- ملوثات من الأجهزة والسلع:
إن الأمثلة على الملوثات الصادرة من الأجهزة والسلع كثيرة ومتنوعة، ونلخص بعضها فيما يأتي :- 1- الأشعة والمجالات الإلكترومغناطيسية المنبعثة من شاشات الحاسوب والتلفاز وغيرها: من هـنا تنبع ضرورة وضع الفلتر أمام هـذه الأجهزة لاستبعاد هـذه الأشعة وتقليل خطر الذبذبات. كذلك ضرورة الحذر والبعد عن ذبذبات الهاتف الجوال وجهاز النداء بل وكافة الأجهزة التي تطلق ذبذبات من الإشعاع، ويظن بعضنا أنه لا ضرر من استخدام السماعات المعلقة للجوال؛ ولكن ثبت علميا أن كمية الإشعاع التي تنتقل من الهاتف المحمول تزيد ثلاث مرات عند استخدام السماعات المعلقة! كذلك لا بد من خلو غرف النوم من الأجهزة الكهربائية بجميع أشكالها؛ بل يتوجب تفادي استخدام البطانيات ووسائد التدفئة الكهربائية لأنها تولد مجالات كهربائية كبيرة وقريبة من جسم الإنسان. كذلك تعتبر إشعاعات المنبه الكهربائية أخطر كلما قربت من جسم الفرد
>[1] .
[ ص: 166 ] 2- حياة الترف لا شك في أن حياة الترف تزيد من المخاطر الصحية، وقد ثبت احتواء السجاد وأقمشة الستائر على مادة الفيلاستايرين المسرطنة، وعليه فمن الأفضل غسل جميع الأقمشة الجديدة قبل استخدامها أو استبدالها بتلك المصنوعة من الألياف الطبيعية. وقد ظهرت تحذيرات عديدة من مخاطر مادة كيميائية توضع في مستحضرات التجميل والألعاب والمفروشات؛ حيث حذر ناشطون في حماية المستهلكين من أضرار مادة كيميائية تسمى «فيتاليت phthalates» توجد في شتى المنتجات ابتداء من الدمى ولعب الأطفال مرورا بالمفروشات الصناعية المصنوعة من الفنيل، التي توضع على أرضيات المطابخ أو الحمامات وانتهاء بمواد التجميل ومغلفات الأغذية، وذلك بسبب خطرها على الجهاز التناسلي للإنسان ودورها في ظهور عيوب خلقية لدى المواليد الجدد، إضافة الى مخاطرها المسببة للسرطان. هـذه المادة تجعل البلاسـتيك مرنا لدى وضعها فيه أثناء عمليات تصنيعـه، كما توضع في أصباغ الأظافر لتسهيل عملية نشرها، وكذلك في مختلف مستحضرات التجميل. وأظهرت دراسات أجريت على الحيوانات بأن مادة الفيتاليت التي ظلت تستخدم على مدى السنين خطرة على الصحة. ويسعى ناشطو منظمات البيئة والصحة إلى حظر استخدام المادة في
الولايات المتحدة ووضع إشارة على أغلفة المنتجات التي تحتوي عليها للتحذير منها. وقد وضع الاتحاد الأوروبي حظرا على استخدام المادة في مستحضرات التجميل التي تسوق داخل بلدانه. كما أعلنت مجموعة «كو - أوب»، إحدى
[ ص: 167 ] مجموعات الأسواق التجارية في
بريطانيا عن وضع حظر على بيع جميع المواد المنـزلية التي تدخل فيها هـذه المادة مثل مواد التلميع ومواد تنظيف الأنسجة. كما حظرت تسويق أنواع من المنظفات والروائح وقطع الأثاث تحتوي على مواد كيميائية ضارة بالصحة.
>[2] 3- السجاد الصناعي يعتبر السجاد الصناعي، أو الموكيت، العش الأمثل لكائنات دقيقة تسبب الربو وتثير الحساسية ! لذلك من الأفضل الاكتفاء بالفرش الطبيعي أو السجاد المصنوع من الألياف الطبيعية. أما الأرضيات المغطاة بالقرميد أو السيراميك الخشن فهي تمتص وتحتفظ بذرات البنـزين القادمة من التلوث الجوي مما يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطانات المختلفة
>[3] . 4- الملابس الجديدة وذلك لأنها قد تحتوي على صبغات سامة مثل الرصاص والكادميوم (قد يسببان الفشل الكلوي والسرطان ) والكروم والنيكل، وألياف ضارة وشحنات كهربائية! وعندما تتحرر الأصباغ السامة نتيجة العرق أو البلل فسرعان ما يمتصـها جلد الإنسـان مسببة الحسـاسية أو أمراضا أخرى، أما الألياف فقد تعطـي كهرباء يشحن بها جسم الإنسان مما يسبب له الضيق والعصبية، وقد تؤثر على القلب والدورة الدموية، كما تعمل على الإخلال بالتوازن الكهروكيميائي على أغشية الخلايا. ومن الملاحظ تأثر الأجهزة الحساسة عندما تستخـدم بواسطـة شخص مشحـون كهربائيا.
