الحاكمية في الفكر الإسلامي

الدكتور / حسن لحساسنة

صفحة جزء
المطلب الثاني: مفهوم الحاكمية في الفكر الاعتزالي

المعتزلة >[1] : حركة فكرية تقوم على أساس مذهبي واعتقادي، وهي اتجاه معروف بنزعته العقلية، ولا يمكن اعتبار المعتزلة اتجاها عقليا محضا لا يلتفت إلى سلطان النقل - لأن هـذه النزعة خارج دائرة الإسلام - ولكنه اتجاه وسع من دائرة العقل ومجال نشاطه، فالمذهب الاعتزالي في جملته [ ص: 123 ] يقوم على توسيع دائرة العقل، وإعطائه سلطانا أكبر في الفهم والاجتهاد، وهذا ما جعل كثير من الباحثين يصفون مذهب المعتزلة بجملة من الأوصاف مثل الاتجاه العقلي، والفكر الحر، ونحو ذلكما.

- مفهوم العقل لغة واصطلاحا

أولا: العقل لغة

العقل من عقل يعقل عقلا ومعقولا، ورجل عاقل هـو الجامع أمره، ورأيه، مأخوذ من عقلت البعير إذا جمعت قوائمه، وقيل العاقل الذي يحبس نفسه ويردها عن هـواها، أخذ من قولهم: قد اعتقل لسانه إذا حبس ومنع من الكلام، وسمي العقل عقلا لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك أي يحبسه >[2] . وقد ذكر العلماء للعقل معاني عدة منها أنه: العلم بصفات الأشياء من حسنها أو قبحها وكمالها ونقصانها أو العلم بخير الخيرين وشر الشرين، وقيل: إنه نور روحاني به تدرك النفس العلوم الضرورية والنظرية. >[3]

«ومن هـذه المعاني السابقة نرى أن علماء اللغة قد ساروا مع التطور اللفظي لمعنى العقل، حيث أشاروا إلى الدلالة اللغوية بجانب الدلالة المعنوية والوظيفة الأخلاقية للعقل، فشملت هـذه المعاني جانبين: جانب نظري وهو الفهم والإدراك والعلم وجانب عملي في مجال الأخلاق وهو التمييز بين الخير والشر وحبس النفس عن الهوى، وفي كلا الجانبين لابد من الإمساك [ ص: 124 ] " والضبط سواء الضبط العلمي أو الذهني بجانب الضبط الأخلاقي، وهنا تتعدد الوظائف العقلية». >[4]

ثانيا: العقل اصطلاحا

اختلف العلماء في حد العقل وحقيقته، وقد وردت على ألسنتهم تعاريف مختلفة للعقل في الاصطلاح العلمي، وقد بحثه الفقهاء والمتكلمون والفلاسفة، نورد بعضا منها ثم نبحث مفهوم العقل عند المعتزلة . فالعقل: هـو جوهر روحاني خلقه الله تعالى متعلقا ببدن الإنسان، وقيل: هـو جوهر مجرد عن المادة يتعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف، وقيل: العقل: قوة للنفس الناطقة، وهو صريح بأن القوة العاقلة أمر مغاير للنفس الناطقة، وأن الفاعل في التحقيق هـو النفس والعقل آلة لها، بمنزلة السكين بالنسبة إلى القاطع، وقيل: العقل والنفس والذهن واحد، إلا أنها سميت عقلا لكونها مدركة، وسميت نفسا لكونها متصرفة، وسميت ذهنا لكونها مستعدة للإدراك >[5] . وقيل: هـو جوهر مضيء خلقه الله في الدماغ وجعل نوره في القلب >[6] ، وقيل: هـو علم ضروري بجواز الجائزات، واستحالة المستحيلات، كالعلم [ ص: 125 ] باستحالة كون الشيء الواحد قديما وحديثا، واستحالة كون الشخص الواحد في مكانين >[7] .

