المسألة الثانية: رعاية الأملاك الخاصة:
أكد الجويني على ضرورة احترام الأملاك الخاصة، وبين حرمة التعدي عليها والنيل منها؛ لما في التعدي عليها من تعد على الإنسان نفسه. والعبارات التي أحيل إليها في هذا الخصوص قوله: "فالأملاك محترمة كحرمة ملاكها". وقوله: "الملاك مختصون بأملاكهم، لا يزاحم أحد مالكا في ملكه من غير حق مستحق". وقوله: "الأمر الذي لا شك فيه: تحريم التسالب والتغالب ومد الأيدي إلى أموال الناس من غير استحقاق"
>[1] .
يرشد لتأكيد الجويني على حرمة التعدي على الأملاك الخاصة، وضرورة احترامها، إنكاره الشديد على من قال بجواز مصادرة الأموال؛ تعزيرا للمسرفين، وعقوبة للمعتدين، معتبرا أن مثل هذا المسلك لا يتوافق مع سنن الشرع، بل هو تعد سافر عليه، وتشريع بما لم يأذن به الله.
[ ص: 135 ]
ومن هذا القبيل، تحذيره ولاة الأمور من أخذ أموال الناس لتحقيق مآرب شخصية؛ إذ في هذا المسلك تعد على أموال الناس، وانتهاك فاضح لحدود الله، وعبارته الناصعة في ذلك: "فلست أرى للإمام أن يمد يده إلى أموال أهل الإسلام؛ ليبتني في كل ناحية حرزا، ويقتني ذخيرة وكنزا". ومما له دلالة في هذا السياق، أن الجويني مع مخالفته لمذهب القائلين بأن ما يأخذه الإمام من الأموال لسد حاجات بيت المال، إنما يكون على سبيل الاقتراض، يعود ليقرر ما يفيد تراجعه عن هذا الرأي؛ صيانة لأموال الناس، واحتراما لها
>[2] .