المعوقات الفكرية للمشروع النهضوي الحضاري
لعل من أهم المعوقات الفكرية للمشروع النهضوي الحضاري:
1- عدم تشخيص غاية المشروع النهضـوي الحضـاري تشخيصـا واضحا.
2- عدم تشخيص المشكلات الاجتماعية تشخيصا صحيحا.
3- عدم تحديد الوسائل والآليات تحديدا يناسـب الغايـة المنشـودة والإمكانيات.
إن كل مشروع نهضوي حضاري لا يحدد غايته بوضوح فإن من شأنه التيه في السبيل، والتبذير في الوسائل، والخطأ في الهدف، وبالتالي فهو مشروع يخضع لقانون الصدفة الذي لا يأتي بنتيجة حاسمة في وقت معين وفي اتجاه معين، وبالمحصلة ينبغي اعتبار التاريخ في هذه الحالة لا بصفته مجرد تسلسل حوادث على شاشة الزمن، بل بوصفه عملية اجتماعية محددة الأسباب والنتائج، ومرتبطة بمصير الإنسان ترفع من شأنه أو تسقطه في أسفل قائمة البشر
>[1] .
[ ص: 102 ]
أما عدم التشخيص للمشكلات الاجتماعية فإنه يبدو جليا نتيجة الاعتماد المزمن لدينا على عادات فكرية مهيمنة أكثر من اهتمامنا بفكرنا وقدرته على الإبداع، وعندها يكون نصيبنا من النجاح قليلا جدا؛ لأننا نفقد وسائل الرقابة، وإذن فإن قضايا المشروع النهضوي الحضاري مهما كانت ظروفها لا تعالج بالبدهيات التي ترى العلاج النافع على وضع النقيض أمام كل داء، ومن ذلك أن قضية الجهل في مجتمعاتنا لا تعالج بمجرد وضع البرامج التعليمية، والتعليم لا ينفع بمجرد إضافة معلومات، بل يجب أن يكون أولا عملية تصفية نفسية، وتعديل معادلة شخصية زيفتها عهود الكساد.
وحول مسألة الوسائل يمكن القول: إن بناء مشروع نهضوي حضاري تكون إحدى أكبر ثماره إنقاذ مدينة القدس وتحريرها لا يتم بالأشياء «الوسائل» مهما كانت صلاحيتها وثمنها، وإنما يتم بالدوافع التي تحرك تلك الأشياء والفكرة التي تربطها في العملية الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية، وعندما لا يكون في هذه العملية سوى الأشياء وحدها فالنتيجة تصبح في حكم الأوهام لا حكم التقدير والحسم
>[2] .
[ ص: 103 ]