- الخلاصة

من خلال عرض تعاريف العلماء نلاحظ أن هـناك تفاوتا واختلافا في تعريف العقل وحده، وذلك يرجع إلى جملة أسباب منها: اختلاف تخصصات العلماء وتباين اهتماماتهم، إذ إن اختلاف العلوم والفنون يترتب عليه لزاما الاختلاف في النظرة إلى الشيء، فكل ينظر إلى الشيء من الزاوية التي يهتم بها، ويحاول كشف ذلك الجانب، استنادا إلى الفلسفة التي يركن إليها، وبعض هـذه التعاريف تدل على أن العقل جوهر روحاني، أو نور في القلب، أو جوهر مجرد عن المادة، أو قوة مميزة، أو نور معنوي، أو ملكة حاصلة بالتجارب، وكلها تحاول إيجاد ربط بين قوة التمييز، وبين العلم، وبين تعلقات الواجب والمستحيل والجائز. [ ص: 126 ]

مفهوم العقل في الفكر الاعتزالي

وردت بعض التعريفات للعقل عند بعض شيوخ المعتزلة تعكس حقيقته في المدرسة الاعتزالية عموما، وفي الوقت ذاته تعبر عن مدى اختلافهم حول مفهومه، مما أدى إلى اختلاف التعاريف والتي منها تعريف أبي الهذيل العلاف (ت 226هـ) ويعرف العقل بقوله: علم الاضطرار الذي يفرق الإنسان به بين نفسه وبين الحمار، وبين السماء وبين والأرض، وما أشبه ذلك، ومنه القوة على اكتساب العلم >[8] . وقال محمد بن عبد الوهاب الجبائي (ت 303هـ) «العقل: هـو العلم، وإنما سمي عقلا لأن الإنسان يمنع نفسه به عما لا يمنع المجنون نفسه، وإن ذلك مأخوذ من عقال البعير» >[9] . وقال القاضي عبد الجبار : «اعلم أن العقل هـو عبارة عن جملة من العلوم المخصوصة متى حصلت في المكلف صح منه النظر والاستدلال والقيام بأداء ما كلف» >[10] . ويقول أيضا: «إن الغرض بالعقل ليس هـو نفسه، وإنما يراد أن يتوصل به إلى اكتساب العلوم، والقيام بما كلف من الأفعال، فلا بد من أن يحصل للعاقل من العلوم ما يصح معها أن يكتسب ما يلزمه من المعارف ويؤدي ما وجب عليه من الأفعال» >[11] . [ ص: 127 ] فمن خلال هـذه التعاريف ندرك بعض الخلاف حول مفهوم العقل عند المعتزلة ، حيث يذهب أبو الهذيل العلاف إلى أنه علم اضطراري أو ضروري، وهو بذلك يوافق تعريف المتكلمين >[12] ، ويذهب محمد بن عبد الوهاب الجبائي إلى أنه لا فرق بين العقل والعلم، فهما وجهان لعملة واحدة، في حين يذهب القاضي عبد الجبار إلى الربط بين معنى العقل ومناط التكليف، حيث جعل تلازما بين صحة النظر والاستدلال والقيام بأداء التكاليف، وبين تكامل مجموع علوم مخصوصة في العقل. وتعريف القاضي للعقل «مرتبط بنظرته في صحة التكليف حيث حرص على إثبات تمكن المكلف بالعقل ليصح التكليف، وتحاشى أي قول في العقل قد يؤدي إلى تكليف ما لا يطاق، ومن هـنا كان حرصه على عدم الإشارة إلى كون العقل قوة كما ذهب أبو الهذيل والفلاسفة؛ لأنه يرفض القدرة السابقة، أو الكامنة لهذه الآلة ويحرص على إبراز قدرتها المتحققة كجملة من العلوم المخصوصة، إذ أنه يدرك ترابط البنية بالوظيفة». >[13]

والعقل عند المعتزلة نوعان:

الأول: العقل الغريزي: وهو الذي يظهر في البدهيات الأولى، مثل كون الشيء موجودا ومعدوما في وقت واحد، واستحالة اجتماع النقيضين، [ ص: 128 ] والواحد أقل من الاثنين، والكل أكبر من الجزء، ويستند العقل في هـذا إلى الفطرة، التي بها تكون له قدرة مستمرة في تمييز هـذه الأشياء، لأنها معلومة دون نظر واستدلال.

