مدينة القدس في القرن العشرين بين الانتداب البريطاني والاحتلال الصهيوني
لقد أخذ البريطانيون على عاتقهم إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ، بموجب الوعد الذي قطعه وزير خارجية بريطانيا آرثر بلفور عام 1917م لممثل الحركة الصهيونية وايزمان، ولذلك طالبت بريطانيا عصبة الأمم أن يكون الانتداب على فلسطين من نصيبها، لتتمكن من تحقيق وعدها لليهود، في خرق واضح وانتهاك فاضح لحقوق الدول والشعوب، ولذلك ما أن تمت لها السيطرة على فلسطين حتى شجعت اليهود على الهجرة إلى فلسطين، ومنحتهم الأراضي الأميرية، وسهلت لهم شراء الأراضي والعقارات، وتصدت للحركات الوطنية الفلسطينية، وقمعت الثورات والانتفاضات التي قام بها الفلسطينيون في مواجهة الهجرة الصهيونية غير المسبوقة وغير المعهودة
>[1] .
حتى إذا زاد عدد اليهود وأصبح بمقدورهم إدارة شئونهم، وكثرت المصادمات والمعارك بين أهل البلاد الشرعيين والقادمين الغرباء، رفعت
[ ص: 58 ] بريطانيا المشكلة التي أوجدتها إلى الأمم المتحدة التي قررت تقسيم فلسطين بين العرب واليهود ، على أن تبقى القدس دولية، غير أن ضعف العرب وتهاونهم وتفرقهم جعل اليهود يثبتون أقدامهم في أجزاء من القدس مع انتهاء الحرب العربية -اليهودية عام 1948م، وفي حرب الخامس من حزيران 1967 أتم اليهود سيطرتهم على كامل القدس، بالرغم من أن القرارات الدولية لا تسمح لإسرائيل بالسيطرة على القدس كلها، حيث يطالب بعض الفلسطينيين بإقامة دولة خاصة بهم تكون القدس الشرقية عاصمتها
>[2] .
الوضع الحالي للقدس
تبلغ مساحة مدينة القدس 107 كم2، وعدد سكانها أكثر من نصف مليون نسمة (كان عدد اليهود سنة 1947م في القدس 2400 نسمة، وعدد العرب 33600 نسمة)، وهي مقسمة إلى قسمين: غربية وشرقية، والقدس هي الغربية التي تقع خارج السور القديم للمدينة، لا سيما من الجنوب والغرب، وقد توافد عليها اليهود بعد قرار التقسيم، وبخاصة
[ ص: 59 ] بعد حرب 1967م، ونتيجة سياسة التهجير الجماعي للعرب من المدينة، أما القدس الشرقية فهي التي تشمل المدينة القديمة داخل السور، بما فيها منطقة الحرم القدسي الشريف، وبعض الأحياء العربية الكائنة خارج السور، لا سيما من الشمال والشرق
>[3] .
وقد بسطت « إسرائيل » سيطرتها على هذا القسم «القدس الشرقية» أيضا بعد حرب عام 1967م ولجأت -وما زالت- إلى سياسة مصادرة الأراضي، وهدم البيوت، وتهجير سكانها العرب إلى مناطق أخرى وإحلال اليهود مكانهم، وتعمل على منع اتخاذ الفلسطينيين حتى القدس الشرقية عاصمة لدولتهم، بل تصر على أن القدس الموحدة عاصمة أبدية لها.. والوضع النهائي مرهون بموقف الفلسطينيين والعرب والمسلمين والمجتمع الدولي عند المفاوضات النهائية حول وضع المدينة المقدسة النهائي
>[4] .
[ ص: 60 ]