تقديم
عمر عبيد حسنة
الحمد لله، الذي جعل المرأة إنسانا كامل الأهلية، ومحلا لخطاب التكليف، ووجهها والرجل على سواء إلى أن العمل الصالح هو سبيل الحياة الطيبة والعاقبة الحميدة، فقال تعالى:
( من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ... ) (النحل:97)؛ وجعلها محلا للولاية والاضطلاع بحمل الرسالة والقيام بحسبة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلى جانب الرجل، فقال تعالى:
( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ... ) (التوبة:71)؛ وسوى بينها وبين الرجـل في الحقـوق الإنسانية العامة، فقال تعالى:
( للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله ) (النساء:32)؛ وأقام التوازن في الحقوق والواجبات بين الرجال والنساء:
( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) (البقرة:228)؛ وكرمها بأن جعلها في موقع متقدم للتقدير والبر والاحترام، فكانت أحق الناس بحسن الصحبة في الأسرة والمجتمع؛ وانتشل إنسانيتها من العبث الديني والتفكير الخرافي، الذي جاء ثمرة لصور التدين المغشوش وعلل التدين المتوارثة، وصوب بالنبوة الخاتمة
[ ص: 5 ] الرؤى الدينية السابقة التي شككت في إنسانية المرأة وأهليتها واعتبرتها رمز الشر ومحل الخطيئة وسبب اللعنة والطرد من الجنة، وعقدت للنظر في تكوينها وطبيعتها المجامع الدينية، وأقيمت المؤتمرات والمقارنات بينها وبين الحيوانات وبينها وبين الشيطان.
أما مدى أهليتها للتكليف واستحقاقها للمساواة في الحقوق مع الرجل فتلك قضية لم تكن مطروحة أصلا، فهي دون مستوى التكليف(!) فالطروحات كانت غريبة وعجيبة والمقـارنات جاءت محزنة والنتائج مفزعة، ولم يكن العرب في جاهليتهم قبل الإسلام بأحسن حالا كثيرا من جاهليات الأمم الأخرى التي توظف لها قيم الدين، فالمرأة تورث كالمتاع، ويتم وأدها وهي على قيد الحياة، وتستقبل بالوجوه المسودة الكاظمة.
فجاء الإسلام بمساواتها بالرجل، وفتح المجال أمامها لمسابقته واحتمال التميز عنه، فجعل التفاضل ليس الذكورة أو الأنوثة، ذلك أن هذه أمور قسرية، كما هو معلوم، لا يد للإنسـان في إيجادها أو إلغائها، وإنما جعل ميزان التفاضل والكرامة: التقوى والعمل الصالح، وهذا أمر كسبي وفرصة متكافئة بين جميـع الخـلق، فالله يقول:
( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ) (الحجرات:13) ، و يقول تعالى:
( فاستبقوا الخيرات إلى الله مرجعكم جميعا ) (المائدة:48).
[ ص: 6 ]
والصلاة والسلام على المثل الكامل، الذي جعل النساء شقائق الرجال، وجزءا منهم مكملا لهم في الخلق والواقع، وكانت سيرته تجسيدا لدور المرأة في الحياة الإسلامية، وبيانا لمكانتها في التشريع الإسلامي كإنسان كامل الأهلية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية، ففي عهد القدوة هاجرت المرأة وبايعت وجاهدت وعلمت وتعلمت وحفظت القرآن وروت الأحاديث واستدركت على كبار الصحابة، واستشيرت في أشد الأزمات تعقيدا التي مرت بالمسلمين (صلح الحديبية) وكانت من الركائز البارزة في إبصار المستقبل واستيعاب خطوات الرسالة الأولى في بدء الوحي؛ وتأكيد وجودها وأنها أصل الجنس البشري وخلقت من نفس الرجل:
( الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ) (النساء:1) ، وأنـها محل سكينة النفس
( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة ... ) (الروم:21) ، وهي في الرؤية الإسلامية الضلع، أحد مكونات القفص الصدري الحاني والحامي لقلب الإنسان، محور إيمانه ومصدر حيويته ومحل حياته، فهي مصدر الخير ومحور المشاعر ومخزن العواطف الإنسانية.
