- أهمية البحث:
تتجسد أهمية البحث في ما يلاحظ من عجز موارد العالم الإسلامي (عامة) وعزوف (الخاصة) منها عن الإقبال على توفير مستلزمات التنمية، الأمر الذي يتطلب البحث عن موارد جديدة لسد هذا الخلل الحاصل. [ ص: 29 ] وتشير التجربة التاريخية الإسلامية إلى الدور المهم الذي اضطلعت به «أموال الوقف» في سد احتياجات المجتمع وتحقيق تنميته.
من جهة أخرى نجحت الأموال الموقوفة في العالم الغربي في قطع أشواط متقدمة في مجال خدمة المجتمع، حيث يشير الأستاذ الدكتور منذر قحف في كتابه «الوقف الإسلامي» إلى احتلال الأوقاف في البلدان الغربية اليوم حيزا مهما من الثروة القومية، فهي تقدم خدمات اجتماعية كثيرة. فعلى سبيل المثال: بلغ نصيب القطاع الخيري (الثالث) الذي لا يهدف إلى الربح في الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1989م كالآتي: (56%) من مجموع الخدمات الصحية المقدمة في البلاد، و (26%) من مجموع الخدمات التعليمية، و (12%) من الخدمات الاجتماعية، و (4%) من الخدمات المدنية، و (4%) من خدمات متنوعة أخرى.
وإذا حاولنا الوقوف على حجم الأمانات الوقفية، التي تمتلكها هذه المؤسسات (مع صعوبة ذلك، لعدم وجود إحصاءات دقيقة) نجد أن أصول هذه المؤسسات من مبان وكنائس ومستشفيات ومدارس وجامعات وغيرها -حسب ما يذكره أسامة الأشقر في بحثه عن تفعيل مجالات الوقف الإسلامي في ضوء التجربة الغربية- تقدر بمئات البلايين من الدولارات.. ولتقريب الصورة أكثر نجد أن الكنائس والجمعيات الدينية حصلت في عام (2003م) على ما مقداره (86 بليون دولار) في شـكل تبرعات وأوقاف، [ ص: 30 ] وهو يشكل ما نسبته (36 %) من حجم تبرعات المجتمع الأمريكي لعام (2003م) والتي بلغت (240بليون دولار) ، وهو ما يظهر حقيقة الحجم الوقفي الهائل من نصيب تبرعات الفرد الأمريكي في القطاع الديني، على سبيل المثال لا الحصر. ويبلغ حجم الأصول الوقفية للمؤسسات الخيرية (471بليون دولار) منهـا (447بليون دولار أمريكي) في شكل استثمارات من أسهـم وسندات وودائع نقـدية. ويبلـغ صـافي الدخـل المتحقـق (أي الإيرادات الوقفية) لهذه المؤسسات لعام (2000م) ما مقداره (72بليون دولار) .
ويذكر المركز القومي لإحصاءات التعليم في الولايات المتحدة، أن القيمة السوقية للأمانات الوقفية بلغت في 30 حزيران 2006م لـ (120) كلية وجامعة 269 بليون دولار أمريكي، بزيادة قدرها 14% مقارنة بعام 2005م، واستحوذت جامعات (هارفارد، يال، ستانفورد، تكساس، وبرنكتون) على أعلى أمانات.
هذه البيانات تدل على أهمية بحث إحياء دور الوقف في عالمنا الإسلامي للنهوض بتمويل وتوفير مستلزمات التنمية البشرية.
التالي
السابق