المبحث الأول: مفهوم مهارات التربية الإسلامية
تسعى التربية الإسلامية، سواء على مستواها العام، أو على مستوياتها الإجرائية من خلال التدريس، إلى بلوغ الكثير من الأهداف التربوية.. وهذه الأهداف، منها ما يهتم بتزويد المتعـلم بالمعرفة اللازمة، من مفاهيم، أو حقائق، أو مبادئ... إلخ؛ ومنها ما يهتم بتزويده بالمهارات بمختلف مستوياتها وأنواعها؛ ومنها ما يهتم بالنواحي الوجدانية عند المتعلم.
ومن هـنا، فإن تنمية المهارات عند المتعلم من أهم ما تهدف إليه التربية الإسلامية.. وقبل الحديث عن هـذه المهارات، يجب أن نتناول مفهوم المهارات، لغة واصطلاحا تربويا، لنصل من خلال ذلك إلى تحديد مفهوم مهارات التربية الإسلامية:
1- مفهوم المهارات في اللغة
المهارات في اللغة: جمع مهارة. والمهارة هـي الحذق في الشيء، والإحكام له، والأداء المتقن له. يقال: مهر الشيء مهارة، أي
>[1] : «أحكمه وصار به حاذقا. فهو ماهر. ويقال: مهر في العلم وفي الصناعة وغيرهما». ويقال: تمهر في كذا أي: «حذق فيه فهو متمهر.. يقال: تمهر الصناعة».
[ ص: 37 ]
والمهارة هـي الإحاطة بالشيء من كل جوانبه، والإجادة التامة له. يقال: الماهر، أي: «الحاذق بكل عمل والسايح المجيد»
>[2] .
ويشير مفهوم المهارة في اللغة -كما تبين من تعريفات أهل اللغة- أن المهارة ليست أي أداء يقوم به المتعلم، وأنها لا تتحقق إلا إذا اتسم أداؤه بعدد من القدرات العليا، مثل: الحذق، والإجادة للشيء. وهذا ما يساعدنا على أن نستنبط أن من شروط المهارة في اللغة: الحذق والأداء الجيد للشيء من قبل المتعلم؛ كما تقتضي المهارة في اللغة أيضا: الشمول، فكل ما يتصل بالأداء لا بد أن يكون المتعلم متمكنا منه؛ كما تستوجب الإتقان التام للعمل.
2- مفهوم المهارات في الاصطلاح التربوي
تحتل المهارات أهمية كبيرة في الميدان التربوي، وهناك الكثير من الآراء للمربين في تحديد مفهوم المهارات، من ذلك
>[3] : أن المهارة: «السهولة والدقة في إجراء عمل من الأعمال، وهي تنمو نتيجة لعملية التعلم». والمهارة هـي: «القدرة على أداء عمل معين بإتقان مع الاقتصاد في الجهد والوقت وتحقيق الأمان». وقد تكون المهارة: «سهولة في القيام بعمل من الأعمال بدقة مع مراعاة الظروف القائمة وغيرها، ويمكن أن تكون المهارة حركية أو ذهنية». والمهارة في رأي بعضهم: «أداء يتم في سرعة ودقة، وأن نوع الأداء وكيفيته يختلف باختلاف نوع المادة وطبيعتها وخصائصها
[ ص: 38 ] والهدف من تعليمها». وهي أيضا: «ذلك الشيء الذي تعلم الفرد أن يؤديه عن فهم بسهولة ويسر ودقة، وقد يؤدى بصورة بدنية أو عقلية».
ومن التعريفات الأخرى للمهارة ما أورده أحد الباحثين
>[4] : الذي عرف المهارة بأنها: «أداء بدني أو ذهني يؤدى على مستوى عال من الإتقان، عن طريق الفهم والممارسة والدقة وبأقل جهد وفي أقل وقت ممكن»، استنادا إلى عدد من التعريفات ذكرها أهمها: أن المهارة هـي « السرعة والدقة في أداء عمل من الأعمال مع القدرة على التكيف مع المواقف المتغيرة». أو هـي «الوصول إلى درجة الإتقان التي تيسر على صاحبه أداءه في أقل ما يمكن من الوقت، وبأقل ما يمكن من الجهد».
إن مفهوم المهارة في اصطلاح المربين، يشير إلى أن المهارة يمكن أن توصف من حيث طريقة الأداء، وهي: السهولة، والسـرعة، والدقـة؛ أو توصف من حيث معيار الأداء، وهو: الإتقان أو الإجادة، أو اقتصاد الوقت والجهد؛ أو من حيث: نوع الأداء: وهو عملي، أو نظري.
كما يتضح أن المهارة تتطلب أداء يقوم به المتعلم، هـذا الأداء يجب أن يتم بدرجة عالية؛ الأمر الذي يشير إلى أن المهارة تتطلب أداء من نوع خاص. ولهذا يرى أحد المربين أن المهارات يجب أن تعبر عن «مجموعة استجابات الفرد الأدائية المتناسقة التي تنمو بالتعلم والممارسة حتى تصل إلى درجة عالية من الإتقان»
>[5] .
[ ص: 39 ] 3- مفهوم مهارات التربية الإسلامية
تبين معنا مما سبق أن المهارة أداء يقوم به المتعلم، وهذا الأداء لا بد أن تتحدد صفاته من عدة نواحي، سبق ذكرها. وإذا أضفنا المهارات إلى التربية الإسلامية، فإننا نستطيع القول: إن مفهوم مهارة التربية الإسلامية لا بد أن يتضمن ما يلي:
1- لا بد أن يشير هـذا المفهوم إلى أن المهارة هـي أداء يقوم به المتعلم.
2- أنه لا بد أن تتضح طريقة هـذا الأداء؛ فليس أي أداء يقوم به المتعـلم يدخل ضمـن مفهوم المهارة.
3- لا بد أن يدلل مفهوم المهارة على المعيار الذي تقف عنده مهارة المتعلم في أدائه الذي يقوم به.
4- لا بد أن يصف مفهوم المهارة نوع الأداء، فقد تكون المهارة لفظية (عقلية ) ، وقد تكون عمليـة (تطبيقية) ، وقد تكون اجتماعية. وقد تكون هـذه الأنواع مجتمعة.
5- لا بد أن يصف مفهوم المهارة مجال الأداء، أو ميدان الأداء. فمجال الأداء في مهارة التربية الإسلامية هـو: التربية الإسلامية.
6- لا بد أن يدلل مفهوم المهارة على أن القائم بالأداء هـو المتعلم؛ لأن هـناك إطلاقا آخر لدى المربين على المهارة وهو ما يختص بأداء المعلم، وهو ما يسمى بمهارات التدريس.
من خلال كل ما سبق نستطيع القول: إن مهارات التربية الإسلامية هـي: تلك الممارسات التي يؤديها المتعلم من خلال دراسته للتربية الإسلامية بدقة، ويسر، وسهولة، سـواء كانت هـذه الممارسـات: ممارسات عقلية، أو ممارسات عملية، أو ممارسات اجتماعية، يصل أداؤه لها إلى درجة الإتقان.
[ ص: 40 ]