الثاني: العقل المكتسب: وهو ينطلق من البديهيات، ويتأسس على المسلمات المعلومة بالفطرة دون نظر سابق واستدلال، ولكن يتطور بالعمل والتجربة المستمرة. >[14]

مفهوم الحاكمية عند المعتزلة

كان المعتزلة في بداية أمرهم يؤكدون على ضرورة ربط المعرفة الدينية بالمعرفة العقلية، أي ربط الدين بالعقل قصد فهم القرآن الكريم باعتبار أن العقل وسيلة لإدراك مقاصد الوحي، ثم انتقل اهتمامهم إلى التوفيق بين أحكام الوحي ومقاصده وبين مقتضيات العقل ومبادئه، باعتبار أنهما متكاملان ومرتبطان، وإن كان كل واحد منهما مستقلا عن الآخر، ثم انتهوا بعد ذلك إلى توسيع دائرة إعمال العقل في فهم الوحي، ولهذا تختلف فلسفة العقل عند المعتزلة عنها في المدارس السنية الأخرى التي عرفت بالاعتدال. فالمعتزلة يرتبون الأدلة على خلاف ما عليه أهل السنة والجماعة، ونصوصهم المنقولة عنهم مؤكدة لهذا الأمر، فإذا كان أهل السنة يجعلون [ ص: 129 ] ترتيب الأدلة بداية من الكتاب والسنة والإجماع ثم العقل >[15] ، فإن المعتزلة ينحون منحى آخر في ترتيب الأدلة، حيث يقول القاضي عبد الجبار :

«أولها: دلالة العقل، لأن به يميز بين الحسن والقبيح، ولأن به يعرف أن الكتاب حجة، وكذلك السنة والإجماع، وربما تعجب من هـذا الترتيب بعضهم فيظن أن الأدلة هـي الكتاب والسنة والإجماع فقط، أو يظن أن العقل إذا كان يدل على أمور فهو مؤخر، وليس الأمر كذلك، لأن الله تعالى لم يخاطب إلا أهل العقل، ولأن به يعرف أن الكتاب حجة، وكذلك السنة والإجماع. فهو الأصل في هـذا الباب وإن كنا نقول: إن الكتاب هـو الأصل من حيث إن فيه التنبيه على ما في العقول، كما أن فيه الأدلة على الأحكام، وبالعقل يميز بين أحكام الأفعال، وبين أحكام الفاعلين، ولولاه لما عرفنا من يؤخذ بما يتركه أو بما يأتيه، ومن يحمد ومن يذم، ولذلك تزول المؤاخذة عمن لا عقل له، ومتى عرفنا بالعقل إلها منفردا بالألهية وعرفناه حكيما يعلم في كتابه أنه لا دلالة..، ومتى عرفناه مرسلا للرسول ومميزا له... بـ... المعجزة... علمنا أن قول الرسول حجة. وإذا قال صلى الله عليه وسلم : لا تجتمع أمتي على خطأ؛ وعليكم بالجماعة، علمنا أن الإجماع حجة» >[16] . [ ص: 130 ] وسبب تقديم العقل كما هـو واضح من كلام القاضي يقوم على جملة أمور منها:

- أن العقل به يميز بين الحسن والقبيح.

- أن العقل به يعرف حجية الكتاب والسنة والإجماع، فالعقل هـو أساس حجية الأدلة >[17] . وهذا الاتجاه الاعتزالي هـو الذي أثار عندهم إشكالية العلاقة النوعية بين العقل والنقل، وأيهما قاض على الثاني، وأيهما الأصل، ومن هـو الأساس منهما؟

بعض نتائج المعرفة العقلية عند المعتزلة

إن من أهم ما انتهى إليه العقل الاعتزالي هـو اعتمادهم على حجج العقل وسلطانه، وتعويلهم على مبادئه وآلياته، ولذلك سمى كثير من العلماء العقل «أم الأصول»، فاعتماد العقل أساسا للمعرفة جعل الفكر الاعتزالي ينحو منحى معرفيا مغايرا لما عليه أهل السنة والجماعة، وأوصلهم هـذا الاتجاه إلى جملة نتائج منها:

- القول بأن الحسن والقبح عقليان.

