هـ- مصطلحات الدراسة
لعل أبرز مصطلحات الدراسة هـي: «الوقف»، «الإسلام», «الرعاية» و «الصحة».
1- الوقـف
الوقف في اللغة، هـو: الحبس والمنع، مصدر وقف وقفا، ومنه قولهم: وقفت الـدار: حبسـتها في سبيل الله، والجمـع: أوقاف. ومعنى تحبيسه: ألا يورث ولا يباع ولا يوهب، ولكن يترك أصله، ويجعل ثمره في سبيل الله عز وجل
>[1] .
أما الوقف في أصل وضعه الشرعي فهو «صدقة جارية»، ولقد عرفه فقهاء الشرع الإسلامي بأنه: «حبس المال على ملك الله تعالى، والتصدق بالمنفعة حالا أو مآلا على أي وجه من وجوه البر». أو كما عبر عنه بعضهم
[ ص: 32 ] بأنه: «تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة»، فهو في جوهره - مثل الزكاة - عبادة مالية
>[2] .
2- الإسلام
الإسلام مـأخوذ من «سلم» بمعنى: المسالمة،
يقول الله تعالى:
( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هـونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) (الفرقان:63) ،
كما يكون بمعنى: التسليم والانقياد،
قال تعالى:
( وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون ) ( آل عمران:83) .
ثم خصت كلمة «إسلام» بالدين
>[3] الذي بعث الله - عز وجل - به محمد بن عبد الله العربي القرشي صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى:
( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه ) (آل عمران:85) ، ويقـول جل
[ ص: 33 ] ويقول جل شأنه:
( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) (المائدة:3) .
3- الرعاية
يقصد بالرعاية: الخـدمات التي تؤدى للفرد في حـالات معينة، وقد تكون الرعـاية طبيـة أو رعاية طفـولـة، وقد تتم داخل المنشآت أو خارجها. (3)
وفي هـذا البحث: الرعاية هـي كل ما تقوم الأوقاف بتوفيره من خدمات صحية ونفسية، وكل ما يوفر سبل العيش الكريم لبني الإنسان.
4- الصحة
إذا نظرنا في التعريف الحديث الذي وضعته «منظمة الصحة العالمية» عن مفهوم الصحة، فإننا نجد أن ذلك التعريف يؤكد أن الإنسان الصحيح ليس هـو السليم بدنيا فحسب؛ لأن صحة البدن جانب واحد من جوانب الصحة، ومن ثم لكي تكون الصحة في صورتها المثالية المكتملة لابد أن تشمل على سلامة النواحي البدنية والنفسية والعقلية والاجتماعية.
في هـذا الإطار العام يتحـدد مفهوم الصحـة لدى تلك المنظمة التي يديرها ويشرف عليها نخبة من كبار أطباء العالـم، وأمهر الباحثـين والخبراء في مجال الصحة.
وحيث يقـرأ الباحث في كتـاب الله، أو يطـلع على الأحاديث النبوية الشريفة، وسـيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وحياته مع أصحـابه وأتباعه، وفي
[ ص: 34 ] بيته ومسجـده، وفي جهاده وسلمه، وفي حله وترحاله، وفي علاقاته المتنوعة، حينما ينـظر الإنسان نظرة شاملة إلى عالم الإسلام الرحب الفسيح يجد للـطب والصحة مكانة كبيرة، ليس هـذا فحسب، بل إن مفهوم الطب الإسـلامي مفهوم شـامل يبعـث على الدهشـة، ويدعو إلى الإعجاب..!!
فالطب الإسـلامي يتمثـل في كـل ما له علاقة بصحـة الإنسان كالتغـذية والنظـافة والانحرافـات العضـوية والنفسية وبعض طرق العلاج، وكافة النواحي البيئية والاجتمـاعية والشخصية وغيرها مما يتعلق بالصحة العامة (1) .
وتثار في الوقت الحاضر مشكلة تمويل الخدمات الصحية في كثير من البلاد الإسلامية، الفقيرة منها والغنية، في ظل تزايد الطلب على الخدمات الصحية، الذي نتج عن أسباب كثيرة منها تزايد أعداد السكان في كثير من الدول الإسلامية، حيث إن حوالي نصف السكان في أغلب تلك الدول هـم من الأطفال تحت سن 15 سنة، وذلك في الوقت الذي بدأت فيه القناعة لدى الكثير من سكان تلك الدول بأهمية الرعاية الطبية كبديل للطرق التقليدية في العلاج؛ مما شكل ضغوطا على مؤسسات الرعاية الصحية مع عجز السلطات عن مواجهة تلك الطلبات المتزايدة على هـذه الخدمات التي هـي من الحقوق المهمة للمواطنين.
[ ص: 35 ]
وقد عقـدت الندوات وأجريت الدراسـات بهدف العثور على حل لهذه المشكلة الملحة، التي لا تقبل التأجيل، وقد جاءت بعض هـذه المحـاولات بعدة خيارات، أكثرها مستورد من خـارج العالـم الإسلامي أرضا وفكرا.
وتأتي هـذه الدراسة المتواضعة لطرح البديل الإسلامي لهذه الحلول والذي سبق تجربته عبر قرون وليس سنوات من الزمان، ذلك هـو الوقف كنظام اجتماعي إسلامي تكافلي يتولى فيه الموسرون من المسلمين نفقة علاج الفقراء طواعية ودون تحميل ميزانية الدولة ما لا تطيق.
فالمتتبع للتاريخ الإسلامي خلال عصور الازدهار يلاحظ ما قام به الوقف في دفع عجلة التنمية والنهضة العلمية والاجتماعية والاقتصادية في بلاد المسلمين وخاصة في مجال الطب والرعاية الصحية.
[ ص: 36 ]