وبعد:
فهذا "كتاب الأمة" الحادي والأربعون بعد المائة: "موقع المرأة النخبوي في مجتمع الرسالة" للدكتورة ليلى رامي، في سلسلة "كتاب الأمة"، التي تصدرها إدارة البحوث والدراسات الإسلامية في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر، في محاولتها الاجتهادية الدائبة للعودة بالأمة إلى قيم
[ ص: 7 ] الكتاب والسنة، وتقويم واقع الناس بها، وبيان مواطن الخلل، واستنفار الجهود، وتجميعها وإعادة ترتيبها لتوفير الفاعلية الغائبة، وإحياء مفهوم فروض الكفاية، والتوجه صوب توفير التخصصات العلمية والمعرفية، وزرع الإيمان وترسيخ الاهتمام بجدواها، وإعادة بناء مفهوم أهل الحل والعقد في ضوء ما تتطلب القضايا المطروحة للنظر من التخصصات والخبرات، انطلاقا من قوله تعالى:
( ولا تقف ما ليس لك به علم ) (الإسراء:36 )، وقوله:
( ولا ينبئك مثل خبير ) (فاطر:14) ، وإحياء المنهج السنني في الأنفس والآفاق في الحياة والأحياء، والعمل على إعادة التوازن وضبط النسب، وإزالة الحواجز النفسية من بين العاملين للإسلام، والعودة إلى مفهوم الأخوة الجامعة:
( إنما المؤمنون إخوة ) (الحجرات:10) ، والعمل على استرداد الوعي العام وتحقيق المشروعية العليا وأن الإسلام يشكل عقيدة الأمة، كل الأمة، وهويتها وتاريخها الحضاري، وليس هو اختيار جماعة أو طائفة أو حزب أو فئة أو جغرافيا، أو حكر عليها، فهما وفقها وتمثيلا، والتوسع في دوائر الخير في المجتمع، والتأكيد أن تطبيق تكاليف الشريعة منوط بالاستطاعة، فإذا استفرغ الإنسان وسعه في التطبيق فقد طبق الشريعة ولو لم يستكمل جميع فروعها،شريطة أن يؤمن بها جميعا ويعمل على استـكمالها، وأن فقه الواقع وتقدير مـدى الاستطاعته لا يقل فقها وأهمية عن فقه النص الشرعي في الكتاب والسنـة، بعد أن حفظ الله القرآن
( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) (الحجر:9) وتعهد بحفظ البيان (السنة)
( ثم إن علينا بيانه ) (القيامة:19) ، الأمر الذي يشكل المقدمة
[ ص: 8 ] الضرورية لصحة التكليف، فلابد أن تتوجه الجهود -بعد هذا العمل العظيم والكبير من التحقيق والتوثيق لسلامة النص وصحة سنده- إلى فقه إعمال النص في واقع الناس، وتقويم سلوكهم به، واستمداد الرؤية والأحكام الشرعية من نص الشارع، والاهتداء بكيفية تنزيل هذا النص وتجسيده في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والأصحاب الكرام، رضي الله عنهم،لا من مفهوم واجتهادات البشر التي قد يعتريها الكثير من الخلل والخطأ؛ فالنص هو الحاكم على الاجتهاد ومدى صوابيته، وليس الاجتهاد هو الذي يحكم النص، حال واقع الكثير من الفتاوى والفهوم، التي أقامها أصحابها حاكما على الكتاب والسنة.
ولعل قضية المرأة ودورها في الحياة الإسلامية ووظيفتها في المجتمع ما تزال تعتبر من الإشكاليات الكبيرة المركبة والملفات المفتوحة، التي خضعت ولا تزال إلى كثير من المقاربات والمقارنات والعادات والتقاليد، حيث ما تزال تحكمها في جوانب كثيرة التقاليد تحت شتى المعاذير والذرائع، وتغيب عنها التعاليم والقيم الشرعية، حتى لقد وصل الأمر إلى مرحلة العبث، الذي شوه صورة المرأة المسلمة ومكانتها وطمس ملامحها بين إفراط المتشددين والغالين وبين تفريط ضحايا الغزو الثقافي والاستلاب الحضاري، وغياب العلماء العدول، الذين نيط بهم رد الأمور إلى نصابها وتقويمها بقيم الدين في الكتا ب والسنة، حتى ليمكن القول: إن المرأة بين هؤلاء وأولئك وقعت فريسة للعبث وردود الفعل والتيه والضلال بين التعاليم الإسلامية الرحيمة والتقاليد الاجتماعية الظالمة، بين الشرعي وغير الشرعي؛ ولقد اتخذ الكثير من موضـوع المرأة
[ ص: 9 ] مادتهم الدسمة، لعلها تصبح مطية لارتقائهم أو دليلا على تحررهم وتقدميتهم، ولو كان ذلك على حساب الشرع والعقل والمجتمع.