[ ص: 168 ] أما الملابس المصنوعة من الألياف الصناعية مثل الأكريلك فقد تعمل مجففات الملابس الكهربائية على تحرير تلك الألياف على هـيئة جزيئات صغيرة تتطاير لتصل إلى الجهاز التنفسي مسببة الربو وغيره من أمراض الجهاز التنفسي
>[4] . 5- الأواني غير اللاصقة ضرورة تجنب استخدام الأواني غير اللاصقة (التيفال) أو تلك المصنوعة من الألمنيوم أو النحاس حيث إن ذراتها ترشح وتسبب سمية الطعام؛ ومن الأفضل استبدالها بأواني الزجاج والفخار أو الفولاذ المقاوم للصدأ. كما يتوجب الحذر من جميع الأجهزة والأدوات المطبخية المصنوعة من المعادن التي تنتج ذبذبات وتطلقها أثناء تجهيز الطعام أو تضيفها كشحنات ضارة عند طبخ الطعام. كما أنه من غير الصحي استخدام جهاز الميكروويف للطبخ وتجنب الأوعية البلاسـتيكية لطهي أو لتقـديم الطعام. أما السيراميك الملون المستخدم في أواني الغذاء (خاصة رخيصة الثمن) فقد يضر بالصحة لوجود الرصاص والكادميوم في تركيبه؛ وقد حذر المعهد الألماني الاتحادي لحماية المستهلك من احتمال تحول الأواني السيراميكية الملونة إلى عامل ضار بالصحة، ويعتمد ذلك على نوع السيراميك ونوع الأصباغ المستخدمة في تلوينه. وحسب الفحوص التي أجراها خبراء المعهد، فإن الرصاص والكادميوم يدخلان في صناعة بعض أصباغ الزجاج السيراميكي، ومن المحتمل أن تتحلل ثم تتسلل مركبات المواد الضارة إلى جسم الإنسان عند الأكل وتحت ظروف معينة، مثل ارتفاع درجة حرارة الطعام، نوعيته، وما قد يحتوي من مواد، فترة بقاء الطعام في الآنية، ثم نوعية الزجاج وطريقة تلوينه،
[ ص: 169 ] كذلك فإن سرعة تحلل المادتين تزداد مع الحرارة وخصوصا في فصل الصيف؛ هـكذا فإن التسمم البطيء بكميات صغيرة غير مستبعد. وقد حذر المعهد على وجه الخصوص من مركبات الرصاص؛ لأنها أسرع من الكادميوم في تحللها من السيراميك في الظروف «غير الطبيعية»، وعلى هـذا الأساس يجب عدم خزن المواد الغذائية لفترة طويلة في الأواني السيراميكية
>[5] .
ويظهر التسمم الحاد بالرصاص من خلال أعراض معينة مثل التقيؤ والمغص المعوي والإمساك مع احتمال حصول فشل كلوي في الحالات القصوى. ويكون التسمم بالرصاص خطرا عند الأطفال بسبب حالة النمو التي تجري في أجسادهم، الأمر الذي قد يسبب أضرارا لا رجعة فيها في الكلى. ويظهر التسمم المزمن بالرصاص من خلال حالة فقدان الشهية، الشعور بالإعياء والعصبية والهزال. وتظهر أعراض التسمم بالكادميوم في شكل إسهال وقيء، ويمكن أن يضر بالكبد والقلب والكلى والدورة الدموية. ويبدو التسمم البطيء بجرعات صغيرة من الكادميويم في شكل إرهاق وصداع في الرأس وبعض الاضطرابات العصبية الحركية. 6- المنظفات والمذيبات تتزايد التحذيرات من إمكانية تسرب أنواع متعددة من الملوثات إلى الطعام؛ وذلك عن طريق الكثير من المنظفات والمذيبات ومواد التبييض وغيرها، تلك المحتوية على الديوكسينات والتي تستخدم في غسل الأواني والملابس وربما في غسل أعضاء الجسد؛ مع محاولة
[ ص: 170 ] استبدالها بالمنظفات الطبيعية كبيكربونات الصودا والخل الطبيعي. كذلك قد تتسرب المبيدات الحشرية والعشبية والأسمدة الكيماوية وغيرها إلى الخضار والفواكه التي يجب نقعها في محلول ملحي أو غسلها جيدا لعدة مرات. وتجدر محاولة الاقتصار على المنتجات العضوية من الفواكه والخضار
>[6] . 7- مضادات التعرق ومزيلات الروائح ومستحضرات التجميل وخاصة تلك التي تحتوي على المعادن السامة كالألمنيوم والأصباغ؛ وذلك لأنه من السهل تسربها للدم من خلال الجلد! لذلك وجب استبدالها بالمستحضرات الطبيعية الخالية من المعادن والأصباغ؛ وفي حالة عدم توفرها يمكن الغسيل بمحلول الملح أو خل التفاح. 8- الفورمالدهيد المستخدم في أغراض التنظيف ومركبات البناء وعمل ألواح الأرضيات الخشبية والأثاث وغيرها وذلك لأنه قد يسبب تهيج الجلد وقد يثير أمراض السرطان. كذلك يتوجب الحذر من الدهانات المنـزلية والأصباغ الأخرى التي تحتوي مركبات متطايرة أكثر عشرين مرة من المعدل المسموح به والذي قدره مجلس البحوث الطبية والصحة الوطنية الأسترالي بحوالي 500 مايكروغرام لكل متر مكعب. كذلك يتوجب الحذر من التعرض لعوادم السيارات ودخان المصانع أو أماكن حرق القمامة والنفايات المختلفة
>[7] .
[ ص: 171 ] 9- المحسنات الغذائية لا بد من نشر الوعي الغذائي المتعلق بأضرار المحسنات الغذائية ومنها الملونات والنكهات الصناعية؛ كما يجب أخذ الحيطة والحذر من الأغذية المعدلة جينيا مع إلزام الشركات بضرورة تصنيف مكونات الأغذية والمشروبات وكتابتها بوضوح وبلغة بسيطـة يفهمها المستهلك. كما يجب البعد قدر الإمكان من الدهون المشبعة واللحوم المشوية على الفحم وخاصة تلك المحروقة لتورطها بإثارة السرطان. كما يجب توضيح الآثار الضارة لاستهلاك اللحوم والدواجن المهندسة وراثيا وهرمونيا، مع وجوب فصلها في الأسواق عن غيرها من المنتجات الطبيعية
>[8] . 10- الأدوية المصنعة لا بد من البحث عن بدائل طبيعية للأدوية المصنعة وبالذات المضادات الحيوية تلك المضادة للالتهاب أو المحتوية على الهرمونات أو المنتجات السترويدية المصنعة؛ حيث ثبت أن آثارها الجانبية تتراكم وتسبب أوراما خبيثة أو مشاكل صحية معقدة
>[9] . 11- النفايات والفضلات إن نظام الإنتاج الضخم لا بد أن يصاحبه استهلاكا ضخما، كذلك لا بد أن ينتهي بنفايات ضخمة أيضا، هـكذا تتراكم الفضلات والنفايات الناتجة عن تصاعد معدلات الاستهلاك؛ وحتما سوف تمر البيئة بحالة من المعاناة الشديدة إن لم يتم تدوير هـذه النفايات
[ ص: 172 ] بتقنيات سريعة ونظيفة وسهلة التكليف مما يعود بالنفع على المستهلك. وحيث إن للأرض موارد طبيعية محدودة فلا بد أن تنفذ ذات يوم، ومن هـنا تبرز أهمية التدوير والتصنيع، وقد بدأت الدول المتقدمة بالفعل في تدوير النفايات والفضلات واستغلالها مرة أخرى في صناعات جديدة. ومن هـنا تبرز أهمية تعليم الفرد في كل مكان وزمان كيفية التقليل من النفايات بدلا من تركها لتلوث البيئة والمجتمع، وهذا التعليم لا بد أن يكون مبرمجا ومكثفا ومناسبا لجميع فئات المجتمع. أما مصادر الطاقة المخزونة في بطن الأرض فهي موارد مصيرها إلى الزوال والانتهاء؛ ولا بد من استبدالها بطاقات نظيفة غير ملوثة للبيئة قبل فوات الأوان
>[10] .
لذلك كله، لا بد من:
أ- ضرورة كتـابة البيانات بلغة علمـية بسيطة ومفهومة على جميع ما يعرض في الأسواق من تقنيات وأجهزة حديثة؛ مع التنبيه على كيفية سلامة استخدامها والتحذير من سلبياتها وإمكانية تلويثها للبيئة.
ب- أن يساهم الإعلام بكل قنواته في تثقيف المستهلك، وذلك بالبرامج التلفازية والنشرات الإذاعية وعلى صفحات الجرائد والإنترنت وغيرها. مع ضرورة أن يشرف على ذلك اختصاصيون متمرسون؛ بحيث توضح الحقائق للناس دون مواربة أو مجاملة. وهذا حق من حقوق المواطن على الدولة، عليه
[ ص: 173 ] أن يطالب به، بل ويصر عليه، نظرا لأهميته القصوى في تحديد مسارات الصحة والمرض وكذلك مسارات العرض والطلب. وعلى سبيل المثال يعرف الناس بأن التدخين ضار ولكن لايعرفون مضاره على وجه التحديد ولا على أنواع السموم التي يحتويها ولا على كيفية نفاذها للخلايا
>[11] .
جـ- أن تتخذ الدول قوانين صارمة فيما يتعلق بالصناعات، وكذلك النظر في أي بضاعة قبل القذف بها إلى السوق، مع محاصرة الصناعات الرديئة الملوثة، وتشجيع الصناعات النظيفـة النافعـة. وفي خطوة إيجابية فإن على منتجي السلع تقديم تقـارير عن توقعاتـهم بشأن الآثار السلبية لما يطرحونه من سلع في المجتمع
>[12] .