- سطوة التقنيات الإعلامية على أفراد الأسرة
لقد ساهمت التقنيات الإعلامية في عمليات غسل الأدمغة البشرية، على المستويين الفردي والجماعي، بل توجد محاولات لتغيير السلوك الفردي بشتى الوسائل والطرق. وتلعب إعلانات البث الإذاعي والتلفازي دور المتحكم في سلوك الفرد إلكترونيا أو بالتحكم عن بعد أو عن طريق البرمجة وغسل الأدمغة، ربما لتدمير كل ما نصت عليه المواثيق والأعراف والأديان. أما قولبة التفكير فتتم بكل سهولة ويسر عن طريق نشر الأفكار المسمومة في أجهزة الإعلام المختلفة والتي غالبا ما تحقق أهدافها في إقناع الشعوب سياسيا واقتصاديا وأخلاقيا. وقد أسست وسائل الإعلام والدعاية الجماهيرية العملاقة دعائم العولمة الشمولية، كما تغلغـلت في الحياة الشخصـية بحيث لم يعد هـناك فرد مستقل على الإطلاق. وقد يكون هـذا هـو السر في عودة بعض الشعوب لمرحلة الصراعات العرقية والطائفية للاحتجاج بشكل غير واع على تقنيات العولمة التي سرقت منهم تفاصيلهم الحميمة ثم صهرتها في صورة صنم ضخم جعل من الجميع دون استثناء عبيدا له. ولقد طورت التقنية المعاصرة فردا مستعبدا، سواء كان رجلا أم امرأة، خاضعا لمتطلبات السوق ولدعايات التقـنية السـائدة. وها هـو الفرد يزحـف ويتقهقر باتجاه الصفر الذي بدأ منه، فالتوازن بين الإنسان والطبيعة مهدد بالفقدان،
[ ص: 128 ] والدليل عودة أكثر من ثلاثة وعشرين مرضا تقليديا منقرضا إلى أرقى عواصم العالم
>[1] .