وهنا قضية قد يكون من المفيد التوقف عندها والنظر إليها واستقراء تداعياتها وآثارها السلبية على المرأة بالدرجة الأولى وعلى المجتمع، حيث تشكل المرأة فيه الرحم الذي تتربى وتنطـلق منه وتعود إليه معظم العلاقات الاجتماعية؛ لأن المرأة هي الفاعل الاجتماعي الأهم في غزل وتشكيل النسيج الاجتماعي بكل صوره؛ ذلك أن من المسلم به أن الشريعة بكل تكاليفها والرسالة الإسلامية بكل قيمها وتعاليمها إنما جاءت لإلحاق الرحمة بالعالمين
( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) (الأنبياء:107 )، وتحقيق مصالح العباد في معاشهم ومعادهم، وأن تكاليف الدين إنما جاءت لإصلاح الدنيا ولتهذيب الإنسان والارتقاء به بما يوافق فطرته التي فطر عليها ووظيفته الاجتماعية التي أهل لها، لا لتعذيبه والمساهمة في شقوته وعنته، وأن القيم الحاكمة على سلوك الإنسان لا بد أن تـكون متأتيـة من مصدر خارج عنه، إذ لا يمكن أن يعقل أن تكون ذات الإنسان هي قيمة التقويم ومعياره وهي في ذات الوقت محل التقويم والمعايرة.
فالمصلحة، كل المصلحة، في التزام شرع الله في السلوك، بكل أنواعه؛ وتقويم هذا السلوك وبيان الخلل والخطأ إنما يكون بقيم الدين الواردة في الكتاب والسنـة، لا من رؤية البشر ورأيهم، حتى ولو ادعـوا أن اجتهادهم إنما ينطلق من قيم الدين. فقيم الدين هي الحاكمة على السلوك والفهم وحجة
[ ص: 10 ] عليهما، وليس الفهم والاجتهاد والسلوك هو الحاكم على تعاليم الدين وتكاليف الشرع.
وبالتالي فلا يمكن، عقلا ولا شرعا ولا واقعا، أن نتصـور أن التزام شرع الله والانضباط بقيمه يفوت مصلحة، وأن ذلك قد يحصل عند تصور مصلحة موهومة أو فهم قاصر أو فقه كليل ينزل النصوص على غير محالها وبغير هدى.
وقد تكون قضية المرأة وما مورس ويمارس عليها هو المثال والوسيلة الأوضح لهذه الإصابة الذهنية والشرعية والاجتماعية التي قد يظن أصحابها، من الأخسرين أعمالا، أنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، وقد يكون ذلك حقيقة بسبب من انتقال فلسفة التدين التي كانت عند الأمم السابقة عن المرأة وتسرب تلك العلل إلينا، من حيث ندري أو لا ندري؛ تلك الأمم التي قضت ردحا من الزمن وهي تنظر في إنسانية المرأة -كما أسلفنا- وهل هي أفضل أم الكلب العقور؟ وهل هي أكثر شرا أم الشيطان؟ وأنها رأس الخطيئة، ومحور الفتنة، وسبب شقاء بني آدم وإخراج أبيهم من الجنة، والشقاء الذي لحق الجنس البشري، فهي الخطيئة، وأن غاية التدين الابتعاد عنها والهروب منها وعدم الزواج بها، والنزوع إلى الرهبنة والانقطاع عن الزواج الذي يعتبر غاية التدين!
نقول: إن بعض هذه الظلال القاتمة تسربت إلى بعض العقول والمسالك فكانت سببا في انتقاص حقها، وحرمانها من إرثها، وتغييب إنسانيتها، وتعنيفها وعدم تعليمها، والتمييز بينها وبين إخوتها من الذكور، وممارسة الوأد
[ ص: 11 ] الاجتماعي والنفسي يوميا، فلئن كانت الجاهلية تئدها فور ولادتها، الأمر الذي أوقفه الإسلام، فإن الوأد النفسي والاجتماعي والحقوقي ما يزال مستمرا بشكل أو بآخر، ولعله تسلل أيضا إلى كثير من بيوت المتدينين ومن يسمون بأهل الدعوة، حتى الذين يتكلمون عن حقوق المرأة ومكانتها على المنابر فكثير منهم يمارس الوأد في البيوت المقابر، ويقوده الحرص المغشوش على المرأة إلى تعطيل قيم الدين وإيقاف شرع الله بدعوى خوف الفتنة، والتعسف في استخدام بعض القواعد من مثل: "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، فيكون الحجر على المرأة ومنعها حقها ومشاركتها وأداء وظيفتها درءا للمفاسد، فيصبح خروجها من البيت محلا للفتنة، وتعلمها سبيلا للفتنة، وذهابها إلى المسجد وسيلة للفتنة، وأخذ وظيفتها في المجتمع والقيام بدورها سبيلا للفتنة أيضا، وتعطيل ذمتها المالية ووضعها في خانة السفهاء أيضا من باب درء المفاسد، وكأن المرأة المسلمة في عهد النبوة وجميع ممارساتها ليس تراثا لنا ومحل اقتداء، وكأننا بأفعالنا الشائنة هذه أدرى بالعصر وتقلباته وفساده وصلاحه من خالق الزمان والمكان والإنسان، الذي أنزل هذه الرسالة لتكون خاتمة وخالدة إلى يوم الدين، وكأننا أكثر غيرة على المرأة من الذي خلقها!
