المطلب الأول: نظرة تحليلية لشخصية عائشة قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم :
المولد والنشأة: /14
لقد تضافرت عوامل عديدة في تكوين شخصية عائشة، رضي الله عنها، فلقد ولدت عائشة بنت أبي بكر الصديق
>[1] ، رضي الله عنهما، في أول السنة الرابعة من البعثة النبوية. وقيل: السنة الخامسة، وهو ما يقارب سنة 615 ميلادية. وبقيت عند النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين، ومات وهي بنت ثماني عشرة سنة. توفيت زمن معـاوية، ليلة الثلاثاء 17 من رمضـان سنة سبع وخمسين، وقيل: ثمان وخمسين. وتوفيت وهي ابنة 66 سنة
>[2] .
وقد كنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة بأم عبد الله، وهو ابن أختها بطلب منها. فقد روى عروة عنها أنها قالت: "كل صواحبي لهن كنى، قال: فاكتني بابنك عبد الله". كما أطلق عليها ألقابا أخرى: "يا عائش، يا موفقة، وكثيرا ما ناداها: يا بنت الصديق، ويا بنت أبي بكر"
>[3] .
[ ص: 183 ]
وهي من قوم بني تيم مضرب المثل في البر بنسائهم، والترفق بهن، وحسن معاملتهن
>[4] . وهذه الميزة لم تحظ بها كل نساء ذلك العصر، فلقد عرف وضع المرأة في العصر الجاهلي بالدناءة والانحطاط، حتى جاء الإسلام فغيره جذريا. فإذا كانت عائشة، بوصفها من قبيلة تيم، من خيار الناس قبل الإسلام فماذا بعد الإسلام، وأبوها أبو بكر غني عن التعريف
>[5] ، وأمها أم رومان فهي من الصحابيات الجليلات، قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم :
( من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين فلينظر إلى أم رومان ) >[6] .
وإلى جـانب الظروف المادية الميسورة فإن فطرتها لم تدنس بالشرك، كما تروي هي عن نفسها: "لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين"
>[7] .. إذن
[ ص: 184 ] فطريقة تفكيرها ستختلف عن غيرها؛ لأنها لم تحمل خلفيات عقدية فاسدة، قد تعكر عليها بعض نتائج تحليلاتها.