( فصل
إذا شهدت بينة على ميت أنه أوصى بعتق سالم وهو ثلث ماله و ) شهدت ( بينة أنه أوصى بعتق غانم وهو ثلث ماله ولم تجز الورثة ) عتقهما معا ( أقرع ) بينهما ( فمن قرع ) أي خرجت له القرعة ( عتق سواء اتفق تاريخهما أو اختلف ) أو أطلقتا أو إحداهما إذ لا فرق بين متقدم الوصية ومتأخرها وإنما أقرع بينهما ولم يعتق من كل
[ ص: 400 ] منهما نصفه قياسا على الوصية بمال لأن الإعتاق بعد الموت كالإعتاق في مرض الموت وقد أقرع النبي صلى الله عليه وسلم في مرض الموت في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين .
وتقدم في العتق فكذلك بعد الموت لأن المعنى المقتضي تكميل العتق في أحد العبدين في الحياة موجود بعد الموت ( فلو كانت بينة وارثه فاسقة ) و لم تكذب الأجنبية ( عتق سالم ) بلا قرعة لأن بينة غانم الفاسقة لا تعارض بينته العادلة ( ويعتق غانم بقرعة ) لإقرار الورثة بالوصية لعتقه أيضا ، فاقتضى ذلك القرعة بين العبدين ، لكن لما كانت بينة سالم عادلة عتق أولا لعدم التعارض ، وأعتقنا غانما بخروج القرعة له .
( وإن كانت ) الوارثة الشاهدة بعتق غانم ( عادلة وكذبت الأجنبية لغا تكذيبها ) للأجنبية ( دون شهادتها وانعكس الحكم فيعتق غانم ) بلا قرعة ( ثم وقف عتق سالم على القرعة ) كما لو شهدت بذلك البينتان من غير تكذيب بخلاف غانم فإنه يعتق بلا قرعة لشهادتها بعتقه وإقرارها أنه لم يعتق سواه ( وإن كانت ) الوارثة ( فاسقة مكذبة ) للعادلة الأجنبية ( أو ) كانت ( فاسقة وشهدت برجوعه عن عتق سالم عتق العبدان ) .
أما سالم فلأنه لم يثبت عتق غانم ببينة تعارض بينته ، وأما غانم فلإقرارهما بعتقه دون الآخر وشهادتها بالرجوع عن الوصية بعتق سالم يتضمن الإقرار بالوصية بعتق غانم وحده فهو كما لو كانت مكذبة للأخرى ( ولو شهدت ) أي الوارثة ( وليست فاسقة ولا مكذبة ) للأجنبية ( قبلت شهادتها وعتق غانم وحده ) لأنها بينة عادلة لم تجر إلى نفسها نفعا فوجب قبولها ( كما لو كانت الشاهدة برجوعه أجنبية ولو كان في هذه الصورة ) وهي ما إذا كانت الشاهدة برجوعه عن عتق سالم ( غانم سدس المال عتقا ) أي العبدان ( ولم تقبل شهادتها ) بالرجوع عن عتق سالم لأنها متهمة بدفع السدس للآخر عنها فلا تقبل شهادتها لذلك لا يقال الشهادة برجوعه عن عتق سالم وهو ثلث المال تجر إليها ولاء غانم لأنه يقال هما يسقطان ولاء سالم أيضا على أن الولاء إنما هو ثبوت سبب الميراث ومثل ذلك لا ترد الشهادة فيه كما يثبت النسب بالشهادة ، وإن كان للشاهد يجوز أن يرث المشهود له وتقبل شهادة الإنسان لأخيه بالمال وإن جاز أن يرثه .
( والوارثة العادلة فيما تقوله خبرا لا شهادة ) منصوبان على المصدرية بتقوله على حد قعد القرفصاء وقوله ( كالفاسقة في جميع ما ذكرنا ) خبر عن الوراثة أي خبر الوارثة العادلة كشهادة الفاسقة لأن خبرها إقرار فيعمل به كإقرار الفاسقة وشهادتها ( وإن
شهدت بينة أنه أعتق سالما في مرضه و ) شهدت ( بينة أنه أوصى بعتق غانم ، وكل واحد منهما ) أي [ ص: 401 ] من العبدين ( ثلث المال عتق سالم وحده ) لسبق العتق على الوصية ، وإن كانت متقدمة في اللفظ لأن الوصية إنما تلزم بالموت بخلاف العتق فإنه كالعطية يلزم من حينه .
( وإن
شهدت بينة أنه أعتق سالما في مرضه و ) شهدت ( بينة أنه أعتق غانما في مرضه عتق أقدمهما تاريخا إن كانت البينتان أجنبيتين أو كانت بينة أحدهما وارثة ولم تكذب الأجنبية ) لأن المريض إذا تبرع تبرعات يعجز ثلثه عن جميعها قدم الأول فالأول ( وإن سبقت الأجنبية ) تاريخا ( فكذبتها الوارثة ) عتقا أما سالم فلسبق بينته وأما غانم فمؤاخذة للوارثة بمقتضى قولها أنه لم يعتق سواه ( أو سبقت الوارثة ) تاريخا ( وهي فاسقة عتقا ) أما سالم فلشهادة البينة العادلة بعتقه فلا تعادلها الفاسقة وأما غانم فلإقرار الوارثة أنه هو العتيق دون سالم ( وإن جهل أسبقهما ) كما لو اتحد تاريخهما لأنه لا مزية لأحدهما على الآخر ( وكذا لو كانت بينة غانم وارثة ) وجهل الأسبق فإنه يقرع بينهما لما سبق ، ( وإن قالت البينة الوارثة ما أعتق سالما وإنما أعتق غانما عتق غانم كله ) بلا قرعة لإقرار الورثة بعتقه .
( وحكم سالم كحكمه لو لم تطعن الوارثة في بينته في أنه يعتق ) بلا قرعة ( إن تقدم تاريخ عتقه ) لسبقه ( أو خرجت له القرعة ) فيما إذا جهل الحال لإلغاء طعنها في بينته ، ( وإلا ) أي وإن لم يتقدم تاريخ عتقه بل تأخر إن علم التاريخ أو لم تخرج له القرعة إن جهل ( فلا ) يعتق سالم كما لو لم تطعن في بينته ( وإن
كانت ) البينة ( الوارثة فاسقة ) وشهدت بعتق غانم ( ولم تطعن في بينة سالم كله ) بلا قرعة لأن البينة العادلة شهدت بعتقه ولم يوجد ما يعارضها ( وينظر في غانم فإن كان تاريخ عتقه سابقا ، أو خرجت القرعة له عتق كله ) لإقرار الورثة بأنه أعتقه .
( وإن كان ) عتق غانم ( متأخرا ، أو خرجت القرعة لسالم لم يعتق منه ) أي من غانم ( شيء ) لأن بينته لو كانت عادلة لا يعتق منه إذا منع فسقها أولى ( وإن كانت كذبت بينة غانم بينة سالم عتق العبدان ) لأن سالما مشهود بعتقه وغانما مقر له بأن لا يستحق العتق سواه ( وتدبير مع تنجيز ) في مرض موت ( كآخر تنجيزين مع أسبقهما في كل ما قدمنا ) لأن المدبر يعتق بالموت ، فوجب أن يتأخر عن المنجز في الحياة أشبه الموصى بعتقه مع المنجز عتقه .