- اعتماد العقل ميزانا للنقد ومعيارا للحقيقة، دون الاعتماد على منهج المحدثين في التعامل مع المرويات، وهذا أدى بهم إلى رد بعض الأحاديث وتأويل بعضها. [ ص: 131 ] - تفسير نصوص الوحي على أساس قانون العقل ومبادئه، ولما كان سلطان الوحي قاهرا بسنده القطعي فإن المعتزلة لجأوا إلى تأويل النصوص حتى توافق مقتضيات العقول.

- لا يمكن أن يخالف النقل ما جاء به العقل، وما أتى به الوحي إما أن يكون واجبا بالعقل أو جائزا، فلم يرد الشرع إلا بما أوجبه العقل ودل عليه أو جوزه ونص عليه، ولم يرد بما حظره ومنعه، أو أبطله.

وظيفة النقل عند المعتزلة

أدى المنهج الاعتزالي في المعرفة إلى تحديد وظيفة الشرع، وبيان مهمته الأساسية التي من أجلها جاء. وتتلخص مهمة الشرع عند المعتزلة أنه جاء مفصلا لما هـو مجمل في العقل، ومؤكدا لما قرره. يقول القاضي عبد الجبار : «إن ما تأتي به الرسل لا يكون إلا لتفصيل ما تقرر جملته في العقل.. إن وجوب المصلحة وقبح المفسدة متقرران في العقل، إلا أننا لما لم يمكن أن نعلم، عقلا، أن هـذا الفعل مصلحة وذلك مفسدة، بعث الله إلينا الرسل ليعرفونا ذلك من حال هـذه الأفعال، فيكونوا قد جاءوا بتقرير ما قد ركبه الله تعالى في عقولنا، وتفصيل ما قد تقرر فيها، وصار الحال في ذلك كالحال في الأطباء، إذا قالوا: إن هـذا البقل ينفع وذلك يضر، وكنا قد علمنا قبل ذلك أن دفع الضرر عن النفس واجب وجر النفع إلى النفس حسن، فكما لا يكون، والحال ما قلناه، قد أتوا بشيء مخالف للعقل، فكذلك حال هـؤلاء الرسل» . >[18] . [ ص: 132 ] ويؤكد مقولة القاضي عبد الجبار الزمخشري حيث يقول في تفسير قوله تعالى: ( رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما ) (النساء:165)

«الرسل منبهون عن الغفلة، وباعثون على النظر، كما ترى علماء أهل العدل والتوحيد، ومع تبليغ ما حملوه تفصيل أمور الدين، وبيان أحوال المكلفين، وتعليم الشرائع،

فكان إرسالهم إزاحة للعلة، وتتميما لإلزام الحجة، لئلا يقولوا لولا أرسلت إلينا رسولا فيوقظنا من سنة الغفلة وينبهنا لما وجب الانتباه له» >[19] . فوظيفة الرسل تتميم حجة الله والتنبيه على ما وجب قبل إرسال الشرع، فالحجة قائمة قبل إرسال الرسل، ولهذا يقول الزمخشري قبل ذلك: « فإن قلت: كيف يكون للناس حجة قبل الرسل وهم محجوجون بما نصبه الله من الأدلة التي النظر فيها موصل إلى المعرفة» >[20] فالحجة قائمة على الخلق قبل ورود السمع بالنظر، بل يدخل الزمخشري في زمرة أولئك الرسل والأنبياء أنفسهم حيث يقول: فالرسل في أنفسهم لم يتوصلوا إلى المعرفة إلا بالنظر في تلك الأدلة، وعرف أنهم رسل الله إلا بالنظر فيها. >[21] [ ص: 133 ] وتقوم فكرة إعمال العقل عند المعتزلة على أساس الحسن والقبح العقليين، حيث خاضوا في هـذه المسألة على خلاف المذاهب الفلسفية والعقدية الأخرى. >[22]

