده .

( فإن جعل الموصي لكل منهما الانفراد بالتصرف ، أو جعله ) أي : التصرف ( لأحدهما صح تصرفه منفردا ) وتقدم ( فإن مات أحدهما والحالة هذه ) لم يكن للحاكم أن يقيم مقامه ( أو خرج ) أحدهما ( عن أهلية التصرف ) والحالة هذه ( لم يكن للحاكم أن يقيم مقامه ، واكتفى بالباقي ) منهما لرضا الموصي به ( إلا أن يعجز ) الباقي ( عن التصرف وحده ) فيضم الحاكم إليه أمينا يعاونه ( ولو حدث ) لأحدهما ( عجز لضعف أو كثرة عمل ونحوه ولم يكن لكل واحد منهما التصرف منفردا ، ضم أمين ) أي : ضم الحاكم أمينا لمن عجز يعاونه والوصي هو الأول كما تقدم .

( وإذا اختلف الوصيان ) وليسا مستقلين ( عند من يجعل المال منهما ) بأن طلب كل أن يكون المال تحت يده أو تحت يد الآخر ( لم يجعل عند واحد منهما ) لعدم رضا الموصي بذلك .

( ولم يقسم ) المال ( بينهما ) لأن من لوازم الشركة في التصرف الشركة في الحفظ لأنه مما وصي به فلا يستقل ببعض الحفظ ، كما لا يستقل ببعض التصرف .

( وجعل ) المال ( في مكان تحت أيديهما ) لكل واحد منهما عليه نحو قفل فإن تعذر ذلك ختما عليه ودفع إلى أمين القاضي ، وإن كانا مستقلين احتمل ذلك واحتمل القسمة ذكره الحارثي .

التالي السابق


الخدمات العلمية