( فصل
و ) ألفاظ القذف تنقسم إلى صريح وكناية كالطلاق وغيره (
صريح القذف ما لا يحتمل غيره نحو يا زاني يا عاهر ) وأصل العهر إتيان الرجل المرأة ليلا للفجور بها ثم غلب على الزنا فأطلق العاهر على الزاني سواء جاءها أو جاءته هي ليلا أو نهارا
( زنى فرجك بالوطء يا معفوج ) من عفج بمعنى نكح أي منكوح أي موطوء ( يا منيوك قد زنيت أو أنت أزنى الناس فتح التاء أو كسرها للذكر والأنثى في قوله : زنيت ) لأن هذا اللفظ خطاب لهما وإشارة إليهما بلفظ الزنا ، ولأن كثيرا من الناس يذكر المؤنث ويؤنث المذكر .
ولا يخرج بذلك عن كون المخاطب به مرادا بما يراد باللفظ الصحيح ( أو )
قال ( أنت أزنى من فلانة يحد للمخاطب ) بذلك الكلام لأنه قاذف له ( وليس بقاذف لفلانة ) فلا يحد لها لأن لفظة أفعل تستعمل للمنفرد بالفعل لقوله تعالى {
أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع } ( أو قال لرجل يا زانية أو يا نسمة زانية أو لامرأة يا زان أو يا شخصا زانيا أو قذفها ) أي المرأة ( أنها وطئت في دبرها أو قذف رجلا بوطء امرأة في دبرها أو قال لها يا منيوكة إن لم يفسره بفعل زوج أو سيد ) فإن فسره بفعل زوج أو سيد فليس قذفا لأنه ليس بزنا ( إذا كان القذف بعد حريتها ) أي الأمة ( وفسره بفعل السيد قبل العتق ) فلا حد ( ولا يقبل قوله ) أي لا يسمع تفسير القاذف للقذف ( بما يحيله ) أي يغير القذف ويخرجه عن معناه لأنه خلاف الظاهر ( ويحد ) لإتيانه
[ ص: 110 ] بصريح القذف .
( فإن قال أردت ) بقولي يا زاني أو يا عاهر ( زاني العين أو عاهر البدن أو ) قال أردت بقولي ( يا لوطي أنك من قوم
لوط أو تعمل عمل
قوم لوط غير إتيان الذكور ونحوه ) أي نحو ما ذكر من التأويل ( لم يقبل ) منه لأن إطلاق لفظه وإرادة مثل ذلك فيه مع أن
قوم لوط لم يبق منهم أحد ( وكل ما لا يجب الحد بفعله لا يجب على القاذف به كوطء البهيمة والمباشرة دون الفرج والوطء بالشبهة وقذف المرأة بالمساحقة أو ) قذفها ( بالوطء مكرهة و ) ك ( القذف باللمس والنظر ) لأن ذلك ليس رميا بالزنا ( وقوله لست لأبيك أو لست بولد فلان قذف لأمه ) لأن ذلك يقتضي أن أمه أتت به من غير أبيه وذلك قذف لها .
( إلا أن يكون منفيا بلعان لم يستلحقه أبوه ولم يفسره ) القائل ( بزنا أمه ) فإنه لا يكون قذفا لأمه لصدقه في أنه ليس بولده ( وكذا إن نفاه عن قبيلته ) بأن قال لست من قبيلة كذا فإنه يكون قذفا لأمه إلا أن يكون منفيا بلعان لم يستلحقه أبوه ولم يفسره بزنا أمه ( أو قال يا ابن الزانية ) فهو قذف لأمه ( وإن نفاه ) أي الولد ( عن أمه ) بأن قال ما أنت ابن فلانة فلا حد للعلم بكذبه ( أو قال إن لم تفعل كذا فلست بابن فلان ) فلا حد لأنه لم يقذف أحدا بالزنا ( أو رمى بحجر فقال من رماني فهو ابن الزانية ولم يعرف الرامي ) فلا حد لعدم تعيين الرامي ( أو اختلف اثنان في شيء فقال أحدهما الكاذب ابن الزانية فلا حد ) لعدم تعيين الكاذب .
( وإن كان يعرف الرامي فقاذف ) لتعيينه وعبارة المنتهى كالفروع وغيره إذا قال من رماني بالزنا فهو زان لا حد وظاهره مطلقا (
وإن قال لولده لست بولدي فهو كناية في قذف أمه يقبل تفسيره بما يحتمله ) لأن للرجل أن يغلظ في القول والفعل لولده ( وزنأت في الجبل مهموزا صريح ولو زاد في الجبل أو عرف العربية ) لأن عامة الناس لا يفهمون من ذلك إلا القذف وإن كان معناه في اللغة طلعت ( كما لو لم يقل في الجبل أو لحن لحنا غير هذا ) فالعبرة بما يفهم من اللفظ ولا أثر للحن قال في المبدع وعليهما إن قال أردت الصعود في الجبل قبل .
( وإن قال لرجل زنيت بفلانة أو قال لها زنى بك فلان أو )
قال ( يا ابن الزانيين كان قاذفا لهما بكلمة واحدة ) فيحد لهما حدا واحدا بطلبهما أو طلب أحدهما ( وإن
قال يا ناكح أمه وهي حية فعليه حدان نصا ) ويحتاج لتحرير الفرق بينها وبين التي قبلها ( ويا زاني ابن الزاني كذلك ) أي عليه حدان نصا ( إن كان أبوه حيا ) لأنه قذفهما بكلمتين وإن كان الأب ميتا فعلى ما يأتي في قذف الميت أنه لا يجب الحد بقذفه لأن هذا القذف لا يورث إلا بعد الطلب
[ ص: 111 ] به .
( وإن أقر أنه زنى بامرأة فهو قاذف لها ) فيلزمه حده ( ولم لو يلزمه حد الزنا بإقراره ) بأن لم يقر به أربعا أو أقر به أربعا ثم رجع .