المشهد الثاني: هو إصلاح حال نظم التربية في البلاد العربية (مشهد الإصلاح):
الواقع أن هناك جهودا ستبذل لإصلاح نظم التربية في البلاد العربية ستتم هنا وهناك، ولكن ليست هذه هي المقصودة؛ لأنها استنفدت مقاصدها، ولم تعد مجدية لمواجهة تيار العولمة الكاسح، وإنما يتوقع تكون حركة إصلاح حقيقية، سواء على المستوى القطري، أو على المستوى الإقليمي المشترك، إذ نتيجة لتدهور نظم التربية العربية من ناحية، والتحديات المستقبـلية الجسيمـة التي ستواجهها من ناحية ثانية، والأهمية المتعاظمـة لدور التربية في النهضـة القـادمة، فمن المتوقع أن تتكثف جهود إصلاح نظم التربية في البلاد العربية، الرسمية منها والشعبية، والقطرية منها والإقليمية.
فعلى المستوى القطري يحتمل أن تظهر استراتيجيات شاملة لتطوير كل نظم التعليم في كل دولة عربية، أو على الأقل معظمها في إطار نهج استراتيجي واسع يجمع أشكال التربية المدرسية النظامية وغير النظامية، والتربية اللامدرسية، مسنودا بجهود قطاعات المجتمع العامة والخاصة والأهلية، ومدفوعا بدعم منظمات المجتمع المدني؛ الأمر الذي سيؤدي إلى تولي نظم التربية العربية زمام المبادرة لإحداث إصلاحات حقيقية، بما يمكنها [ ص: 177 ] من الاستجابة لاحتياجات أفراد المجتمع والتنمية وسوق العمل. ويتوقع أن ينجم عن ذلك البدء بتقليل ارتباط نظم التربية العربية بالخارج، والبدء بتقليص هيمنة الدول الكبرى على نظم التربية ونظم المجتمع الأخرى، عندها سوف تتراجع آليات عولمة التربية العربية وتتقلص آليات فعلها.
وعلى الصعيد الإقليمي، وحتى تتعزز مسيرة نظم التربية العربية، وتتجذر في واقع المجتمعات العربية، يتوقع أن يوجد تنسيق حقيقي وتعاون فعال بين البلاد العربية ليس لدعم الاستراتيجيات القطرية لتطوير نظم التربية فحسب، وإنما أيضا لدعم جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية؛ حتى تكون سندا يقوي حركة إصلاح نظم التربية، ويمكنها من مواجهة ظاهرة العولمة وتحجيم آليات فعلها، عندها سوف تقل هيمنة العولمة على نظم التربية العربية، وستتراجع أعمدة نشرها في البلاد العربية، ولكن دون إيقافها تماما.
التالي
السابق