وليس التشبث بمبدأ "سد ذريعة الفساد" -وتحديد مدى الفساد، الذي يؤدي إلى توقيف أو تعطيل الحكم الشرعي هو اجتهاد، وهذا الاجتهاد إن أصاب فهو حالة خاصة طارئة لظرف خاص لا يلغي أصل التشريع ويتحول إلى مبدأ عام يعطل قيم الشريعة ويوقف تكاليفها- بأقل خطرا وإساءة وسببا في الجنوح والخروج وتهريب الناس من الدين وتمردهم على قيمه.
[ ص: 12 ]
ولعل من ملامح خلود الإسلام استمرار تلك المواقف المشوهة والفهوم المعوجة حـول المرأة وحقوقها، ووقع شيء منها، بكل ما تحمل من إساءة، حتى في جيل خير الناس فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول:
( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ) (أخرجـه البخـاري) ، فيظـهر من يقـول: " والله لنمنعهن"؛ فعن عبد الله بن عمر، رضـي الله عنهـما، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
( لا تمنعوا نسـاءكم المساجـد إذا استأذنكم إليها"، قال: فقـال بلال ابن عبد الله: والله لنمنعهن، قال فأقبل عليه عبد الله فسبه سبا سيئا ما سمعته سبه مثله قط، وقال: أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: والله لنمنعهن"؟! ) (أخرجه مسلم).
وأما ما يروى عن المـرأة التي قامـت في المسـجـد لتقول لسيـدنا عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أمير المؤمنين، الفقيه المتميز فلا يزال مستمرا؛ حيث عرض، رضي الله عنه، لمشكلة الغلاء في المهور وحاول مناقشتها ومعالجتها،فقال:
( ألا لا تغالوا صدقة النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها نبي الله صلى الله عليه وسلم ؛ ما علمت رسول الله صلى الله عليه وسلم نكح شيئا من نسائه ولا أنكح شيئا من بناته على أكثر من ثنتي عشرة أوقية ) (أخرجه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح)، فتقوم امرأة في المسجد لتقول له: "أيعطينا الله ويمنعنا عمر"؟؛ والأخطر اليوم أن المنع إنما يتم باسم التدين والغيرة على قيم الدين وسلامة المرأة ومصلحة المجتمع.
[ ص: 13 ]
وعلى الرغم مما قيل حول ضعف الرواية أو نكارتها، فإن الحال التي عليها المرأة في كثير من مجتمعات المسلمين اليوم يؤكد ويصدق ذلك، حيث تحرم المرأة مما شرع الله لها.
ولا بد من الاعتراف أننا أوتينا من قبل المرأة، على الرغم من أحاديثنا الطويلة عن حقوق المرأة وخطبنا العصماء والكتب والمؤلفات الكثيرة التي تأخذ مساحات ليست بالقليلة في المكتبة اليوم عن إنسانية المرأة وسبق الإسلام إلى تقرير حقوقها ومساواتها بالرجل.
وبالإمكان القول: إن معظم الإنتاج الفكري والثقافي والوعظي إنما يتمحور حول الفكر الدفاعي، ويتحرك ضمن خارطة مسبقة يتحكم برسمها خصوم الإسلام، الذي استغرقنا واستنفد جهودنا وطاقاتنا وأوقاتنا، وجاء في معظمه، إن لم نقل جميعه، على حساب بناء المرأة وتربيتها وتنميتها وتدريبها على ممارسة حقوقها والاضطلاع بواجباتها وإبصار استحقاقات وظيفتها في الأسرة والدولة والمجتمع.
وعندما عدنا لنفتش عن المرأة، التي أرادها الإسلام وشكل شخصيتها وجدد وظيفتها وقدم نماذج لمشاركتها في الحياة الإسلامية لم نجدها، وفي كثير من الأحيان قد يقتصر وجودها على الشكل واللباس الذي يرضينا ويزيد أوهامنا أننا ظفرنا بالمرأة المسلمة؛ أما إذا تجاوزنا الشكل إلى المضمون والاهتمامات فقد لا نجد كبير فرق بينها وبين سائر النساء، وكأن الإسلام في قضية المرأة انتهى إلى رسوم وأشكال مستقرة في الذهن، حيث يصعب على مجتمعات التخلف تجاوز الصورة والشكل إلى الحقيقة والعقل!
[ ص: 14 ]
وعلى أحسن الأحوال فقد يأخذ الحماس بعض النساء إلى الخروج من المنزل باسم الدعوة إلى الله، حتى ولو كان ذلك على حساب الزوج وتربية الأولاد، وكأن رعاية البيت والاضطلاع بمسؤولية التربية ليس من سبل الدعوة إلى الله!
لقد قضينا ردحا من حياتنا نحرم تعليم المرأة ونحرمها من المعرفة، ونعتبر أن الجهل أفضل من العلم، وأن العلم والتعلم ذريعة الفساد، متسلحين بمبدأ "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"؛ وطالما أن مكان المرأة في نهاية المطاف البيت المنزل فما حاجتها إلى التعليم والتعلم... هكذا؟! وكأن مهمتها ومعرفة مسؤولياتها والاضطلاع بتربية الأولاد وإعدادهم للمجتمع، الذي سوف يعيشون فيه، لا تحتاج إلى علم ومعرفة وخبرة ودراية! على الأقل بالمجتمع الذي تعد أولادها إليه.
ونقول: حتى ولو لم تكن مهمتها في الأسرة تربوية، وإنما كانت كعامل النظافة وصندوق للتفريخ والإنجاب، فإن ذلك أصبح له علوم وأصول وأنواع من التربية والتدريب واكتساب المهارات.
وقد تكون الإشكالية -كما أسلفنا- أن ذلك إنما يتم تحت شعارات التدين والمحافظة على القيم، ولا ندري أية قيم هذه التي تمنع المرأة من حقوقها وتحرمها من إنسانيتها وتخرجها من الحياة؟!
إن مثل هذه الذهنيات وهذا التدين المغشوش هو الذي دفع بالمرأة للتمرد والخروج وكسر الموازين وحتى الوصول إلى معاداة الدين وأهله، ذلك أن الكثير
[ ص: 15 ] من أصحاب التدين المغشوش والعقول المعوجة، مارسوا على المرأة أسوأ أنواع الوأد والقتل الثقافي والسياسي والمعرفي والتربوي والاجتماعي؛ وفي تقديري أن قوله تعالى:
( وإذا الموءودة سئلت *
بأي ذنب قتلت ) (التكوير:8-9) ، هذا السؤال الكبير:
( بأي ذنب قتلت ) ؟ هو سؤال خالد مستمر ما استمر البشر على أرض الحياة، وأن المراجعة باستمرار مطلوبة لأفعالنا وعلاقاتنا الاجتماعية، فلولا أن القتل والوأد مستمران بشكل أو بآخر لما كان هناك معنى لخلود النص القرآني.
ويؤسفنا أن نقول، كما أشرنا: إن وضع المرأة في بيوت كثير من المتدينين مؤسف جدا، وإنهم قد يشكلون قدوة للهروب من الدين؛ ولو طلب إلى أحدنا أن يحضر كلمة أو خطبة أو بحثا في حقوق المرأة ومكانتها في الإسلام لاجتهد وأجهد نفسه بإيراد النصوص من الكتاب والسنة ووقائع السيرة والتاريخ الإسلامي، التي تثير الإعجاب والإكبار، لكن حالنا ينطبق عليها المثل: "اقرأ تفرح، جرب تحزن"، حيث إننا نوبخ أنفسنا بأقوالنا، التي تناقض أفعالنا، والله يقول:
( كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ) (الصف:3)؛ لقد تحولت التقاليد والتوارث الاجتماعي إلى دين، وأصبح التمترس وراءها والدفاع عنها أشد ضراوة من الدفاع عن قيم الدين.
ولعل شعار: "أيعطينا الله ويمنعنا عمر"، ما يزال يحكم حياتنا وعلاقاتنا وتصوراتنا، وإذا اضطررنا فما أسهل تأويل النصوص، وإذا عجزنا عن التأويل فمبدأ "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح"، ذلك المبدأ الذي توسعنا به
[ ص: 16 ] حتى أحللناه محل قيم الدين وشرع الله، فباسم سد ذريعة الفساد، وعدم الأهلية، والخوف على الشريعة أغلقنا أيضا باب الاجتهاد، وبذلك حكمنا بإلغاء العقل ومحاصرة التفكير وإيقاف امتداد الحياة الإسلامية وامتلاك القدرة على توليد الأحكام، وفسحنا المجال للآخر للامتداد في فراغنا.
فباسم حماية المرأة وسد ذريعة الفساد حبسناها في البيت؛ والحبس في البيوت إنما هو عقوبة اقتراف جريمة الزنا، يقول تعالى:
( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ) (النساء:15) ، وحرمناها من كل آفاق الحياة.
وباسـم حمـاية الشـرف والغيرة حرمنا المرأة من بيوت الله وتلقي العلم ومعرفة الأحـكام؛ وكثـيرا ما فهمنا بعض الأحكام الشرعية كما نريد لا كما بينتها السنة، فمثلا الرسول صلى الله عليه وسلم يقول:
( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ) (أخرجه البخاري) ، حرمنا الاجتماع والخلوة حتى عند وجود محرم كما عند عدم وجوده.
وهكذا دارت علينا الدوائر، واحتلت تصورنا نماذج من التدين المغشوش، ونحن نتوهم أننا نلتزم قيم ديننا؛ ودولاب التخلف والتردي مستمر، وكأن قيم الدين تصبح هي سبب تخلفنا! وأنه لا بد من الانسلاخ عنها لتحقيق التقدم.
[ ص: 17 ]
وقد لا نجافي الحقيقة والواقع كثيرا إذا قلنا: إننا نحن السبب في إبعاد الناس عن قيم الدين وتشكيل الصورة المشوهة عن تعاليمه، سواء في ذلك الرجل والمرأة معا، وإن كانت مرآة المرأة أشد حساسية وأكثر التقاطا.
والناظر والمتأمل بمجمـل حـالنا اليوم لا يكاد يصدق أننا من إنتاج تلك القيم وأحفاد ذلك الجيل وأبناء وبنات تلك الحضـارة، التي حررت الإنسان واستعادت إنسانية المرأة وسوتها بالرجل وجعلتها محلا للخطاب والتكليف والمسؤولية والموالاة، مع الرجل، وقيادة المجتمع وتنقيته من الإصابات، يقول تعالى:
( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) ، ويقول:
( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) ، تلك القيم الحضارية التي جعـلت المرأة مصدر النسـل والبيت وأصل الإنسانية، كما جعلتها الشق الآخر أو الثاني المكمل للرجل، فالنساء شقائق الرجال.
نعود إلى القول: إن التدين المغشوش والفهوم المعوجة والتقاليد البيئية والاجتماعية هي التي شوهت، ليس صورة المرأة وشخصيتها ومكانتها فحسب وإنما صورة الرجل وشخصيته ورؤيته، ولا أدل على ذلك من الحال التي وصل إليها الرجل في نظرته إلى المرأة، التي انتهت إليها في مجتمعات المسلمين، حيث ما يزال الوأد الثقافي والسياسي والتربوي والتعليمي مستمرا، والتوارث الاجتماعي يسلم هذه الصورة المشوهة من جيل إلى جيل، فنضل الطريق ونحن نظن أننا نحسن صنعا؛ ونخشى أن نقول: من الأخسرين أعمالا.
[ ص: 18 ]
لقد غيب التدين المغشوش والورع الكاذب صورة وشخصية المرأة المسلمة في عصر النبوة، فترة القدوة والمقاربة والتمثل والنمذجة، وعلى أحسن الأحوال انتهى إلى الهروب من هذه النماذج تحت شعار: "إنه عهد النبوة وجيل الصحابة، فأين نحن منهم"؟ وكأن القيم الإسلامية نزلت إليهم دون سواهم! وقد نكون نحن الأحوج إلى هذه القيم وتمثلها والاقتداء بها منهم، إذا كان مجتمعهم من الأخيار والأتقياء الأنقياء.
أين المرأة المسلمة اليوم من شخصية أم المؤمنين السيدة خديجة، رضي الله عنها، في نظرتها الثاقبة، وفهمها السديد، واستيعابها لخطوات النبوة الأولى، ورؤيتها لصورة المستقبل، ومبادرتها لاستيعاب الحدث الجلل "بدء الوحي"، وإبصار المقدمات، وتقدير النتائج والعواقب، حتى لنكاد نقول: لقد كانت وعاء النبوة؛ استطاعت تثبيت خطواتها الأولى؛ وكانت محل الرأي والتدبير والتقدير وحسن التعاطي مع الخصائص والصفات الطيبة، التي يتحلى بها الرسول صلى الله عليه وسلم واعتبارها بشارة خير وإمارة صدق ومصدر أمن وسكينة نفس.
أين المرأة المسلمة اليوم من شخصية السيدة الفاضلة أم سلمة، رضي الله عنها، التي كانت برأيها السديد النضيج سببا في إنقاذ جيل الصحابة، خير الناس ومحل الاتباع، من الهلكة في صلح الحديبية، وكانت محل شورى النبوة المؤيدة بالوحي، المسددة به؟!
لقد سمى الله صـلح الحديبية بالفتـح المبـين، وكانت السيدة الفاضلة أم سلمة، رضي الله عنها، بحسب الأسباب والمسببات، هي الشخصية التي
[ ص: 19 ] استوعبت الموقف، وتميزت عن جميع الصحابة في إيجاد المخرج واقتراح سبيل الخروج من المأزق.
أين المرأة المسلمة اليوم من مقاربة شخصية السيدة عائشة، رضي الله عنها، بكل ما كان من علمها وفقهها وحضورها الاجتماعي والسياسي والعلمي، حيث استدركت الكثير من الأحاديث النبوية والقضايا الفقهية على كبار الصحابة، رضي الله عنهم، ومؤلف "الإفادة بما استدركته السيدة عائشة على الصحابة"، الذي حققه سعيد الأفغاني يدلل على مكانتها العلمية، ودقة فهمها، وحدة ذكائها، وعظيم عطائها، وحضورها المتميز.
أين المرأة المسلمة اليوم وأين نحن من شخصية السيدة أم هانئ، رضي الله عنها، وموقع المرأة الاجتماعي وفعلها السياسي، حيث كان بيتها ملاذا آمنا لكل مستجير وملتجأ يوم فتح مكة؟!
أين نحـن من قـولة الرسـول صلى الله عليه وسلم ، الخالـدة:
( قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ ) (أخرجه البخاري) ، فبيت أم هانئ أصبح ملاذا آمنا في مستوى الحرم، كحال المسجد الحرام، الذي يأمن كل من دخله؟!
أين موقع المرأة ودورها ومنزلتها من هذه النخب والنماذج والأمثلة ومواقع الاقتداء؟!
وكم سنشعر بفجوة التخلف وعظيم الارتكاس والحال التي انتهت إليها المرأة المسلمة اليوم إذا علمنا أن الإسلام حرر المرأة واعترف بأهليتها وإنسانيتها قبل أربعة عشر قرنا.
[ ص: 20 ]
فإذا وضعنا ذلك ضمن سياقه التاريخي، وأن هذه النماذج تشكلت في فترة الاقتداء وجيل خير الناس، حيث العالم يغرق في الجاهلية واستمرار الطروحات البائسة حول مكانة المرأة وطرح الأسئلة العجيبة الغريبة عن طبيعتها -كما أسلفنا- هل هي إنسان؟ هل هي أكثر كيدا أم الشيطان؟ هل هي أفضل أم الكلب العقور؟!... أدركنا كيف حرر الإسلام المرأة، وكيف تحاول الحضارة الحديثة اليوم باسم الحرية والخيار الشخصي والخصوصية الفردية العودة بها إلى انتهاك آدميتها وتعرية جسدها وتقديمها كسلعة ترويج تجارية على منصات العرض والتسوق والأزياء، واختزال عمرها في عشر سنوات أو أكثر قليلا، وهي سنوات الشباب، واستغلال جسدها ومن ثم تلقى كسقط المتاع تمضغ جراحها وتجتر أحزانها، أو تنتهي إلى المصحات والمؤسسات الاجتماعية إن ساعدها الحظ على العثور عليها.
لقد هدمت الحضارة الحديثة، حضارة اللذة والمنفعة وإشاعة مجتمع الإباحية الجنسية، مؤسسة الزواج وقوضت أركان الأسرة، فارتفعت نسب الطلاق حتى في عالم المسلمـين، الذي ما يزال يعيـش على بقايا قيم الدين، ولم تستطع الأسرة المعاصرة الصمود والامتداد، حيث تتوازى وتتقارب اليوم حالات الطلاق مع عقود الزواج؛ والأمر الأخطر أن الحضارة المعاصرة تحاول إيجاد البدائل والإغراء بها، من السماح بإقامة العلاقات الجنسية خارج نطاق الأسرة والدعوة للقبول بها وتقنين الشذوذ الجنسي وزواج المثليين والمثليات، والاعتراف به وبقانونيته وحمايته، وأصبح التحرر يعني التحلل من كل قيمة وفضيلة وخلق، وأصبحت درجة حضارة المجتمع تقاس بمدى التعري والخروج
[ ص: 21 ] على القيم والمبادئ الخلقية، فإذا لم تتعر المرأة وتتحول إلى سلعة مطلوبة وتوافق على أن تعرض جسدها على منصات عروض الأزياء فالمجتمع في حالة تخلف وظلامية وتشدد وتزمت!
وأعتقد أن ذلك هو رد الفعل الذي يكاد يكون طبيعيا لحرمان المرأة من إنسانيتها وحقوقها وسلب كرامتها باسم الحفاظ عليها، وإيهامها أن الذي يمارس عليها هو دين الله المنزل وليس التقاليد الجاهلية، الأمر الذي دفعها للتمرد والخروج ومعاداة كل دين وفضيلة.
والكتاب الذي نقدمه يكتسب أهمية خاصة بعد هذه الفوضى والانحراف في العلاقات الاجتماعية وبعد هذا الغيـاب الرعيب للمرأة المسلمة عن الحضور المؤثر والمثير للاقتداء في الحياة الإسـلامية والإنسانية وما باتت تعانيه من الانكسار النفسي واستشعار البخس والنقص والتبعية وغياب الشخصية الاستقـلالية، التي رسمها الإسلام للمرأة، والدور المتميز لأدائها وفعلها في مجتمع المسلمين.
ولا شك أننا بذلنا جهودا كبيرة في الدفاع عن المرأة وبيان منـزلتها وحقوقها في الإسلام، ورابطنا على حدودنا الحضارية التاريخية في مواجهة المد الطاغي من (الآخر)، لكن هذا الفكر الدفاعي على أهميته استغرق كل طاقاتنا، التي لم تترك لنا مجالا أن نلتفت إلى أهمية بناء شخصية المرأة التي ندافع عنها وتشكيلها حسب صبغة الله التي فطر الناس عليها، ونقدمها كأنموذج للمرأة في الإسلام، فعدنا فلم نجد المرأة التي دافعنا عنها؛ لقـد سلبنا أبناءنا وبناتنا ونحن ما نزال مستمرين بقرع طبول الحرب الجوفاء على الحدود!
[ ص: 22 ]
ولعلنا نقول هنا: إن سوء تقديرنا وسوء تعاملنا وتعظيم أوهامنا وعدم إعطاء المرأة ما أعطاها الله كانت السبب وراء الواقع البئيس وهروبها من صور التدين المغشوش والالتحاق بــ(الآخر)؛ ولعل من أهم المخاطر حرمان المرأة من العلم والتعليم والحضور الاجتماعي وممارسة الحقوق التي شرعها الله، باسم درء الفتنة وسد الذريعة، الأمر الذي جعل الأخريات يخرجن للتعليم والتعلم والعمل وبناء المهارات.
وعندما فكرنا بالمرأة ودورها وأهمية إعادة بناء شخصيتها وعدنا إلى الحياة العملية شعرنا بحجم الهزيمـة وأن المرأة في مجتمعـاتنا أصبحـت مسبوقة، وأن نماذج الاقتداء في المجتمع والحياة هن ممن خرجن على صور التدين ودخلن في معظم المجالات.
لذلك يبقى المطلوب حقيقة، حيث لم يفت الأوان بعد، التفكير الجدي بإعطاء المرأة ما أعطاها الله، بعيدا عن التقاليد الجاهلية والقبلية والاجتماعية، وتقديم نماذج للاقتداء من تاريخنا الحضاري، والعودة إلى تعاليم الدين وقيمه بعيدا عن فهوم واجتهادات التخلف والتراجع الحضاري، حتى نكون في مستوى إسلامنا، الأمر الذي سوف يحقق لنا أن نكون في مستـوى عصرنا، فإذا لم نحقق شهادة النبوة علينا، وفي جملتها إعطاء المرأة ما أعطاها الله ورسوله، فسوف نبقى عاجزين عن تحقيق الشهادة على الناس وقيادتهم إلى الخير، مهما ارتفعت شعاراتنا وعلت أصواتنا وازداد ضجيجنا وسمكت
[ ص: 23 ] حناجرنا، يقول تعالى:
( ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس ) (الحج:78).
ونعاود التأكد أن المرأة في ديننا تعلمت وعلمت، وجاهدت، وهاجرت، وبايعـت، وناصـرت، وأمرت بالمعروف، واستدركت على الرجال، وبلغ بها الإسلام شأوا عظيما لم تبلغ ذلك المـرأة في أي حضارة أخرى، وما عرض له الكتاب في تقديم نماذج عن دور المرأة النخبوي خـير شـاهد ودليل، فهل ما تزال تحكمنا عقلية: "أيعطينا الله ويمنعنا الناس" فنقدم الاجتهاد وفهم الشارح المتخلف على نص الشارع وتطبيقه في فترة النبوة؟!.
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
[ ص: 24 ]