- من مظاهر بلاغة النص الحديثي:
- أسلوب التأكيد:
قال صاحب كتاب "الطراز": "اعلم أن التأكيد تمكين الشيء في النفس وتقوية أمره، وفائدته إزالة الشكوك وإماطة الشبهات عما أنت بصدده، وهو دقيق المأخذ كثير الفوائد، وله مجريان:
- المجرى الأول عام، وهو ما يتعلق بالمعاني الإعرابية، وينقسم إلى لفظي ومعنوي...
- والمجرى الثاني خاص يتعلق بعلوم البيان، ويقال التكرير أيضا"
>[1] .
وما من نص من نصوص الحديث النبوي إلا وفيه تأكيد لفكرة أو مبدأ أو قاعدة من القواعد بأداة من أدوات التأكيد؛ وذلك لأن الاهتمام بمخاطبة الناس، وانفعال المتكلم بالمعنى الذي يبلغه، يستوجب ضربا من التأكيد، وتطرأ مواقف يلجأ فيها المتكلم إلى إشباع المعنى وتوكيده وتكريره، دون الخروج عن جادة الاختصار والإيجاز. ويتخذ التأكيد في نصوص الحديث ألوانا وأضربا، وذلك بحسب حالة المخاطب في خلو الذهن أو الاستشراف والطلب، أو الشك، أو الإنكار... ويدل ذلك على أن الحديث نص لغوي يلفظه قائل، هو النبي صلى الله عليه وسلم ، ويوجه إلى مخاطب، في ظروف معينة، /14 هي "أسباب ورود الحديث"، فتكون مراعاة المتكلم للمخاطب وسياق القول
[ ص: 102 ] من باب مطابقة المقال لمقتضى الحال؛ إذ يخبر كل شخص بما هو الأفضل في حقه، وما يتنـزل منزلة الدواء الأصلح له
>[2] ، أو لأن نزول الأحكام مفترقة أيسر على المكلف من أن تكون جملة واحدة، وهو من اللطف بالعباد، أو لأن في دوام تعمير الأوقات بالأخبار المتعلقة بأمور الدين وبشائره وأحكامه، تنشيطا للنفوس وإظهارا للرحمة بها ودليلا على العناية بها.
وللتأكيد أدوات منها: التاكيد بالجملة البسيطة، وبتكرير اللفظ، وبالحروف مثل "إن" و"نون التوكيد" وأدوات القصر، وبأسلوب القسم، وغيرها...: