إحياء الفروض الكفائية (سبيل تنمية المجتمع)

الدكتور / عبد الباقي عبد الكبير

صفحة جزء
سادسا: تفعيل مراكز البحث العلمي: يدخل في إطار ترجمة الواجبات الكفائية إلى واقع معيش، وقراءتها قراءة معاصرة، وترشيد حركة الإصلاح واليقظة من خلالها، تفعيل مراكز البحوث والدراسات، حتى تضطلع بالدور المنوط بها من الاهتمام بالجوانب المتعددة من الحياة الإنسانية (الاجتماعية والاقتصادية والسياسية... إلخ) >[1] ودراسة الإمكانات المتاحة والقدرات المتوفرة، ومعرفة مدى الاستفادة من هـذه الإمكانات والقدرات بصورة مثلى، ومدى كفاية الخطط والبرامج لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للأمة، والاهتمام كذلك بالإبداع والتجديد في مجال تنمية الإمكانات والقدرات، الأمر الذي ستؤدي إقامته إلى معرفة دور الأمة وموقعها في ساحة الشهود الحضاري، وما إذا كانت في مستوى التحدي والتنافس الحضاري؟ وهل هـي الأمة الوسط الشاهدة على الناس، الداعية للخير، الآخذة بيد الناس إلى الهدى، المعطية للقيم والخدمات، المؤثرة في الناس والمرشدة لهم، كما ورد في التصور القرآني للأمة؟ [ ص: 126 ] إن تفعيل ذلك كله يحقق قدرا من التوازن في ميزان التدافع الحضاري بين الأمم، ومن هـنا تتأكد لنا فاعلية هـذه المراكز والدراسات لأجل تفعيل دور القيادات في الاضطلاع بالواجبات المنوطة بها، وتفعيل عمل الأمة في التصدي للواجبات المجتمعية التي تسمى بالواجبات الكفائية ؛ كما يتبين لنا كذلك حجم الخسارة في مستقبل الأمة عند غياب مثل هـذه المؤسسات.

وتنشط هـذه المراكز في إصدار النشرات والدوريات المتخصصة، لأجل أن تكتمل عملية الاحتساب المجتمعي لحفظ المصالح العامة ، وتقييم الأداء في المؤسسة السياسية والاجتماعية والتعليمية والاقتصادية، بالأرقام والإحصاءات، ومعرفة مدى كفايتها لتحقيق احتياجات الأمة الذاتية، ومقتضيات التحدي التنافسي مع الكيانات البشرية الأخرى، وتأمين الأمن القومي، في ضوء الموارد المالية والطاقات البشرية المتاحة.

كما تسعى لاستخراج أهم النتائج حول مدى عافية السياسات الموضوعة والجهود المبذولة والنتائج المتحصلة، مع التركيز على مواقع الخلل والخطأ والقصور، ثم وضع التصورات والسياسات لتفادي القصور، والوصول إلى مستوى الأداء الأكمل أو القريب من الكمال، والكمال لله وحده، ولكن من الضروري أن يكون عطاؤنا [ ص: 127 ] بمستوى لا يؤخرنا أو يغيبنا عن الشهود الحضاري، وأن نعيش بمستوى التحدي. >[2] ويدخل في هـذا الإطار التصدي لفضح السياسات الظالمة التي تمارس ضد الأمة تحت مسميات حقوق الإنسان والحرية والمساواة، وبيان هـذا الخداع والتمويه، ومحاولة التأثير في العقول المحايدة الحرة في الغرب، التي تستمع إلى صوت العقل والضمير الإنساني المظلوم، وتحريك هـذه العناصر في المجتمعات والكيانات الإنسانية الأخرى، ودعوتها للوقوف بجانب العدالة وكبح جماح السلطة في الدول الغربية عن معاداة الأمة المسلمة، ولعل هـذا من أهم الواجبات الكفائية على الأمة، وتقع مسئولية تنفيذها على الكتاب وأهل الرأي والفكر والقلم.. وعلى أهل المال والسلطة دعم هـذا العمل، الذي قد يكون له الأثر البالغ في الدفاع عن مصالح الأمة ورد العدوان عنها.

التالي السابق


الخدمات العلمية