- مجالات ومستويات الاستراتيجية والخطة الإعلامية:
من أهم هذه المجالات الآتي:
- التوعية المجتمعية.
- المستوى الاجتماعي.
- المستوى الثقافي.
1- التوعية المجتمعية:
يراهن كثير من المهتمين بقضايا الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة على دور التوعية، سواء فيما يتعلق بالحد من الإعاقة، أو توعية المجتمع تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة.
أ - أما بالنسبة للتوعية للحد من الإعاقة، فيمكن الإفادة مما يأتي
>[1] :
- الإعلام الصحي:
إن المعول عليه الأول هو الإعلام الصحي
>[2] ، باعتبار أكثر أسباب الإعاقة ذات صلة وثيقة بهذا المجال، ولهذا فإن حملات التوعية وعملية التوعية
[ ص: 130 ] المستمرة الموجهة لعموم المجتمع بصدد مسائل محددة من شأنها أن تعدل بعض السلوكيات الضارة التي يمكن أن تؤدي إلى إعاقات
>[3] .
- البرامج الحوارية:
وتعد الكثير من البرامج الحوارية والحصص الصحية والتفاعلية والتواصلية مع الجمهور، مما تحرص القنوات الفضائية العمومية والخاصة والمتخصصة على إدراجه ضمن شبكتها البرمجية، إعلاما صحيا لإيصال رسالة التوعية بالأسباب المؤدية للإعاقة، مع أهمية ربطها بشكل مباشر وواضح بها.
- القنوات التعليمية:
كما تؤدي القنـوات التعليميـة وقنوات الأطفـال أيضـا دورا مهما في الموضـوع، مع ضـرورة التـكييف والربـط بين ذلك وموضـوع الإعاقة وأسبابها، كما نوهنا.
[ ص: 131 ] - الإعلان:
ويمكن أيضا استثمار الإعلان بمختلف أنواعه وصور حضوره على القنوات الفضائية العربية في التوعية الصحية بأسباب الإعاقة
>[4] .
وهنا تتأكد أهمية دور مؤسسات العلاقات العامة في القنوات الفضائية في إقناع المنتجين والجهات المعلنة بالانخراط في تمويل حملات إعلانية في هذا الصدد تحديدا مع بيان العوائد والفوائد التي يمكن أن يجنوها من انتشار سلوكيات صحية تقي المجتمع من الإعاقات، فضلا عما في ذلك من ثواب وأجر عند الله تعالى متى اتجهت النية إلى الخير، ودفع الأذى عن الخلق، مما يؤول -معه- العمل الإعلاني إلى خدمة من خدمات الخير التي تبذل في مجال الإعاقة.
ب- توعية المجتمع تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة:
وتركز التوعية هنا - كما سبقت الإشارة
>[5] - على:
- زيادة وعي المجتمع وأفراده بوجود ذوي الاحتياجات الخاصة، واحتياجاتهم وإمكاناتهم.
- التعريف بالإعاقة وأنواعها وأسبابها، وكيفية اكتشافها والوقاية منها.
[ ص: 132 ]
- تعزيز مكان ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع والتعريف بحقوقهم واحتياجاتهم، وقدراتهم، وإسهاماتهم وبالخدمات المتاحة لهم.
- إزالة التفرقة والتحيز الاجتماعي ضد ذوي الاحتياجات الخاصة بالعمل على تغيير مواقف الناس إزاء الإعاقة، وهي مواقف يرجع غالبها إلى الجهل وسوء الفهم
>[6] .
2- المستوى الاجتماعي:
لا يزال وسيبقى المجال الاجتماعي أوسع وأقرب المجالات لمفهوم وممارسة العمل الخيري، الذي لم يعد منحصرا في الشكل التقليدي الذي يقتصر على بذل العطاء والمساعدات المادية فحسب، وإنما يتطلع لأن يؤهل المحتاجين والضعفاء ومنهم ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أن يصبحوا مستقلين بأنفسهم في حياتهم الاقتصادية والاجتماعية، ومساهمين بدور ملموس في جهود التنمية المستدامة، كما هو واضح في اتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة الدولية، والنصوص الحقوقية والتوجيهية الأممية، والإقليمية؛ وهنا تبرز الحاجة إلى "دور أكثر فاعلية لوسائل الإعلام في عرض وتحليل أهمية الرعاية الاجتماعية في تنمية وسعادة المعوق وأهله ومجتمعه على حد سواء، وأن هذه الرعاية تمثل مؤشرا أساسيا لرقي المجتمعات وتحضرها من جهة، ولقدرة أجهزة الدولة على مسايرة الأنظمة العالمية المشابهة في الخدمات الاجتماعية من جهة ثانية. فقد أصبح من
[ ص: 133 ] المسلمات التنموية أن ما تنفقه الدولة في خدمة المعوقين والسعي لدمجهم في مجتمعهم هو استثمار رابح وفي محله من الناحيتين والمنظورين الحضاري والمادي على حد سواء. وربما أدرك العاملون في وسط الرعاية الاجتماعية هذه الحقيقة على الواقع أكثر من غيرهم عندما يصادفون معوقا أو معوقين من المبدعين والمفكرين القادرين حقيقة على الاضطلاع بدور إيجابي تنموي في مجتمعاتهم، وذلك لو فسح لهم المجال"
>[7] .
ومن المهام المألوفة لدى الإعلاميين الكشف عن أصحاب القدرات والمواهب الكامنة أو المتحركة ولكنها مغمورة، فإذا كان الموهوب من ذوي الاحتياجات الخاصـة تأخذ المهمـة الإعلامية طابعا إنسانيا خيريا أوضح؛ لما تفتحه من آفاق أمامه.
كما أن للدور المعلوماتي الذي يؤديه الإعلام الواسع الانتشار، أهميته في هذا المجال، ذلك أن تقديم معلومات صحيحة وموثقة عن الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة، يجلب لهم المنفعة وجهود التطوع، ويدعم المؤسسات والجمعيات الأهلية التي تسعى لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة
>[8] .
ومن الأعمال الخيرية التي يمكن أن يسهم الإعلام الفضائي في إبرازها والتشجيع عليها، وتنميتها في صورة مشاريع خيرية وإنمائية حكومية وطوعية أهلية ما يأتي:
[ ص: 134 ]
- توفير السكن المناسب لكل فئة من ذوي الاحتياجات الخاصة.
- زيارتهم في بيوتهم وتقديم الخدمات الصحية اللازمة والنصح والإرشاد؛ لإشعارهم بالأمن الروحي والنفسي، وأنهم جزء من المجتمع.
- تمويل ذوي الاحتياجات الخاصة لإجراء الإصلاحات اللازمة في بيوتهم، تساعدهم على تخطي عجزهم، وتزويدهم بمنظومات التحكم بالبيئة، وأجهزة التواصل مع العالم الخارجي.
- إشراك القطاع الخاص للقيام بدوره الإيجابي في الرعاية الطبية والتأهيلية الاجتماعية والتربية الخاصة
>[9] .
ومن الإسهامات الخيرية المأمولة الفاعلة من الإعلام الفضائي التعريف بما تضمنته التشريعات الدولية والإقليمية والوطنية القطرية من مكاسب وحقوق وفوائد ترقى وتنمي الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، من ذلك مثلا الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة، التي نصت على مجموعة من الميزات التشريعية والاجتماعية لهذه الفئة، ففي المادة (28): مستوى المعيشة اللائق والحماية الاجتماعية، نصت الاتفاقية على:
1- تعترف الدول الأطراف بحق المعوقين في التمتع بمستوى معيشي لائق لهم ولأسرهم، بما في ذلك ما يكفيهم من الغذاء والملبس والمسكن، وفي مواصلة تحسين ظروفهم، وتتخذ الخطوات المناسبة لصون هذا الحق وتعزيز إعماله دون تمييز على أساس الإعاقة.
[ ص: 135 ]
2- تقر الدول الأطراف بحق المعوقين في الحماية الاجتماعية، والتمتع بهذا الحق دون تمييز بسبب الإعاقة، وتتخذ الخطوات المناسبة لصون هذا الحق وتعزيز إعماله، بما يشمل تدابير ترمي إلى:
I. ضمان مساواة المعوقين مع الآخرين في فرص الحصول على المياه النقية، وضمان حصولهم على الخدمات والأجهزة المناسبة ذات الأسعار المعقولة، وغير ذلك من المساعدات لتلبية الاحتياجات المرتبطة بالإعاقة؛
II. ضمان استفادة المعوقين، خصوصا النساء والفتيات والمسنات من برامج الحماية الاجتماعية وبرامج الحد من الفقر؛
III. ضمان استفادة المعوقين الذين يعيشون في حالة فقر وأسرهم من المساعدة التي تقدمها الدولة لتغطية النفقات المتعلقة بالإعاقة (بما فيها التدريب المناسب وإسداء المشورة والمساعدة المالية والرعاية المؤقتة)؛
IV. ضمان استفادة المعوقين من برامج الإسكان العام؛
V. ضمان استفادة المعوقين، على قدم المساواة مع الآخرين، من استحقاقات وبرامج التقاعد.
وفي المادة (32) التعاون الدولي، نصت الاتفاقية على:
1- تسلم الدول الأطراف بأهمية التعاون الدولي وتعزيزه، دعما للجهود الوطنية الرامية إلى تحقيق غايات هذه الاتفاقية وأهدافها، وتتخذ تدابير مناسبة وفعالة بهذا الصدد على الصعيدين الثنائي والمتعدد الأطراف، حسب الاقتضاء، في الشراكة مع المنظمات الدولية والإقـليمية ذات الصـلة والمجتمع المدني، ولا سيما منظمات المعوقين. ويجوز أن تشمل هذه التدابير ما يلي:
[ ص: 136 ] I. ضمان شمول التعاون الدولي المعوقين واستفادتهم منه، بما في ذلك البرامج الإنمائية الدولية؛
II. تسهيل ودعم بناء القدرات، بما في ذلك من خلال تبادل المعلومات والخبرات والبرامج التدريبية وأفضل الممارسات وتقاسمها؛
III. تسهيل التعاون في مجال البحـوث والاستفادة من المعارف العلمية والتقنية؛
IV. توفير المساعدة التقنية والاقتصادية، حسب المقتضى، بما في ذلك عن طريق تسهيل الحصول على التكنولوجيا السهلة المنال والمعينة وتقاسمها، وعن طريق نقل التكنولوجيا.
2- لا تمس أحكام هذه المادة التزامات كل دولة طرف بتنفيذ ما عليها من التزامات بموجب هذه الاتفاقية.
ونشير هنا إلى مسألتين هما:
- الأولى: ما تشير إليه الأدلة من تقارير دولية تفيد بأن الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة يسجلون درجات عالية في الأداء في العمل، ومعدلات بقاء مرتفعة، وحضور أفضل من زملائهم غير المعاقين
>[10] .
الثانية: سبق النظام التربوي والتشريعي الإسلامي والتجربة الحضارية الإسلامية في التطوع بأداء الواجب من قبل أشخاص ذوي احتياجات خاص، على الرغم من أن الإسلام وضع عنهم كثيرا من التكاليف، وخفف
[ ص: 137 ] عنهم في أخرى؛ كما دلت على ذلك أحكام كثيرة وشواهد عديدة كسبب نزول قوله تعالى:
( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله ) ، كما سبق بيانه
>[11] .
- من أشكال العمل الإعلامي الملائمة لإيصال الرسالة:
ومن أشكال العمل الإعلامي الملائمة، التي يمكن من خلالها إيصال وتأدية الرسالة الخيرية لذوي الاحتياجات الخاصة ما يأتي:
- التحقيقات الميدانية للكشف عن القدرات والمواهب، وإبراز واقع الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة في مجتمعاتنا العربية، والجهود الحكومية والأهلية التي تبذل في تنميتهم، أو التقصير والإهمال والتهميش الذي يعيشونه.
- إيجاد نوع من الصلة بين ذوي الاحتياجات الخاصة والجمعيات الأهلية والجهات الحكومية، ورجال الأعمال والخبراء والباحثين الأكاديميين لتداول قضايا الإعاقة وذوي الاحتياجات الخاصة، وفق منظور تنموي حضاري فاعل، والتعريف بمحوريتهم في قضايا التنمية الوطنية، وحقوقهم في المساواة الاجتماعية، وما يتأهلون له من أداء للواجب مقابل ذلك، فتصحح الصورة عنهم بأنهم ليسوا فقط فئة عاجزة تنتظر العطاء والإحسان، خصوصا في البرامج الحوارية، وقد تستغل القنوات الفضائية إمكاناتها التقنية وعلاقاتها العامة ونفوذها المحلي والدولي لاستضافة خبراء ومسؤولين دوليين وإقليميين وقطريين لمناقشة وإثارة ومتابعة ما نصت عليه التشريعات، ومتابعة تجسيدها ميدانيا.
[ ص: 138 ]
- مبادرة القنوات الفضائية بحملات تطوعية لفائدة ذوي الاحتياجات الخاصة قصد تمكينهم من الحصول على الحقوق والامتيازات التي نصت عليها النصوص التشريعية.
- متابعة وتشجيع المبادرات التطوعية.
- وتشجيعا لمنحى تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة داخل أسرهم، وليس بالاعتماد الكلي على مراكز التأهيل المختصة تقدم القنوات الفضائية حصصا وثائقية وتجارب ناجحة عائليا حول هذا الأسلوب التأهيلي المتناسب مع قيم مجتمعاتنا، كما تقوم صناعة الإعلان التلفزيوني بدور إيجابي في الموضوع.
3- المستوى الثقافي:
لا يقل المستوى الثقافي أهمية عن المستوى الاجتماعي، حيث يمكن أن يعمل الإعلام الفضائي على التنبيه ودعم الجهود الرامية لتوفير المراكز والنوادي لذوي الاحتياجات الخاصة لقضاء أوقات فراغهم النهارية، تتوفر على خدمات تأهيلية ورياضية وترويحية وتدريبية، وتشجيع ذوي الاحتياجات الخاصة على ممارسة الأنشطة الرياضية والترويحية وتكوين الجمعيات والاتحادات الرياضية والفنية والثقافية، والاشتراك في المنافسات على المستويين المحلي والدولي
>[12] ؛ وتنظيم المسابقات للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين يبرزون في أي مجال كمجالات الموهبة والإبداع
[ ص: 139 ] تشجيعا لهم ولأسرهم على طرق هذه الميادين
>[13] ولأهمية الدمج يجرى هذا بمعية ومشاركة نظرائهم من الأسوياء.
كما يمكن تنظيم رحلات علمية لتلك الفئات، وزيارة المراكز التعليمية والثقافية على مستوى التبادل بين الدول في هذا المجال، أسوة بالدول المتقدمة، حيث ينال ذوو الاحتياجات الخاصة حقهم في المجتمع كأي عضو عادي فعال
>[14] . وكذلك تشجيع المسابقات الدينية بين ذوي الاحتياجات الخاصة كحفظ القرآن والحديث النبوي الشريف، والسياحة الدينية كالعمرة والحج، والمشاركة في الأعمال التطوعية لفئتهم أو لفئات أخرى كالمرضى والفقراء المحرومين والعجزة.
ورغم اقتصارنا على المستويات المذكورة فإن الإعلام الخيري الفضائي يمكنه أن يضطلع بدور مهم في مجال التأهيل والدمج وتصحيح الاتجاهات السلبية تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة. ويستعين في أداء رسالته السامية هذه بقادة الرأي، خصوصا علماء الدين؛ لتأثيرهم النوعي والعميق في الجمهور العربي المسلم، و"يمثلون مكانة مقدسة في قلوب الجماهير التي تنقاد لهم عن رضى وطواعية، وتضعهم في منـزلة أسمى من منـزلة غيرهم، فالناس تلتف حول هؤلاء القادة الذين يستطيعون توحيد صفوفها وإرشادهم باعتبارهم رمزا واضحا لما يؤمنون به، وانطـلاقا من أن فكر هؤلاء القادة يحوي كل
[ ص: 140 ] ما تحفل به هذه الجماهير من معان وقيم تقوي روحها المعنوية وتدفعها إلى الانطلاق لدفع عجلة الحياة في مختلف الميادين"
>[15] .
وفي ختام هذا القسم من الكتاب نورد التوصيات والملاحظات الآتية:
- الحاجة ماتزال ماسة لمزيد من الدراسات للتعرف على احتياجات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من وسائل الإعلام، مما يندرج ضمن أبواب العمل الخيري، وتبحث إلى جانب ذوي الاحتياجات الخاصة أولياء أمورهم والجهات العاملة في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة، خاصة الجهات الأهلية، والتطوعية، والأخصائيين.
- ينبغي أن تعمق القنوات الفضائية رؤية استراتيجية إعلامية واضحة ومحددة، تدعو إلى توفير رعاية كاملة من كافة مؤسسات المجتمع وتنمية العمل الخيري لذوي الاحتياجات الخاصة، مع تأكيد اتسامه بطابع البعد التنموي.
- بالنظر إلى الاهتمام المتواضع الذي توليه القنوات الفضائية العربية للعمل الخيري لذوي الاحتياجات الخاصة، وجب على المهتمين بقضاياهم وأولياء الأمور التواصل مع تلك الوسائل الإعلامية وتنبيهها لأهمية الالتفات إليهم.
- من المجالات الواعدة لخدمة العمل الخيري لصالح الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ما تتيحه شبكة الإنترنت من إمكانات كبيرة؛ لذا نوصى هنا بإجراء بحوث علمية تكشف عن مدى حضورنا العربي فيه في هذا المجال، وما الآفاق الواعدة لتنمية العمل الخيري بواسطته.
[ ص: 141 ]