جدلية العلاقة بين النقل والعقل في الفكر الاعتزالي

العلاقة الجدلية بين النقل والعقل في الفكر الاعتزالي قائمة على مبدأ التراتب والتعاقب، بمعنى أن بين النقل والعقل علاقة تراتبية، تعاقبية، ولا تقوم على أساس إلغاء أحد الطرفين، وبناء على هـذا التفسير صيغت معادلة العلاقة على النحو التالي: العقل + النقل = معرفة عقلية نقلية. وهذا على خلاف [ ص: 134 ] من يخالفونهم حيث صاغوا معادلتهم: النقل + العقل = معرفة نقلية عقلية. فالمعتزلة انبنت فلسفتهم في التفكير والنقد على أساس مبادئ العقل، فصار العقل مدركا والنقل مؤكدا حين التوافق، وأما عند التعارض فيخضع النقل لسلطان العقل عن طريق التأويل، مع ملاحظة أن النظر العقلي يكون فيما للرأي فيه مجال. فالمعتزلة يقدمون العقل في الدائرة التي يدخل فيها الرأي والاجتهاد، وأما ما لا يدخله فإن العقل يتأخر ويتقدم النقل.

تعليل النزعة العقلية في المذهب الاعتزالي

إذا كان العقل هـو أساس المعرفة عند المعتزلة ، فإن ذلك يرجع إلى جملة أسباب رئيسية مهمة هـي:

1- أن للمعتزلة اتجاها مذهبيا عقائديا فلسفيا، يرتبط بعلم الكلام، ومعروف أن نسبة النظر العقلي في علم الكلام كبيرة إذا ما قورنت بغيرها. فنسبة توظيف النظر العقلي وإعماله في مسائل الدين وقضاياه تختلف حسب المجال الذي يخوض فيه، فإذا نظرنا إلى مجال الفروع والأحكام، نجد أن غالبيتها تستند إلى النصوص الشرعية، ولا مجال للنظر العقلي فيها، لأنها من قبيل التشريع ولا تشريع للعقل، فالمقدمات والأدلة تكون نقلية تتلقى عن طريق السمع، فالدليل العقلي هـنا تابع للدليل النقلي . أما مجال أصول الدين أو علم الكلام الذي يخوض في القضايا الإلهية مثل الوجود والوحدانية، وصفات الذات والأفعال وغيرها، فالأصل فيها الدليل العقلي ، فتكون الأدلة النقلية مؤسسة على الأدلة العقلية. [ ص: 135 ] 2- تسلح المعتزلة بمناهج الفكر الفلسفي، وأدوات النظر الكلامي في الجدل والمناظرة والاستدلال، حيث درسوا الفلسفة اليونانية دفاعا عن الفكر الديني الإسلامي من الخصوم الذين أتقنوا صنعة الكلام والجدل والمناظرة.

3- كانت مهمة المعتزلة في بداياتها هـي الرد على شبه الملحدين والزنادقة بالحجة والبرهان، واستخدموا لهذا الغرض مناهج النظر العقلي.

4- محاولة المعتزلة التوفيق بين مقتضيات العقل ودلائل السمع، حيث حاولوا التقريب بين الفكر الفلسفي والفكر الديني، في سبيل إيجاد توازن بين الفكر والواقع. وإذا نظرنا إلى طبيعة العلاقة بين الدليل النقلي والدليل العقلي ، نجد أنهما مترادفان متوافقان متطابقان، فلا معارضة بين صحيح المعقول وصريح المنقول، ولو وجد التعارض فيقدم الدليل العقلي ويأول الدليل النقلي. «وهذا يدل على أن المعتزلة لم يقدموا العقل على السمع من حيث إنه أفضل منه، أو أنه بالاتباع ولكن كان التقديم نتيجة أنه لا يتم الإيمان والتسليم بالنقل إلا إذا قضى العقل بذلك، أي السمع يعرف بالعقل». >[23] [ ص: 136 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية