2- أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث
>[1] :
هي ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية أخت أم الفضل لبابة. كان اسمـها برة فسمـاها النبي صلى الله عليه وسلم ميمـونة. وكانت قبل النبي صلى الله عليه وسلم عند أبي رهم ابن عبد العزى بن عبد ود بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري. وقيل عند سخبرة بن أبي رهم المذكور. وقيل عند حـويطب بن عبد العزى. وقيل عند فروة أخيـه. وتزوجـها رسـول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة سنة سبع لما اعتمر عمرة القضية. وكانت آخر امرأة تزوجها، يعني ممن دخل بها. وعن محمد بن عبد الرحمن عن عمرة قال: قيل لها: إن ميمونة وهبت نفسها. فقالت: تزوجها رسول الله على مهر خمسمائة درهم وولي نكاحه إياها العباس. وثمة اختلاف شديد حول تاريخ وفاتها، فقيل: إن وفاة ميمونة كان سنة إحدى وخمسين. وقيل: سنة إحدى وستين.
لقد تميزت أم المؤمنين ميمونة بمكانة متميزة كما تصفها السيدة عائشة، رضي الله عنهن، فعن يزيد بن الأصم قال: تلقيت عائشة وهي مقبلة من مكة أنا وابن طلحة من أختها، وقد كنا وقعنا على حائط من حيطان المدينة، فأصبنا منه فبلغها ذلك. فأقبلت على ابن أختها تلومه. ثم أقبلت علي فوعظتني موعظة بليغة. ثم قالت: أما علمت أن الله ساقك، حتى جعلك في بيت من بيوت نبيه؟
[ ص: 123 ] ذهبت والله ميمونة، ورمى بحبلك على غاربك. أما أنها كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم.
روى عن أم المؤمنين عدد من الصحابة، روى عنها ابن عباس ابن أختها، وابن أختها الثاني عبد الله بن شـداد بن الهـاد، وابن أختها الثالث عبد الرحمن ابن السائب، وابن أختها الرابع يزيد بن الأصم، وعبيد بن السباق، وكريب مولى ابن عباس (وكان يدخل على أمهات المؤمنين)، ومولاها سليمان بن يسار، وعطاء ابن يسار، وعمران بن حذيفة، ومولاتها ندبة، والعالية بنت سبيع، وأم منبوذ.
تتنوع مرويات أم المؤمنين أم ميمونة في مختلف المجالات.
روي عنها في أبواب الطهارة: في كيفية الغسل من الجنابة، وفي وضوء النبي صلى الله عليه وسلم بفضل غسل نسائه، مباشرة الحائض وهي مؤتزرة، قراءة القرآن في حجر الحائض، الصلاة بعد الأكل بدون وضوء.
وفي أبوب الصلاة: روي عنها في فضل الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي سجود النبي صلى الله عليه وسلم ..
وفي الجنائز: في الميت يصلي عليه أمة من الناس.. وروت في الصيام: في صيام النبي صلى الله عليه وسلم في عرفة.
وروي عنها في الملائـكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة، وفي رقية النبي صلى الله عليه وسلم ، كما روي عنها في العتق.. ولعل أبرز حكم ارتبط باسم ميمونة، رضي الله عنها، هو تزويج المحرم، فقـد تضاربت الروايات في قصة تزويج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة، هل كان حلالا أم محرما؟
>[2] .
[ ص: 124 ] - موقع أم المؤمنين ميمونة في الوسط النخبوي:
ويبرز موقع أم المؤمنين ميمونة في دورها في رواية الحديث حيث تعد من حيث ترتيب عدد مرويات الصحابيات الراوية الرابعة حيث بلغت عدد رواياتها (76) حديثا. وهذه الثروة الحديثية يفترض أن نجد أثرها في الإنتاج الفكري الذي بني فيما بعد على التراث السني الذي خلفه الصحابة. فتكون ميمونة، رضي الله عنها، بذلك قد شاركت في صنع الفكر النخبوي الأول للصحابة. ولم تزد المصادر على إثرائنا بموقعها النخبوي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من ذكر مروياتها الحديثية، على الرغم من أنها توفيت في عام 65هـ على الأرجح بعد السيدة عائشة، فالمهم أنها عمرت في حياة السيدة عائشة، ولم تصلنا إسهاماتها في المجالات الأخرى.